الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حملة العلم الذي أودعه كما قال: إن ههنا علما لو أصبت له حملة.
وقتل علي في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، وقد كانت بيعته بعد قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فتكون مدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر.
عبد الله بن مسعود:
هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي حليف بني زهرة، وقد ينسب إلى أمه؛ فيقال ابن أم عبد، جاء ابن مسعود من هذيل إلى مكة، بعد وفاة أبيه يطلب الكسب، فاشتغل برعي الغنم لعقبة بن أبي معيط، والتقى به رجلان، كلمه أحدهما كلاما عذبا، ورأى منه ما سره، ثم أدرك أنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبي بكر؛ فإذا به يأتي إلى عقبة ويترك له أغنامه، وينصرف باحثا عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يجده، ويسأله أن يعلمه من الكلام الذي سمعه منه فيخبره عليه الصلاة والسلام بدعوته؛ فيدخل فيها ويسلم، ويقول له الرسول صلى الله عليه وسلم "إنك غلام معلم" ويصبح سادس المسلمين، يقول ابن مسعود: لقد رأيتني سادس ستة، ما على ظهر الأرض مسلم غيرنا، وكان أول من جهر بالقرآن وأسمعه قريشا، إذا اجتمع يومًا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فهل من رجل يسمعهم؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا؛ فقالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه، قال دعوني، فإن الله سيمنعني، فإذا ابن مسعود حتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها؛ فقام عند المقام ثم قرأ:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم} رافعا بها صوته، {الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ} ثم استقبلهم يقرؤها، فتأملوه قائلين: ماذا يقول ابن أم عبد؟ إنه يتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه وجعلوا يضربون وجهه وهو ماض في قراءته، حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم عاد إلى أصحابه مصابا في وجهه.
وجسده؛ فقالوا له: هذا الذي خشيناه عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون على منهم الآن، ولئن شئتم لأعاودنهم بمثلها غدا، قالوا له:. حسبك فقد أسمعتهم ما يكرهون.
وهاجر ابن مسعود الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد بعدها، وإذا كان أبو جهل قد ضربه في البيت الحرام عندما قرآن القرآن؛ فلقد كان الإجهاز على أبي جهل في بدر بيد ابن مسعود، وقال له وقد أعلى صدره، ها قد أخزاك الله يا عدو الله، فقال: ها أنت ذا يا راعي الغنم؟ لقد ارتقيت مرتقى صعبا.
وكان ابن مسعود يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يفارقه، وهو صاحب نعليه وسواكه وطهوره، وعن أبي موسى قال: قدمت أنا وأخي من اليمن وما نرى ابن مسعود إلا أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل لحذيفة: حدثنا بأقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم هديا ودلا1 نلقاه فنأخذ عنه، ونسمع منه؛ فقال: كان أقرب الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفى، أخرجه البخاري والترمذي، والمحفوظون: الذين حفظهم الله من تخريف أو تحريف في قول أو فعل.
وكان لهذه الصحبة أثرها في علم ابن مسعود وفقهه، يقول رضي الله عنه:
والله ما نزل في القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني، ولو أعلم أحدا تمتطي إليه الإبل أعلم مني بكتاب الله لأتيته، وما أنا بخيركم.
وكان يقول: أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سعبين سورة. روى ذلك البخاري ومسلم والنسائي.
1 الدل: حالة السكينة وحسن السيرة.