المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عليه، وكان من قبل يفتي للضرورة دون أن يتخذ لنفسه - تاريخ التشريع الإسلامي

[مناع القطان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌مقدمة الطبعة الرابعة

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: عصر التشريع

- ‌عصر التشريع من البعثة إلى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سنة 11ه

- ‌حالة العرب والعالم عند البعثة وبيان المهمة التي جاء بها الإسلام

- ‌التشريع في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌مصادر التشريع في هذا العصر

- ‌أولا: القرآن الكريم

- ‌مدخل

- ‌التشريع في مكة:

- ‌التشريع في المدينة:

- ‌ارتباط التشريع المدني بالتشريع المكي:

- ‌مميزات المكي والمدني:

- ‌أسلوب القرآن في الطلب والتخيير ومنهجه في بيان الأحكام:

- ‌ثانيا: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي

- ‌السنة لغة:

- ‌حجية السنة:

- ‌نسبة السنة إلى القرآن من حيث ما ورد فيها من الأحكام:

- ‌ المتواتر والآحاد

- ‌القطعي والظني من السنة:

- ‌حجية السنة الصحيحة سواء أكانت متواترة أم آحادا:

- ‌شبه المخالفين في حجية السنة:

- ‌جمع الحديث وتدوينه:

- ‌مناهج تدوين الحديث وأشهر المصنفات في ذلك:

- ‌أهم الكتب الحديثية وشروحها:

- ‌شروح لكتب أخرى في الأحكام والمواعظ والآداب والآذكار:

- ‌وجوه أخرى للعناية بالحديث:

- ‌الاهتمام بتخريج الحديث ومعرفة موضعه وتسهيل الكشف عنه:

- ‌الأحاديث المشتهرة على الألسنة أو الموضوعة

- ‌بدء كتابة السنة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌إجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌تلقي الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌حفظ القرآن في الصحف والصدور:

- ‌إجتهاد الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌خصائص التشريع في القرآن والسنة:

- ‌جملة الأحكام التي جاء بها القرآن والسنة:

- ‌أهم ما أبطله القرآن والسنة في أحكام الجاهلية

- ‌تاريخ تشريع بعض الأحكام:

- ‌الفصل الثاني:‌‌ الفقهفي عصر الخلفاء الراشدين

- ‌ الفقه

- ‌الحالة السياسية:

- ‌مصادر الفقه في هذا العصر:

- ‌جمع القرآن

- ‌أولا: جمعه في عهد أبي بكر

- ‌ثانيا: جمع عثمان القرآن، وكتابة المصاحف، وإرسالها إلى الأمصار

- ‌الفتوحات الإسلامية

- ‌أهم القضايا التي اتفق عليها الصحابة:

- ‌أهم القضايا التي اختلفوا فيها:

- ‌ الغنائم:

- ‌ حد الخمر:

- ‌ ربا الفضل:

- ‌ الطلاق الثلاث:

- ‌ صلاة التراويح:

- ‌ الطلاق عند اختلاف الزوجين في الحرية والرق:

- ‌ عدة الحامل المتوفى عنها زوجها:

- ‌ وقت وقوع الطلاق في الإيلاء:

- ‌ النفقة والسكنى للمبتوتة:

- ‌ ميراث الجد مع الإخوة:

- ‌ ميراث الأخوات مع البنات:

- ‌ المشركة:

- ‌ العول في الميراث:

- ‌أسباب الاختلاف في الفتوى:

- ‌التثبت في الرواية:

- ‌الاجتهاد في هذا الدور:

- ‌التوفيق بين ذم الرأي والعمل به:

- ‌فقهاء الصحابة

- ‌مدخل

- ‌عمر:

- ‌علي بن أبي طالب:

- ‌عبد الله بن مسعود:

- ‌زيد بن ثابت:

- ‌عبد الله بن عمر:

- ‌عائشة:

- ‌الفصل الثالث: عصر صغار الصحابة وكبار التابعين

- ‌الحالة السياسية

- ‌أثر الخلافات السياسية في الفقه الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌ الخوارج:

- ‌آراؤهم:

- ‌الشيعة

- ‌مدخل

- ‌تفرق العلماء في الأمصار:

- ‌رواية الحديث:

- ‌بدء الوضع في الحديث:

- ‌جهود العلماء لصيانة السنة ومقاومة حركة الوضع

- ‌الجرح والتعديل:

- ‌تدوين الحديث وأثره:

- ‌نشأة أهل الرأي وأهل الحديث:

- ‌مذهب أهل الرأي في العراق:

- ‌مميزات مدرسة أهل الرأي:

- ‌مذهب أهل الحديث في الحجاز:

- ‌الفقهاء السبعة:

- ‌من مسائل الخلاف في هذا العهد:

- ‌الفصل الرابع: مشاهير المفتين في هذا العصر

- ‌أشهر المفتين في هذا العصر

- ‌عبد الله بن عباس

- ‌سعيد بن المسيب:

- ‌عروة بن الزبير:

- ‌عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:

- ‌سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب:

- ‌سليمان بن يسار:

- ‌القاسم بن محمد بن أبي بكر:

- ‌نافع مولى ابن عمر:

- ‌ابن شهاب الزهري:

- ‌الباقر" محمد بن علي بن الحسين:

- ‌مجاهد بن جبر:

- ‌عكرمة مولى ابن عباس:

- ‌عطاء بن أبي رباح:

- ‌علقمة بن قيس النخعي:

- ‌إبراهيم بن يزيد النخعي:

- ‌الحسن البصري:

- ‌محمد بن سيرين:

- ‌عمر بن عبد العزيز:

- ‌طاوس بن كيسان:

- ‌دراسة موجزة للأئمة الأربعة وأصول مذاهبهم:

- ‌أبو حنيفة:

- ‌التعريف بعصره:

- ‌مكانة الفقهاء:

- ‌غلبة الموالي على الفقه والعلم:

- ‌مولد أبي حنيفة ونشأته "80-150ه

- ‌محنته وأخلاقه:

- ‌أصول مذهبه:

- ‌أثره الفقهي وانتشار مذهبه:

- ‌الإمام مالك:

- ‌عصره:

- ‌حياة مالك "93- 179ه

- ‌محنته:

- ‌رسالة مالك إلى الليث بن سعد:

- ‌الموطأ:

- ‌المدونة:

- ‌أصول مذهبه:

- ‌نمو مذهب مالك وانتشاره:

- ‌وممن نشر المذهب عن هؤلاء:

- ‌الإمام الشافعي

- ‌حياته

- ‌طلبه العلم وولايته:

- ‌علم الشافعي ومصادره

- ‌آراؤه وفقهه:

- ‌رأيه في علمي الكلام والإمامة

- ‌فقه الشافعي:

- ‌كتاب "الأم

- ‌كتاب "الرسالة

- ‌أصول مذهبه:

- ‌انتشار مذهبه:

- ‌الإمام أحمد:

- ‌عصره:

- ‌حياة أحمد "164- 241ه

- ‌جلوسه للتحديث والفتوى:

- ‌محنته:

- ‌المسند:

- ‌أصول مذهبه:

- ‌نقل علمه وانتشار مذهبه:

- ‌تعدد الروايات في مذهب أحمد:

- ‌الفصل الخامس: الفقه الإسلامي بين واقعه المعاصر ومحاولات التجديد فيه

- ‌الواقع التأليفي

- ‌الواقع الدراسي:

- ‌الواقع التطبيقي:

- ‌يقظة الشعور الإسلامي، ومحاولات التجديد في الفقه:

- ‌الحركات الإصلاحية

- ‌الجهود العامة والجهود الفردية في صياغة الفقه:

- ‌مجلة "الأحكام العدلية

- ‌مرشد الحيران لمعرفة أحوال الإنسان

- ‌التشريع الجنائي في الإسلام:

- ‌إنشاء مجمع فقهي:

- ‌مجمع البحوث الإسلامية:

- ‌موسوعة الفقه الإسلامي:

- ‌الحاجة إلى الموسوعة الفقهية على الصعيد الإسلامي:

- ‌الحاجة إلى الموسوعة على الصعيد العالمي:

- ‌مشاريع موسوعة الفقه الإسلامي

- ‌مشروع كلية الشريعة بجامعة دمشق

- ‌ مشروع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة:

- ‌ مشروع "جمعية الدراسات الإسلامية" بالقاهرة:

- ‌ مشروع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت:

- ‌مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل الشيباني:

- ‌فتح أبواب الاجتهاد الجماعي:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: عليه، وكان من قبل يفتي للضرورة دون أن يتخذ لنفسه

عليه، وكان من قبل يفتي للضرورة دون أن يتخذ لنفسه مجلسا يقصده طلاب العلم للأخذ عنه، فلما ذاع ذكره في الآفاق الإسلامية، وقصده الناس للسؤال عن الحديث والفقه، جلس للدرس والإفتاء في المسجد الجامع ببغداد، وكثر الازدحام عليه حتى ذكر بعض الرواة أن عدة من كانوا يستمعون إلى درسه نحو خمسة آلاف مما يدل على مدى ما وصلت إليه مكانته.

والذي جاء في "تاريخ الذهبي" و"المناقب" لابن الجوزي، يدل على أن مجلسه تميز بالوقار والسكينة، وأنه كان يسأل عن الأحاديث المروية في الموضوع، فيتحرى النقل من كتبه غالبا دون أن يعتمد على الحفظ وحده، وأنه كان يرى أن علم الدين هو علم الكتاب والسنة، فلا يسمح بتدوين فتاواه الفقهية، ويعتبر تدوين آراء الناس في الدين من البدع.

ص: 382

‌محنته:

دعا المأمون الفقهاء والمحدثين إلى القول بخلق القرآن كما يقول أصحابه من المعتزلة، وأراد أن يحمل أحمد على أن يقول مقالته في خلق القرآن، فأبي أن يواقه، وكان ذلك سببا في إيذائه في عصر المأمون، وتوالى هذا الإيذاء بوصية منه في عصر المعتصم والواثق.

والذي يروى أن أول من قال إن القرآن مخلوق هو "الجعد بن درهم" في العصر الأموي، فقتله "خالد بن عبد الله القسري" يوم الأضحى بالكوفة،، وقد أتى به مشدودا في الوثائق عند صلاة العيد، فصلى خالد وخطب، ثم قال في آخر خطبته:"اذهبوا وضحوا بضحاياكم تقبل، فإني أريد أن أضحى بالجعد بن درهم، فإنه يقول: ما كلم الله موسى تكليما، ولا اتخذ الله إبراهيم خليلا، تعالى الله عما يقول علوا كبيرا"، ثم نزل وقتله.

وقال مثل ذلك القول: "الجهم بن صفوان" ولما جاء المعتزلة ونفوا صفات

ص: 382

المعاني، أنكروا أن يكون الله سبحانه وتعالى متكلما، وقالوا: إن الله يخلق الكلام كما يخلق كل شيء، فكانت دعواهم أن القرآن مخلوق لله، واشتد خوض المعتزلة في ذلك، حتى جاء المأمون واتخذ حاشية منهم، وقربهم حيث كان تلميذا لأبي الهذيل من رؤوس المعتزلة.

وقد طلب المأمون من نائبه في بغداد "إسحاق بن إبراهيم" استدعاء الفقهاء والمحدثين ليحملهم على أن يقولوا إن القرآن مخلوق، فأحضرهم ومنهم أحمد بن حنبل، وأنذرهم بالعقوبة الشديدة ولكن الله ربط على قلوب قلة منهم، آثروا الباقية على الفانية، فأصروا على موقفهم وإبائهم، وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل، الذي ظل صابرا حتى النهاية، يكبل بالحديد ويحبس ويؤذى حتى مات المأمون ولكن موته لم ينه المحنة بل ابتدأت في دور أقسى وأشد لأنه أوصى أخاه المعتصم بهذه المقالة من بعده، فسيق أحمد مصفدا إليه، بعد أن ولى الخلافة، وضرب بالسياط المرة بعد المرة، إلى أن يغمى عليه، واستمر حبسه نحوا من ثمانية وعشرين شهرا، ثم أطلق سراحه، وعاد إلى بيته وقد أثخنته الجراح، ولما استجم مما ألم به واصل درسه بالمسجد حتى مات المعتصم، وجاء الواثق، فأشار عليه "أحمد ابن أبي دؤاد" زعيم القول بخلق القرآن حينئذ الذي كان يسمى أمثال أحمد حشو الأمة، بألا يضرب أحمد كما فعل المعتصم، لأن هذا زاده منزلة عند الناس، وأن يكتفي بمنعه من الاجتماع والخروج للدرس، فانقطع أحمد عند الدراسة مدة تزيد عن خمس سنوات إلى أن مات الواثق سنة 232هـ "اثنتين وثلاثين ومائتين"، ثم عاد إلى الدرس مكرما عزيزا.

وكان أحمد يرفض عطاء الخلفاء، عرض عليه المتوكل مالا كثيرا بعد انتهاء محنته، وألح في العرض فأصر أحمد على الامتناع، وأن أكره على أخذ شيء فإنه كان يوزعه على الفقراء والمحتاجين، ورضي أحمد طوال حياته بعيشة الكفاف زاهدا تقيا.

ص: 383