الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَإِنْ أُرِيدَ الْإِبَاحَةُ: عَدَمُ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ، فَلَيْسَتْ حُكْمًا شَرْعِيًّا ; لِأَنَّهُ قَبْلَ الشَّرْعِ مُتَحَقِّقٌ، وَلَا حُكَمَ قَبْلَ الشَّرْعِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ: الْخِطَابُ الْوَارِدُ مِنَ الشَّرْعِ بِانْتِفَاءِ الْحَرَجِ عَنِ الطَّرَفَيْنِ، فَهِيَ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
[كون الْمُبَاحُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ]
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي أَنَّ الْمُبَاحَ هَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ أَوْ لَا. فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا. وَالْكَعْبِيُّ: نَعَمْ.
دَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْأَمْرَ طَلَبٌ يَسْتَلْزِمُ تَرْجِيحَ الْفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ، وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْمُبَاحِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ الطَّلَبُ بِهِ، فَلَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ.
ش - قَالَ الْكَعْبِيُّ: الْمُبَاحُ مَأْمُورٌ بِهِ ; لِأَنَّ الْمُبَاحَ وَاجِبٌ، وَكُلُّ وَاجِبٍ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ.
أَمَّا الْكُبْرَى فَبِالِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا الصُّغْرَى فَلِأَنَّ كُلَّ مُبَاحٍ يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ حَرَامٍ ; إِذْ مَا مِنْ فِعْلٍ مُبَاحٍ إِلَّا وَيَتَحَقَّقُ بِمُبَاشَرَتِهِ تَرْكُ حَرَامٍ مَا. وَتَرْكُ الْحَرَامِ وَاجِبٌ. وَلَا يَتِمُّ تَرْكُ الْحَرَامِ إِلَّا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّرْكُ، فَيَكُونُ الْمُبَاحُ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ وَاجِبًا ; لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، فَهُوَ وَاجِبٌ.
وَلَوْ حُمِلَ قَوْلُ الْكَعْبِيِّ: " الْمُبَاحُ تَرْكُ حَرَامٍ " عَلَى ظَاهِرِهِ، لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا ; لِأَنَّ تَرْكَ الْحَرَامِ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ لَا نَفْسَهُ.
وَأَيْضًا لَوْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ:" وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ " وَجْهٌ.
" وَتَأَوُّلُ الْإِجْمَاعِ " إِشَارَةٌ إِلَى جَوَابِ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى الْكَعْبِيِّ. تَوْجِيهُ السُّؤَالِ أَنَّ الدَّلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكَعْبِيُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُبَاحٍ وَاجِبٌ، يَقْتَضِي كَوْنَ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، الَّتِي تَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ، أَرْبَعَةً ; ضَرُورَةَ كَوْنِ الْمُبَاحِ وَاجِبًا حِينَئِذٍ. وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الْجُمْهُورَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَنْقَسِمُ إِلَى خَمْسَةٍ: وَاجِبٍ، وَمَنْدُوبٍ، وَمُبَاحٍ، وَمَكْرُوهٍ، وَمُحَرَّمٍ. فَيَكُونُ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ بَاطِلًا.
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ - نَظَرًا إِلَى ذَاتِهَا، مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَسْتَلْزِمُهُ مِنْ كَوْنِهِ يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ - تَنْقَسِمُ إِلَى خَمْسَةٍ، فَيَكُونُ الْفِعْلُ الْمُبَاحُ - نَظَرًا إِلَى ذَاتِهِ - لَمْ يَخْرُجْ عَنْ
ص - وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ: [الْأَوَّلُ] أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِذَلِكَ، فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَفِيهِ تَسْلِيمُ أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ، فَمَا [فَعَلَهُ] فَهُوَ وَاجِبٌ قَطْعًا.
الثَّانِي: إِلْزَامُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ حَرَامٌ إِذَا تُرِكَ بِهَا وَاجِبٌ، وَهُوَ يَلْتَزِمُهُ بِاعْتِبَارِ الْجِهَتَيْنِ.
ص - وَلَا مُخَلِّصَ إِلَّا بِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ [مِنْ عَقْلِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ] فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.
ص - قَوْلُ الْأُسْتَاذِ: " الْإِبَاحَةُ تَكْلِيفٌ " بَعِيدٌ.
ص - (مَسْأَلَةٌ) : الْمُبَاحُ لَيْسَ بِجِنْسٍ لِلْوَاجِبِ، بَلْ هُمَا نَوْعَانِ لِلْحُكْمِ.
لَنَا: لَوْ كَانَ جِنْسُهُ - لَاسْتَلْزَمَ النَّوْعُ التَّخْيِيرَ.
قَالُوا: مَأْذُونٌ فِيهِمَا، وَاخْتَصَّ الْوَاجِبُ.
قُلْنَا: تَرَكْتُمْ فَصْلَ الْمُبَاحِ.
ص - خِطَابُ الْوَضْعِ، كَالْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ بِالسَّبَبِيَّةِ، الْوَقْتِيَّةِ، كَالزَّوَالِ.
ــ
[الشرح]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
كَوْنِهِ مُبَاحًا. وَبِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَسْتَلْزِمُهُ مِنْ كَوْنِهِ يَحْصُلُ بِهِ وَتَرْكُ الْحَرَامِ، يَكُونُ وَاجِبًا.
وَإِنَّمَا أُوِّلَ الْإِجْمَاعُ عَلَى هَذَا لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ لَوْ حُمِلَ عَلَى كَوْنِ الْفِعْلِ مُنْقَسِمًا إِلَى الْخَمْسَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا يَسْتَلْزِمُهُ، يَلْزَمُ بُطْلَانُ دَلِيلِ الْكَعْبِيِّ. وَلَوْ حُمِلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لَا يَكُونُ وَاحِدًا مِنَ الدَّلِيلَيْنِ، أَعْنِي الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ خَمْسَةٌ، وَدَلِيلُ الْكَعْبِيِّ ضَائِعًا.
ش - أُجِيبَ عَنْ دَلِيلِ الْكَعْبِيِّ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ فِعْلَ الْمُبَاحِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِكَوْنِهِ يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْصُلُ تَرْكُ الْحَرَامِ بِالْمُبَاحِ، كَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ أَحَدَ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ، فَلَا يَكُونُ الْمُبَاحُ عَلَى التَّعْيِينِ وَاجِبًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَزَيَّفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ فِي الْجَوَابِ تَسْلِيمَ أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ، فَمَا فَعَلَهُ، أَعْنِي الْمُبَاحَ، يَكُونُ وَاجِبًا ; لِأَنَّهُ أَحَدُ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَامِ.
الثَّانِي: نَقْضٌ إِجْمَالِيٌّ. تَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْكَعْبِيُّ صَحِيحًا، يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ حَرَامًا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا تُرِكَ بِهَا وَاجِبٌ، كَالزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْفَوْرِ، يَكُونُ تَرْكُهَا وَاجِبًا ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ عَلَى الْفَوْرِ، لَا يَتِمُّ إِلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ تَرْكُ الصَّلَاةِ وَاجِبًا، فَتَكُونُ الصَّلَاةُ حَرَامًا.
وَزَيَّفَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْجَوَابَ أَيْضًا، بِأَنَّ الْكَعْبِيَّ يَمْنَعُ انْتِفَاءَ التَّالِي وَيَلْتَزِمُ كَوْنَ الصَّلَاةِ وَاجِبًا حَرَامًا بِاعْتِبَارِ الْجِهَتَيْنِ، كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ.
ش - لَمَّا زَيَّفَ الْجَوَّابَيْنِ، أَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَا مُخَلِّصَ مِنْ دَلِيلِ الْكَعْبِيِّ إِلَّا بِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ، إِنْ كَانَ شَرْطًا شَرْعِيًّا، كَالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، فَهُوَ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا عَقْلًا، كَنَصْبِ السُّلَّمِ لِلصُّعُودِ،