الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
التَّوَقُّفِ. وَاسْتَفْسَرَ بِأَنْ قَالَ: إِنْ أَرَادَ الْوَاقِفُ بِالتَّوَقُّفِ عَنِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَنِ
الْحُكْمِ
بِكَوْنِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ مَحْظُورَةً أَوْ مُبَاحَةً لِتَعَارُضِ أَدِلَّةِ أَصْحَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَفَاسِدٌ ; إِذْ قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهَا، فَلَا تَعَارُضَ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ وَقَفَ لِتَوَقُّفِ الْحُكْمِ بِالْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى وُرُودِ الشَّرْعِ، فَذَلِكَ حَقٌّ.
[الْحُكْمُ]
[أقسام الحكم]
ش - الْأَصْلُ الثَّانِي فِي الْحُكْمِ. وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً. أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ وَأَقْسَامِهِ.
قِيلَ فِي تَعْرِيفِهِ: إِنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. وَالْخِطَابُ مَصْدَرٌ، مَعْنَاهُ تَوْجِيهُ مَا أَفَادَ فِي الِاصْطِلَاحِ نَحْوَ الْحَاضِرِ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِ. وَأُرِيدَ بِهِ هَهُنَا مَا وَقَعَ بِهِ الْخِطَابُ -، وَهُوَ مَا يُقْصَدُ بِهِ إِفْهَامُ مَنْ هُوَ مُتَهَيِّئٌ لِلْفَهْمِ.
ص - الْحُكْمُ قِيلَ خِطَابُ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ. فَوَرَدَ مِثْلُ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ فَزِيدَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ. فَوَرَدَ كَوْنُ الشَّيْءِ دَلِيلًا وَسَبَبًا وَشَرْطًا. فَزِيدَ أَوِ الْوَضْعِ، فَاسْتَقَامَ.
وَقِيلَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ. وَقِيلَ لَيْسَ بِحُكْمٍ.
ص - وَقِيلَ: الْحُكْمُ: خِطَابُ الشَّارِعِ بِفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَخْتَصُّ بِهِ، أَيْ لَا تُفْهَمُ إِلَّا مِنْهُ لِأَنَّهُ إِنْشَاءٌ فَلَا خَارِجَ لَهُ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَقَوْلُهُ: " الْخِطَابُ " كَالْجِنْسِ لِلْحُكْمِ، يَتَنَاوَلُ خِطَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَخِطَابَ الْمَلِكِ وَالْبَشَرِ. وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، خَرَجَ عَنْهُ خِطَابُ غَيْرِهِ.
وَبِقَوْلِهِ: " الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ " خَرَجَ مِثْلُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] . فَإِنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ.
وَقَدْ وَرَدَ عَلَى اطِّرَادِ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ مِثْلُ: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] ; فَإِنَّهُ يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَلَيْسَ بِحُكْمٍ.
فَزِيدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ قَوْلُنَا: " بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ " فَخَرَجَ عَنْهُ مِثْلُ: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ; فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ خِطَابَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، لَكِنْ لَا بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ ; فَإِنَّهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ طَلَبُ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ مِنَ الْمُكَلَّفِ أَوْ تَخْيِيرُهُ فِي فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ.
فَوَرَدَ بِسَبَبِ ازْدِيَادِ قَيْدِ الِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ عَلَى عَكْسِ الْحَدِّ كَوْنُ الشَّيْءِ دَلِيلًا، كَدُلُوكِ الشَّمْسِ لِلصَّلَاةِ، وَسَبَبًا، كَالزِّنَا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، أَوْ شَرْطًا، كَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا أَحْكَامٌ وَلَا يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا اقْتِضَاءٌ وَلَا تَخْيِيرٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْتَزَمَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ اخْتِلَالَ هَذَا التَّعْرِيفِ لِكَوْنِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَحْكَامًا لَا تَرْجِعُ إِلَى الِاقْتِضَاءِ وَالتَّخْيِيرِ، فَزَادَ عَلَى التَّعْرِيفِ لِفَظَّةَ:" أَوِ الْوَضْعِ " فَاسْتَقَامَ التَّعْرِيفُ طَرْدًا وَعَكْسًا ; لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ حِينَئِذٍ مَا خَرَجَ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْقَيْدِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ الدُّلُوكَ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَالزِّنَا سَبَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَالْوُضُوءَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، كَانَ كُلُّهَا بِوَضْعِهِ تَعَالَى، فَيَدْخُلُ جَمِيعُ ذَلِكَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ وَضْعِيًّا تَحْتَ الْحُكْمِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْحَدُّ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ ; لِأَنَّ بَعْضَ الْأَحْكَامِ - وَهُوَ الْأَحْكَامُ الثَّابِتَةُ بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ - خَارِجٌ عَنْهُ ; ضَرُورَةَ كَوْنِ الْأَوَّلِ خِطَابَ الرَّسُولِ، وَالثَّانِي خِطَابَ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَالثَّالِثِ خِطَابَ الْقَائِسِ.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلْحُكْمِ، بَلْ مُعَرِّفَاتٌ لِلْأَحْكَامِ، وَالْأَحْكَامُ ثَابِتَةٌ قَبْلَهَا ; لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَمَنَعَ الْآخَرُونَ اخْتِلَالَ التَّعْرِيفِ بِدُونِ قَيْدِ الْوَضْعِ، وَقَالُوا: لَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا الْقَيْدِ فِي اسْتِقَامَةِ التَّعْرِيفِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَذَهَبَ فَرِقْةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ مَا هُوَ مِنْ بَابِ الْوَضْعِ أَحْكَامٌ رَاجِعَةٌ إِلَى الِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ كَوْنَ الدُّلُوكِ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ، وَكَوْنَ الزِّنَا سَبَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، رَاجِعَانِ إِلَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ مِنَ الِاقْتِضَاءِ. وَكَوْنَ الْوُضُوءِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، رَاجِعٌ إِلَى الْإِبَاحَةِ، وَهُوَ التَّخْيِيرُ. فَلَا حَاجَةَ إِلَى قَيْدِ الْوَضْعِ.
وَذَهَبَ طَائِفَةٌ أُخْرَى إِلَى أَنَّ مَا هُوَ مِنْ بَابِ الْوَضْعِ لَيْسَتْ بِأَحْكَامٍ بَلْ عَلَامَاتٌ لَهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى مِنْ كَوْنِ [الدُّلُوكِ] دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ، أَنَّ وُجُوبَ الصَّلَاةِ يَظْهَرُ عِنْدَ دُلُوكِ الشَّمْسِ. وَكَذَا سَبَبِيَّةُ الزِّنَا وَشَرْطِيَّةُ الْوُضُوءِ.
وَإِذَا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ أَحْكَامًا، فَلَوْ قُيِّدَ الْحَدُّ بِالْوَضْعِ لَدَخَلَتْ تَحْتَ الْحُكْمِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْحَدِّ: ضَرُورَةَ دُخُولِ مَا لَيْسَ مِنَ الْمَحْدُودِ فِيهِ.
ش - اعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الْأُصُولِيِّينَ ذَكَرَ لِلْحُكْمِ تَعْرِيفًا آخَرَ، وَهُوَ: أَنَّهُ خِطَابُ الشَّارِعِ بِفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ.
فَقَوْلُهُ: " خِطَابٌ " كَالْجِنْسِ. وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى الشَّارِعِ خَرَجَ خِطَابُ غَيْرِهِ. وَالْفَائِدَةُ هِيَ مَا يَكُونُ الشَّيْءُ بِهِ أَحْسَنَ حَالًا. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: " بِفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ " الْخِطَابُ الَّذِي يُفِيدُ فَائِدَةً عَقْلِيَّةً أَوْ حِسِّيَّةً، كَالْإِخْبَارِ عَنِ الْمَعْقُولَاتِ أَوِ الْمَحْسُوسَاتِ.
وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِالْفَائِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُتَعَلِّقَ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، لَزِمَ الدَّوْرُ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَوَقَّفُ تَعْرِيفُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَى مُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَمُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ يَتَوَقَّفُ مَعْرِفَتُهُ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ.
وَإِنْ أَرَادَ بِهَا الْفَائِدَةَ الَّتِي لَا تَكُونُ عَقْلِيَّةً وَلَا حِسِّيَّةَ، يَلْزَمُ عَدَمُ اطِّرَادِ الْحَدِّ ; لِأَنَّ إِخْبَارَ الشَّارِعِ عَنِ الْمُغَيَّبَاتِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى:(الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) . يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خِطَابُ الشَّارِعِ بِفَائِدَةٍ غَيْرِ عَقْلِيَّةٍ وَلَا حِسِّيَّةٍ. وَلَا يَكُونُ حُكْمًا، فَزِيدَ عَلَى الْحَدِّ قَيْدٌ " تَخْتَصُّ بِهِ " أَيْ بِالْخِطَابِ. فَخَرَجَ عَنْهُ الْإِخْبَارُ الشَّرْعِيُّ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ:" تَخْتَصُّ بِهِ " أَنَّهُ لَا يُفْهَمُ الْفَائِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ إِلَّا مِنْ ذَلِكَ الْخِطَابِ.
ص - فَإِنْ كَانَ طَلَبًا لِفِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ، يَنْتَهِضُ تَرْكُهُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ، سَبَبًا لِلْعِقَابِ - فَوُجُوبٌ.
وَإِنِ انْتَهَضَ فِعْلُهُ خَاصَّةً لِلثَّوَابِ - فَنَدْبٌ.
وَإِنْ كَانَ طَلَبًا لِكَفٍّ عَنْ فِعْلٍ يَنْتَهِضُ فِعْلُهُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ - فَتَحْرِيمٌ.
وَمَنْ يُسْقِطُ " غَيْرَ كَفٍّ " فِي الْوُجُوبِ - يَقُولُ: " طَلَبًا لِنَفْيِ فِعْلٍ " فِي التَّحْرِيمِ.
وَإِنِ انْتَهَضَ الْكَفُّ خَاصَّةً لِلثَّوَابِ - فَكَرَاهَةٌ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْإِخْبَارُ الشَّرْعِيُّ وَإِنْ كَانَ خِطَابًا بِفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ، لَكِنَّ تَفَهُّمَ تِلْكَ الْفَائِدَةِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْإِخْبَارِ.
وَأَمَّا الْفَائِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُفْهَمُ إِلَّا مِنَ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنْشَاءٌ، فَلِهَذَا لَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ. وَإِذَا كَانَ إِنْشَاءً يَكُونُ مُوجِبًا لِمَعْنَاهُ، أَيِ الْفَائِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
فَلَا شَيْءَ خَارِجٌ لِلْحُكْمِ حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ غَيْرِهِ ; ضَرُورَةَ كَوْنِهِ مُوجِبًا لِمَعْنَاهُ. بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ الشَّرْعِيِّ ; فَإِنَّ مَعْنَاهُ خَارِجٌ عَنْهُ، لَا يَكُونُ الْإِخْبَارُ مُوجِبًا لَهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ غَيْرِهِ. هَذَا مَا فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِ.
ش - لَمَّا ذَكَرَ تَعْرِيفَ الْحُكْمِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَقْسَامَهُ. وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إِنْ كَانَ طَلَبًا لِفِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ يَنْتَهِضُ تَرْكُ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ سَبَبًا لِلْعِقَابِ، فَهُوَ الْوُجُوبُ.
فَقَوْلُهُ: " طَلَبًا " يُخْرِجُ التَّخْيِيرَ وَالْوَضْعِيَّ. وَقَوْلُهُ: " غَيْرِ كَفٍّ " يُخْرِجُ عَنْهُ الْحُرْمَةَ ; فَإِنَّهَا أَيْضًا طَلَبُ فِعْلٍ، وَهُوَ الْكَفُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْكَفَّ فِعْلٌ.
وَقَوْلُهُ: يَنْتَهِضُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ، أَيْ يَصِيرُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ، يُخْرِجُ عَنْهُ النَّدْبَ وَالْكَرَاهَةَ. وَخُرُوجُهَا بِقَوْلِهِ:" غَيْرِ كَفٍّ " لَا يُنَافِي خُرُوجَهَا بِهَذَا الْقَيْدِ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ " لِيُدْخِلَ فِي التَّعْرِيفِ مِثْلَ وُجُوبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ ; فَإِنَّهُ طَلَبُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ فِي وَقْتِهِ، لَكِنْ يَكُونُ تَرْكُهُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ سَبَبًا لِلْعِقَابِ.
وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ طَلَبًا لِفِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ يَنْتَهِضُ فِعْلُهُ خَاصَّةً سَبَبًا لِلثَّوَابِ فَنَدْبٌ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " خَاصَّةً " لِيُعْرَفَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ شَيْءٌ. فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْوُجُوبُ.
وَإِنْ كَانَ تَخْيِيرًا - فَإِبَاحَةٌ. وَإِلَّا فَوَضْعِيٌّ.
وَفِي تَسْمِيَةِ الْكَلَامِ فِي الْأَزَلِ خِطَابًا، خِلَافٌ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .