الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلَا نُسَلِّمُ فِي الْخَامِسِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ضَرُورِيًّا لَمْ يُوجَدِ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الضَّرُورِيَّاتِ ; لِأَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ قَدْ تَتَفَاوَتُ فِي الْجَزْمِ بِهَا.
وَلَئِنْ سُلِّمَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَطْلُوبُ ; إِذْ حُصُولُ التَّفَاوُتِ يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ ضَرُورِيًّا، وَلَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ الَّذِي هُوَ الْمُتَنَازَعُ هَهُنَا.
وَلَا نُسَلِّمُ فِي السَّادِسِ أَنَّ الضَّرُورِيَّ يَسْتَلْزِمُ الْوِفَاقَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ السُّوفِسْطَائِيَّةَ يُنْكِرُونَ الضَّرُورِيَّاتِ.
[إفادة المتواتر العلم ضروري أم لا]
ش - الْقَائِلُونَ بِكَوْنِ الْمُتَوَاتِرِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ الْحَاصِلِ عَقِيبَ التَّوَاتُرِ ضَرُورِيٌّ أَمْ لَا.
فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ. وَالْكَعْبِيُّ وَالْبَصْرِيُّ عَلَى أَنَّهُ نَظَرِيٌّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقِيلَ بِالْوَقْفِ.
لَنَا أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الْمُتَوَاتِرِ لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا، لَافْتَقَرَ إِلَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ بَيْنَ التَّوَاتُرِ وَالْعِلْمِ ; لِأَنَّ النَّظَرِيَّ يَفْتَقِرُ إِلَى النَّظَرِ، وَهُوَ تَرْتِيبُ الْمُقَدِّمَتَيْنِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْبَدِيهِيَّةِ.
وَأَيْضًا لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا، لَجَازَ الْخِلَافُ فِيهِ عَقْلًا ; لِأَنَّ النَّظَرِيَّ قَدْ يَكُونُ صَوَابًا وَقَدْ يَكُونُ خَطَأً. وَالتَّالِي ظَاهِرُ الْفَسَادِ.
قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ الْمُلَازَمَةَ ; لِأَنَّ تَسْوِيغَ الْخِلَافِ عَقْلًا إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ الَّتِي مُقَدِّمَاتُهَا نَظَرِيَّةٌ. وَأَمَّا الْعُلُومُ النَّظَرِيَّةُ الَّتِي مُقَدَّمَاتُهَا ضَرُورِيَّةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْخَطَأُ فِيهَا.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ ; لِأَنَّ [مِنْ] مُقَدَّمَاتِهِ عَدَمَ جَوَازِ الْكَذِبِ عَلَى الْجَمْعِ الْعَظِيمِ. وَمَبْنَى ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ [ثَمَّةَ] مَصْلَحَةً مُشْتَرَكَةً بِنَفْعِ الْجَمِيعِ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ الْكَذِبُ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا جَازَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ. وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ نَظَرِيَّةٌ.
وَفِيهِ نَظَرٌ. أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ كَلَامٌ عَلَى الْمُسْتَنَدِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ خِلَافُ الْمَطْلُوبِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْعِلْمَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ فَيَكُونُ نَظَرِيًّا.
ش - قَالَ: قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ ضَرُورِيًّا لَمْ يَفْتَقِرْ حُصُولُ الْعِلْمِ بِصِدْقِهِ إِلَى تَوَسُّطِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ ; لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ مَا لَا يَفْتَقِرُ إِلَى النَّظَرِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ مِنَ الْمَحْسُوسَاتِ، وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُخْبِرِينَ جَمْعٌ عَظِيمٌ لَا دَاعِيَ لَهُمْ إِلَى تَوَافُقِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ. وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ، أَيْ أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ عَنْ مَحْسُوسٍ أَخْبَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا دَاعِيَ لَهُمْ إِلَى تَوَافُقِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، لَا يَكُونُ كَذِبًا. وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْخَبَرُ كَذِبًا، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: فَيَلْزَمُ [النَّقِيضُ] . أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، بَلْ إِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِ عُلِمَ أَنَّهُمْ لَا دَاعِيَ لَهُمْ عَلَى تَوَافُقِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ. لَا أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ يَفْتَقِرُ إِلَى سَبْقِ عِلْمِ تِلْكَ الْأُمُورِ، فَيَكُونُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْخَبَرِ ضَرُورِيًّا.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْمُتَوَاتِرِ ضَرُورِيًّا لَمْ يُمْكِنْ صُورَةُ التَّرْتِيبِ فِيهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ صُورَةَ التَّرْتِيبِ مُمْكِنَةٌ فِي كُلِّ ضَرُورِيٍّ، حَتَّى فِي أَجْلَى الْبَدِيهِيَّاتِ كَقَوْلِنَا: الشَّيْءُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ، بِأَنْ يُقَالَ: الْكَوْنُ [وَاللَّاكَوْنُ] مُتَقَابِلَانِ، وَالْمُتَقَابِلَانِ يَمْتَنِعُ اتِّصَافُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِهِمَا.
ش - الْقَائِلُونَ بِكَوْنِهِ نَظَرِيًّا قَالُوا: لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْمُتَوَاتِرِ ضَرُورِيًّا لَعُلِمَ أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ ضَرُورَةً; إِذْ يَسْتَحِيلُ حُصُولُ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ بِالشَّيْءِ مَعَ عَدَمِ الشُّعُورِ بِضَرُورَتِهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ.
أَجَابَ أَوَّلًا: بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ بِأَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا لَعُلِمَ أَنَّهُ