الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
[الْفِعْلَانِ لَا يَتَعَارَضَانِ]
ش - الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي تَعَارُضِ أَفْعَالِ الرَّسُولِ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ، وَتَعَارُضُهُمَا مَعَ أَقْوَالِهِ.
وَالتَّعَارُضُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ: تُقَابُلُهُمَا عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقْتَضَى صَاحِبِهِ. وَالْفِعْلَانِ إِمَّا أَنْ يَمْتَنِعَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَا.
وَالثَّانِي لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ.
وَالْأَوَّلُ لَا يُمْكِنُ صُدُورُهُمَا مَعًا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، كَصَوْمٍ وَأَكْلٍ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ أَحَدُهُمَا فِي زَمَانٍ وَالْآخِرُ فِي زَمَانٍ آخَرَ.
وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكْرِيرِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا أَوْ لَا.
وَالثَّانِي لَا تَعَارُضَ لَهُمَا أَصْلًا، سَوَاءٌ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكْرِيرِ الثَّانِي مِنْهُمَا أَوْ لَا يَدُلُّ ; لِجَوَازِ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِأَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ وَالْإِبَاحَةِ بِهِ وَقْتًا آخَرَ، فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا رَافِعًا لِلْآخَرِ.
وَالْأَوَّلُ: وَهُوَ الَّذِي دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكْرِيرِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا - فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ التَّكْرِيرِ لِلرَّسُولِ عليه السلام أَوْ لِأُمَّتِهِ، أَوْ لَهُمَا.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، كَانَ الثَّانِي نَاسِخًا لِوُجُوبِ التَّكْرِيرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّسُولِ عليه السلام.
وَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ إِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَأَسِّي الْأُمَّةِ بِهِ فِي الْأَوَّلِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ دَلَّ [وَ] وُقُوعُ الْفِعْلِ الثَّانِي بَعْدَ تَأَسِّي الْأُمَّةِ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا مُعَارَضَةٌ فِي حَقِّهِمْ.
وَقَبْلَ التَّأَسِّي يَكُونُ الثَّانِي نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ أَيْضًا إِنْ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ فِي الثَّانِي، وَإِلَّا فَلَا مُعَارَضَةَ أَيْضًا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ.
وَإِنْ كَانَ وُجُوبُ التَّكْرِيرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمَّتِهِ فَقَطْ، فَلَا مُعَارَضَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَلَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمَّتِهِ، إِنْ لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَأَسِّي الْأُمَّةِ بِهِ فِي الثَّانِي، وَإِلَّا كَانَ الثَّانِي نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ.
وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ دَالًّا عَلَى وُجُوبِ التَّكْرِيرِ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ، فَتَكَرَّرَ الْأَوَّلُ أَوِ الثَّانِي لَهُ وَلِأُمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ تَعَارُضِ أَفْعَالِهِ عليه السلام بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ، شَرَعَ فِي بَيَانِ تَعَارُضِ فِعْلِهِ مَعَ قَوْلِهِ عليه السلام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَإِنْ كَانَ مَعَ فِعْلِ الرَّسُولِ قَوْلٌ - فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ فِي حَقِّهِ، وَعَلَى وُجُوبِ تَأَسِّي الْأُمَّةِ بِهِ، أَوْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ.
وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَى وُجُوبِ التَّكْرَارِ أَوْ عَلَى وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَحْكَامَ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى التَّفْصِيلِ.
فَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ مِنَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ تَكَرُّرِ الْفِعْلِ وَلَا عَلَى وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ.
فَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ، أَوْ خَاصًّا بِنَا، أَوْ عَامًّا لَنَا وَلَهُ.
فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْقَوْلُ عَنِ الْفِعْلِ أَوْ يَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ، أَوْ يُجْهَلَ التَّارِيخُ.
فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ وَتَأَخَّرَ عَنِ الْفِعْلِ، كَأَنْ فَعَلَ فِعْلًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ، إِمَّا عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي: لَا يَجُوزُ [لِي] مِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ أَصْلًا، لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ أُمَّتِهِ ; أَمَّا فِي حَقِّهِ فَلِأَنَّ الْقَوْلَ لَمْ يَتَنَاوَلِ الزَّمَانَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْفِعْلُ، وَالْفِعْلُ أَيْضًا لَمْ يَتَنَاوَلِ الزَّمَانَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْقَوْلُ، فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا رَافِعًا لِحُكْمِ الْآخَرِ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأُمَّةِ فَظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ تَعَلُّقٌ بِالْأُمَّةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ وَتَقَدَّمَ عَلَى الْفِعْلِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: يَجِبُ عَلَيَّ فِعْلُ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِضِدِّ مُقْتَضَى الْقَوْلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمُقْتَضَاهُ، فَفِيهِ خِلَافٌ.
فَعِنْدَنَا الْفِعْلُ نَاسِخٌ لِلْقَوْلِ، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّسْخِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ. وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ بَعْدَ الْقَوْلِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَعْصِيَةِ ; لِأَنَّ النَّسْخَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَهُمْ.
وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوْلِ، لَا يَكُونُ الْفِعْلُ نَاسِخًا لِلْقَوْلِ، إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكَرُّرِ مُقْتَضَى الْقَوْلِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْفِعْلُ نَاسِخًا لِتَكْرَارِ مُقْتَضَى الْقَوْلِ.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ وَجُهِلَ التَّارِيخُ، فَحُكْمُهُ مِثْلُ الْقِسْمِ الَّذِي دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّكَرُّرِ وَالتَّأَسِّي بِهِ، وَالْقَوْلُ خَاصٌّ بِهِ وَجُهِلَ التَّارِيخُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ [لَهُ لِذَلِكَ] .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِنَا فَلَا تَعَارُضَ أَصْلًا، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْفِعْلُ أَوْ تَأَخَّرَ ; لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ خَاصٌّ بِهِ ; إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَى وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ، وَالْقَوْلُ خَاصٌّ بِنَا.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ عَامًّا لَنَا وَلَهُ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ شَامِلًا لَهُ بِطْرِيقِ التَّنْصِيصِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ وَجَبَ عَلَيَّ وَعَلَى أُمَّتِي فِعْلُ كَذَا، فَحُكْمُ تَقَدُّمِ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ لَهُ وَلِلْأُمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَيْ إِنْ كَانَ الْقَوْلُ مُتَأَخِّرًا، كَأَنْ فَعَلَ فِعْلًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: لَا يَجُوزُ لِي وَلِأُمَّتِي مِثْلُ هَذَا الْفِعْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَلَا تَعَارُضَ أَصْلًا، لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّنَا ; لِعَدَمِ وُجُوبِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ، وَلِعَدَمِ وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُتَأَخِّرًا فَلَا تَعَارُضَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا ; بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّأَسِّي. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ التَّلَبُّسُ بِالْفِعْلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَعَلَى الْخِلَافِ. فَعِنْدَنَا نَسْخٌ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَعْصِيَةِ.
وَإِنْ كَانَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَلَا تَعَارُضَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أَيْضًا إِلَّا أَنْ يَقْتَضِيَ الْقَوْلُ التَّكْرَارَ.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ شَامِلًا لِلرَّسُولِ عليه السلام بِطَرِيقٍ ظَاهِرٍ، أَيْ لَا بِصَرِيحِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَذَا. فَبِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ يَكُونُ الْفِعْلُ مُخَصِّصًا لِذَلِكَ الْقَوْلِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ التَّخْصِيصِ أَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم مُخَصِّصٌ لِلْعُمُومِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ تَكَرُّرِ الْفِعْلِ فِي حَقِّهِ وَعَلَى وُجُوبِ تَأَسِّي الْأُمَّةِ [بِهِ] .
وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَكَرُّرٍ وَتَأَسٍّ. وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ أَوْ خَاصًّا بِنَا، أَوْ عَامًّا لَهُ وَلَنَا.
فَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِهِ، فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ أَوِ الْفِعْلُ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمْ.
وَفِي حَقِّ الرَّسُولِ عليه السلام الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ، سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا، إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوْلِ، وَالْقَوْلُ لَمْ يَقْتَضِ التَّكْرَارَ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ وَجُهِلَ التَّارِيخُ فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْقَوْلِ لَهُمْ.
وَفِي حَقِّهِ عليه السلام ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ:
بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ كَانَ عَامًّا - فَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ. فَإِنْ جُهِلَ - فَالثَّلَاثَةُ.
ص - فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَكَرُّرٍ فِي حَقِّهِ لَا تَأَسٍّ، وَالْقَوْلُ خَاصٌّ بِهِ، أَوْ عَامٌّ - فَلَا مُعَارَضَةَ فِي الْأُمَّةِ، وَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ فِي حَقِّهِ.
فَإِنْ جُهِلَ - فَالثَّلَاثَةُ. وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِالْأُمَّةِ - فَلَا مُعَارَضَةَ.
ص - فَإِنْ دَلَّ [الدَّلِيلُ] عَلَى تَأَسِّي الْأُمَّةِ بِهِ، دُونَ تَكَرُّرِهِ فِي حَقِّهِ، وَالْقَوْلُ خَاصٌّ بِهِ، وَتَأَخَّرَ - فَلَا مُعَارَضَةَ.
فَإِنْ تَقَدَّمَ - فَالْفِعْلُ نَاسِخٌ فِي حَقِّهِ. فَإِنْ جُهِلَ - فَالثَّلَاثَةُ.
فَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِالْأُمَّةِ فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِ، وَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ فِي الْأُمَّةِ. فَإِنْ جُهِلَ - فَالثَّلَاثَةُ. فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ عَامًا - فَكَمَا تَقَدَّمَ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَحَدُهَا أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْقَوْلِ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ يَحْتَاجُ عَلَى الْقَوْلِ فِي بَيَانِ وَجْهِ وُقُوعِهِ.
الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالْفِعْلِ ; لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي الْبَيَانِ. وَثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ: الْوَقْفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ التَّارِيخُ ; لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَقَدُّمُ الْفِعْلِ عَلَى الْقَوْلِ، وَبِالْعَكْسِ، وَلَا تَرْجِيحَ لِتَقَدُّمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَالْجَزْمُ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا عَلَى التَّعْيِينِ تَحَكُّمٌ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ إِلَى الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ: " فَثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ، الْوَقْفُ ".
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِنَا فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِ عليه السلام تَقَدَّمَ الْقَوْلُ أَوْ تَأَخَّرَ ; لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْقَوْلِ لَهُ.
وَفِي حَقِّ الْأُمَّةِ، إِنْ عُلِمَ الْمُتَأَخِّرُ، فَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ مُتَقَدِّمًا وَالْفِعْلُ مُتَأَخِّرًا أَوْ بِالْعَكْسِ، إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوْلِ، وَالْقَوْلُ لَمْ يَقْتَضِ التَّكْرَارَ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّنَا أَيْضًا.
وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ، فَفِيهِ الْمَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ. إِلَّا أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ هَهُنَا الْعَمَلُ بِالْقَوْلِ، وَبَيَّنَهُ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَوْلَ أَقْوَى دَلَالَةً مِنَ الْفِعْلِ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ بِلَا وَاسِطَةٍ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ وُضِعَ لِذَلِكَ. بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِذَلِكَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الثَّانِي: أَنَّ الْفِعْلَ مَخْصُوصٌ بِالْمَحْسُوسِ، لِأَنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنِ الْمَعْقُولِ، وَالْقَوْلُ يَدُلُّ عَلَى الْمَحْسُوسِ وَالْمَعْقُولِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ أَعَمَّ فَائِدَةً، فَهُوَ أَوْلَى.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْقَوْلَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي كَوْنِهِ دَالًّا، وَالْفِعْلُ اخْتُلِفَ فِيهِ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَوْلَى.
الرَّابِعُ: أَنَّ الْعَمَلَ بِالْفِعْلِ يُبْطِلُ الْقَوْلَ بِالْكُلِّيَّةِ، أَمَّا فِي حَقِّهِ عليه السلام فَلِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْقَوْلِ لَهُ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ فَلِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْفِعْلِ حِينَئِذٍ وَالْعَمَلُ بِالْقَوْلِ لَا يُبْطِلُ الْفِعْلَ بِالْكُلِّيَّةِ ; لِأَنَّهُ يُبْقِي الْعَمَلَ بِالْفِعْلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّسُولِ، عليه السلام، فَلَوْ عَمِلْنَا بِالْقَوْلِ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْ عَمِلْنَا بِالْفِعْلِ لَمْ يُمْكِنْ. وَالْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَلَوْ بِوَجْهٍ، أَوْلَى.
وَالْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالْفِعْلِ قَالُوا: الْفِعْلُ أَقْوَى دَلَالَةً مِنَ الْقَوْلِ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ يَتَبَيَّنُ بِهِ الْقَوْلُ ; لِأَنَّ مِثْلَ قَوْلِهِ: " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي» " وَ " «خُذُوا عَنَى مَنَاسِكَكُمْ» " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ وَمَنَاسِكِ الْحَجِّ مُبَيِّنٌ لِقَوْلِهِ: " صَلُّوا " وَ " خُذُوا ".
وَكَذَا خُطُوطُ الْهَنْدَسَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ مُبَيِّنٌ لِلْقَوْلِ ; فَإِنَّ بَيَانَ دَعَاوَى الْهَنْدَسَةِ إِنَّمَا هُوَ بِفِعْلِ الْخُطُوطِ وَالسُّطُوحِ وَالدَّوَائِرِ. فَيَكُونُ الْفِعْلُ أَوْلَى.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْبَيَانَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ وَقَعَ، لَكِنَّ الْبَيَانَ بِالْقَوْلِ أَكْثَرُ، فَهُوَ أَوْلَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ سُلِّمَ تَسَاوِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فِي الْبَيَانِ، رُجِّحَ جَانِبُ الْقَوْلِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ.
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْوَقْفِ هَهُنَا فَضَعِيفٌ ; لِأَنَّا مُتَعَبَّدُونَ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا، إِمَّا الْفِعْلُ أَوِ الْقَوْلُ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا، بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا، وَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا، وَقَدْ ثَبَتَ رُجْحَانُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ، فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَى الْعَمَلِ بِالْقَوْلِ.
بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى الَّتِي حَكَمْنَا فِيهَا بِالْوَقْفِ. فَإِنَّا لَسْنَا مُتَعَبَّدِينَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ; أَنَّهُمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّسُولِ عليه السلام. وَلَا يَجِبُ عَلَيْنَا الْحُكْمُ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّسُولِ عليه السلام. فَالْحُكْمُ بِالْوَقْفِ فِيهَا أَوْلَى.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ عَامًّا لَهُ وَلَنَا، فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَتَأَخَّرَ الْقَوْلُ، فَهُوَ نَاسِخٌ ; لِوُجُوبِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ فِي حَقِّهِ، وَلِوُجُوبِ التَّأَسِّي فِي حَقِّنَا. وَإِنْ تَأَخَّرَ الْفِعْلُ وَاشْتُغِلَ بِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمُقْتَضَى الْقَوْلِ نَسَخَ الْفِعْلُ الْقَوْلَ عِنْدَنَا إِلَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ الْقَوْلُ لَهُ ظَاهِرًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ الْفِعْلُ حِينَئِذٍ مُخَصِّصًا لِلْقَوْلِ.
وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الْفِعْلُ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمَعْصِيَةِ.
وَإِنِ اشْتُغِلَ بِالْفِعْلِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِتْيَانِ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ الْقَوْلُ التَّكْرَارَ، فَلَا مُعَارَضَةَ، لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّنَا.
وَإِنِ اقْتَضَى الْقَوْلُ التَّكْرَارَ فَالْفِعْلُ نَاسِخٌ لِلتَّكْرَارِ. وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُفَصِّلْ وَحَكَمَ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ مُطْلَقًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ فَالْمَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ: الْوَقْفُ، وَالْعَمَلُ بِالْقَوْلِ، وَالْعَمَلُ بِالْفِعْلِ. وَالْمُخْتَارُ: الْوَقْفُ فِي حَقِّهِ وَالْعَمَلُ بِالْقَوْلِ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ.
ش - هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّكْرَارِ فِي حَقٍّ دُونَ وُجُوبِ التَّأَسِّي بِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ أَوْ عَامًّا لَهُ وَلَنَا، فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ، تَقَدَّمَ الْفِعْلُ أَوْ تَأَخَّرَ ; لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْفِعْلِ لَهُمْ.
وَالْمُتَأَخِّرُ نَاسِخٌ لِلْمُتَقَدِّمِ فِي حَقِّهِ، عليه السلام، إِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ.
وَهَذَا إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا كَانَ الْعَامُّ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلْخَاصِّ الْمُتَقَدِّمِ، أَوْ كَانَ عُمُومُ الْقَوْلِ لَهُ بِطَرِيقِ التَّنْصِيصِ. وَمَعَ هَذَا، فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَحَاطَ بِمَا قِيلَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي.
وَإِنْ جُهِلَ فَالْمَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ. وَالْمُخْتَارُ: الْوَقْفُ.
وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِالْأُمَّةِ، فَلَا مُعَارَضَةَ أَصْلًا، لَا فِي حَقِّهِ، وَلَا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْفِعْلُ أَوِ الْقَوْلُ ; لِعَدَمِ تَوَارُدِ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الرَّابِعُ، وَهُوَ مَا يَكُونُ الدَّلِيلُ دَالًّا عَلَى وُجُوبِ تَأَسِّي الْأُمَّةِ بِهِ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى تَكَرُّرِ الْفِعْلِ فِي حَقِّهِ.
فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ خَاصًّا بِهِ، وَتَأَخَّرَ عَنِ الْفِعْلِ، فَلَا مُعَارَضَةَ. أَمَّا فِي حَقِّهِ ; فَلِعَدَمِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ ; فَلِعَدَمِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأُمَّةِ ; فَلِعَدَمِ تَوَارُدِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ.
وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى الْفِعْلِ، فَالْفِعْلُ نَاسِخٌ لِلْقَوْلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمُقْتَضَى الْقَوْلِ. وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ.
وَإِنْ جُهِلَ التَّارِيخُ، فَالْمَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ. وَالْمُخْتَارُ: الْوَقْفُ.