الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْخَبَرُ الْمُسْتَفِيضُ، أَيِ الْمَشْهُورُ: مَا زَادَ نَقْلَتُهُ، أَيْ رُوَاتُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ.
[حصول الْعِلْم بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ]
ش - ذَكَرَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ سِتَّ مَسَائِلَ: الْأُولَى: خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ قَرِينَةٌ أَوْ لَا.
فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ لِلتَّعْرِيفِ، كَمُوَافَقَتِهِ لِلدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ، أَوْ خَبَرِ الصَّادِقِ عليه السلام. أَوْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ لِغَيْرِ التَّعْرِيفِ، كَالْأَمَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ الْخَبَرِ، مِثْلَ الْبُكَاءِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ وَالتَّفَجُّعِ. فَالْخَبَرُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ قَرِينَةٌ لِلتَّعْرِيفِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ بِصِدْقِهِ ; فَإِنَّ الْمُفِيدَ لِلْعِلْمِ بِصِدْقِهِ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ الَّذِيَ يَقْتَضِي الْعِلْمَ بِمُتَعَلِّقِ الْخَبَرِ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي يَكُونُ مَعَهُ قَرِينَةٌ لِغَيْرِ التَّعْرِيفِ، فَقَدْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
وَقِيلَ: كَمَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرٍ مَعَ الْقَرِينَةِ، يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ أَيْضًا. وَقَالَ أَحْمَدُ: وَيَطَّرِدُ، أَيْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِ كُلِّ عَدْلٍ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ قَرِينَةٌ أَوْ لَا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْأَكْثَرُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ لَا بِقَرِينَةٍ وَلَا بِغَيْرِ قَرِينَةٍ.
ش - احْتَجَّ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ. وَثَانِيًا عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ بِالْقَرِينَةِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ، لَكَانَ الْعِلْمُ عَادِيًّا ; إِذِ الْعَقْلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِإِدْرَاكِ مَا لِأَجْلِهِ أَفَادَ ذَلِكَ الْخَبَرُ الْعِلْمَ. وَلَوْ كَانَ عَادِيًّا لَكَانَ مُطَّرِدًا، أَيْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِ كُلِّ عَدْلٍ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ بِحُصُولِ الْعِلْمِ بِالْعَادَةِ الَّذِي هُوَ خَبَرُ الْعَدْلِ، مُتَحَقِّقٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فِي خَبَرِ كُلِّ عَدْلٍ، فَيَلْزَمُ مِنَ الشَّرْطِيَّتَيْنِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ لَوْ كَانَ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ لَحَصَلَ الْعِلْمُ بِخَبَرِ كُلِّ عَدْلٍ. وَالتَّالِي ظَاهِرُ الْفَسَادِ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
الثَّانِي: أَنَّ خَبَرَهُ لَوْ كَانَ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ لَزِمَ تَنَاقُضَ الْمَعْلُومِينَ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ عَنْ شَيْءٍ وَآخَرُ عَنْ نَقِيضِهِ، يَلْزَمُ الْعِلْمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّقِيضَيْنِ.
الثَّالِثُ: لَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ لَوَجَبَ تَخْطِئَةُ مُخَالِفِهِ ; بِوُجُوبِ تَخْطِئَةِ مُخَالِفِ الْيَقِينِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي - وَهُوَ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِ بِالْقَرِينَةِ - ; فَلِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ مَلِكٌ بِمَوْتِ وَلَدِهِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ صُرَاخٍ، أَيْ صَوْتٍ، وَجِنَازَةٍ، وَانْتِهَاكِ حَرِيمٍ وَنَحْوِهِ، كَخُرُوجِ نِسَائِهِ عَلَى أَحْوَالٍ مُسْتَقْبَحَةٍ مُعْتَادَةٍ فِي مَوْتِ مِثْلِهِ، لَقَطَعْنَا بِصِحَّةِ خَبَرِهِ.
وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْعِلْمَ حَصَلَ بِالْقَرَائِنِ لَا بِخَبَرِ الْمَلِكِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَوْلَا الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ، لَجَوَّزْنَا مَوْتَ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ وَلَدِهِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ هَذِهِ الْقَرَائِنِ. فَعُلِمَ أَنَّ الْمُفِيدَ لِلْعِلْمِ هُوَ الْخَبَرُ مَعَ الْقَرَائِنِ.
ش - هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: الْأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْتُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ، قَائِمَةٍ بِعَيْنِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ مَعَ الْقَرِينَةِ. أَجَابَ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الثَّلَاثَةَ هَهُنَا مُنْتَفِيَةٌ.
أَمَّا انْتِفَاءُ الْأَوَّلِ ; فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ مَعَ الْقَرِينَةِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ. وَذَلِكَ لِأَنَّ خَبَرَ كُلِّ عَدْلٍ مَعَ الْقَرِينَةِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ. وَأَمَّا انْتِفَاءُ الثَّانِي، فَلِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ مَمْنُوعَةٌ ; لِأَنَّهُ إِذَا حَصَلَ خَبَرُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ مَعَ الْقَرِينَةِ يَسْتَحِيلُ حُصُولُ مِثْلِ ذَلِكَ الْخَبَرِ فِي نَقِيضِهِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ ; فَلِأَنَّ انْتِفَاءَ التَّالِي مَمْنُوعٌ ; لِأَنَّا نَحْكُمُ بِوُجُوبِ تَخْطِئَةِ الْمُخَالِفِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ قَرِينَةٌ أَوْ لَا، مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ، قَالُوا: لَوْ لَمْ يُفِدْ خَبَرُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ الْعِلْمَ، لَمَّا جَازَ اتِّبَاعُهُ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ ; فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفِدِ الْعِلْمَ، فَلَا يَخْلُوا إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلظَّنِّ أَمْ لَا. فَإِنْ لَمْ يُفِدِ الظَّنَّ لَمْ يَجُزِ اتِّبَاعُهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِنْ أَفَادَ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا اتِّبَاعُهُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ.
وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: 116] فَنَهَى فِي الْآيَةِ الْأُولَى عَنِ اتِّبَاعِ مَا لَيْسَ بِمَعْلُومٍ. وَذَمَّ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مُتَابَعَةِ الظَّنِّ.
أَجَابَ أَوَّلًا بِمَنْعِ انْتِفَاءِ التَّالِي. فَإِنَّا لَا نَتَّبِعُ خَبَرَ الْوَاحِدِ، بَلِ الْمُتَّبَعُ الْإِجْمَاعُ الدَّالُّ عَلَى كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً، وَهُوَ قَطْعِيٌّ. قِيلَ عَلَيْهِ: إِنَّ اتِّبَاعَ الْإِجْمَاعِ فِي كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، لَمْ يُوجِبْ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ فَإِنْ كَانَ مُفِيدًا بِدُونِ الْإِجْمَاعِ فَالْجَوَابُ لَمْ يَدْفَعْ مَا تَمَسَّكَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ لَمْ يَجُزِ اتِّبَاعُهُ، فَثَبَتَ الْمُلَازَمَةُ.
وَفِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَمْنَعِ الْمُلَازَمَةَ، بَلْ مَنَعَ انْتِفَاءَ التَّالِي.
وَانْتَفَى الثَّانِي ; لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ حُصُولُ مِثْلِهِ فِي النَّقِيضِ. وَانْتَفَى الثَّالِثُ ; لِأَنَّا نُخَطِّئُ الْمُخَالِفَ لَوْ وَقَعَ.
ص - قَالُوا: [قَالَ اللَّهُ تَعَالَى -:] وَلَا تَقْفُ، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ. فَنَهَى وَذَمَّ، فَدَلَّ [عَلَى] أَنَّهُ مَمْنُوعٌ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُتَّبَعَ الْإِجْمَاعُ. وَبِأَنَّهُ مُؤَوَّلٌ فِيمَا الْمَطْلُوبُ فِيهِ الْعِلْمُ مِنَ الدِّينِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : إِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِحَضْرَتِهِ عليه السلام وَلَمْ يُنْكِرْهُ - لَمْ يَدُلَّ عَلَى صِدْقِهِ قَطْعًا.
لَنَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَا سَمِعَهُ، أَوْ مَا فَهِمَهُ، أَوْ كَانَ [قَدْ] بَيَّنَهُ، أَوْ رَأَى تَأْخِيرَهُ، أَوْ مَا عَلِمَهُ، أَوْ [صَغَّرَهُ] .
ص - (مَسْأَلَةٌ) : إِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِحَضْرَةِ خَلْقٍ كَثِيرٍ وَلَمْ يُكَذِّبُوهُ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ [كَذِبًا]- لَعَلِمُوهُ، وَلَا حَامِلَ عَلَى السُّكُوتِ، فَهُوَ صَادِقٌ قَطْعًا لِلْعَادَةِ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : إِذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيمَا يَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، وَقَدْ شَارَكَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، كَمَا لَوِ انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِقَتْلِ خَطِيبٍ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي مَدِينَةٍ - فَهُوَ كَاذِبٌ قَطْعًا.
خِلَافًا لِلشِّيعَةِ. لَنَا: الْعِلْمُ عَادَةً. وَلِذَلِكَ نَقْطَعُ بِكَذِبِ مَنِ ادَّعَى أَنَّ الْقُرْآنَ عُورِضَ.
ص - قَالُوا: الْحَوَامِلُ الْمُقَدَّرَةُ كَثِيرَةٌ. وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْقُلِ النَّصَارَى كَلَامَ الْمَسِيحِ فِي الْمَهْدِ.
وَنُقِلَ انْشِقَاقُ الْقَمَرِ، وَتَسْبِيحُ الْحَصَى، وَحَنِينُ الْجِذْعِ، وَتَسْلِيمُ الْغَزَالَةِ، وَإِفْرَادُ الْإِقَامَةِ، وَإِفْرَادُ الْحَجِّ، وَتَرْكُ الْبَسْمَلَةِ، آحَادًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَ عِيسَى عليه السلام إِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ خَلْقٍ - فَقَدْ نُقِلَ قَطْعًا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَاسْتُغْنِيَ عَنِ الِاسْتِمْرَارِ بِالْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ أَشْهَرُهَا. وَأَمَّا الْفُرُوعُ - فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .