الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خراسان؟ قلت: عطاء بن عبد الله الخراساني. قال: فمن كان عطاء هذا؟ قلت: مولى، فازداد تربدا، واسود اسودادا، حتى خفته، ثم قال: فمن كان فقيه الشام؟ قلت: مكحول. قال: فمن كان مكحول هذا؟ قلت: مولى فتنفس الصعداء، ثم قال: فمن كان فقيه الكوفة؟ فوالله لولا خوفي لقلت: الحكم بن عتبة، وحماد بن أبي سليمان، ولكني رأيت فيه الشر، فقلت: إبراهيم النخعي، والشعبي، قال: فما كانا؟ قلت: عربيان. فقال: الله أكبر، وسكن جأشه.
هذا وقد نما الفقه في عصر أبي حنيفة وازدهر، لا سيما عندما اتخذ العباسيون بغداد مقرا لملكهم، وتركزت فيها الحضارة الإسلامية، ونشطت الحركة العلمية، وامتزج أخلاط من أمم مختلفة كالفرس والروم، وقرب الخلفاء العباسيون إليهم الفقهاء، ليقوم حكمهم على أسس من الدين وشريعته.
مولد أبي حنيفة ونشأته "80-150ه
ـ"
…
مولى أبي حنيفة ونشأته "80- 150هـ":
ولد أبو حنيفة عام 80هـ على الأصح، وتوفي عام 150هـ "واسمه النعمان بن ثابت بن زوطي"1 من أصل فارسي كوفي. وولد ثابت على الإسلام، وأدرك على بن أبي طالب وهو صغير. أما أبو حنيفة فمن أتباع التابعين وأدرك زمن أربعة من الصحابة وهم: أنس بالبصرة، وعبد الله بن أبي أوفى بالكوفة، وسهل بن سعد الساعدي في المدينة، وأبو الطفيل عامر بن وائلة بمكة.
واختلفوا ألقى واحدا منهم أم لا؟ فذكر الذهبي نقلا عن الخطيب في تاريخ بغداد أنه لقي أنس بن مالك، وادعى بعض أصحاب أبي حنيفة أنه لقي عددا من الصحابة فيكون تابعيا. ولكن هذا لم يتحقق ثبوته. والراجح أنه لم يلق أحدا من الصحابة.
ونشأ تاجرا يتجر في الخز بالكوفة، وهي آنذاك زاخرة بالعلماء والفقهاء، فما
1 زوطي: بضم الزاي وفتح الطاء المهملة مقصورا كما في ابن خلكان.
لبث أبو حنيفة حتى مال إلى مجالسهم والأخذ عنهم، وأقبل على الفقه بعد أن ألم بطرف من العلوم الإسلامية، وما زال ينهل من معينه حتى صار إمام أهل الرأي.
وعرف أبو حنيفة بكثرة اجتهاده وأخذه بالقياس، متأثرا في ذلك بشيوخه الذين أخذ عنهم؛ فقد كان شيخه حماد بن أبي سليمان، الذي انتهت إليه في عصره رياسة الفقه في العراق، فتتلمذ على إبراهيم النخعي أحد شيوخ مدرسة الرأي.
ولا يعني هذا أن أبا حنيفة لم يأخذ العلم عن أحد آخر سوى حماد؛ فقد أخذ عن عطاء ابن أبي رباح، وعكرمة مولى عبد الله بن عباس، ونافع مولى ابن عمر، وأخذ عن المبرزين في الفقه من أئمة الشيعة، كالإمام زيد بن علي، والإمام جعفر الصادق.
روى أن أبا حنيفة دخل يوما على المنصور وعنده عيسى بن موسى فقال للمنصور: هذا عالم الدنيا اليوم، فقال له: يا نعمان.. عمن أخذت العلم؟ قال: عن أصحاب عمر عن عمر، وعن أصحاب علي عن علي، وعن أصحاب عبد الله بن عباس، فقال له الخليفة: استوثقت لنفسك.
وتطلع أبو حنيفة في حياة شيخه حماد أن يجلس محدثا في المسجد مجلس الرياسة، وواتته الفرصة لتخلفه فترة من الزمن، فجلس- كما روى عن نفسه- مجلس شيخه وعرضت عليه مسائل قرابة ستين، وأجاب عنها، وكتب أجوبتها، فلما عاد حماد عرض إجابتها عليه، قال: فوافقني في أربعين، وخالفني في عشرين، فآليت على نفسي ألا أفارقه حتى يموت؛ فلم أفارقه حتى مات.
وما كاد شيخه حماد يموت سنة 119هـ حتى رأي تلاميذه من أصحاب أبي حنيفة أنه وحده هو الذي يستحق أن يجلس مكان شيخه.