الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما لا شك فيه أن الاستقراء يدل على أن السنة جاءت بأحكام لا تحضى كثرة لم ينص عليها القرآن، كتحريم الحمر الأهلية، وألا يقتل مسلم بكافر، وأنواع المعاوضات المالية المحرمة، فلا مناص من الاعتراف بأحكام في الشريعة لم تثبت إلا في السنة وحدها.
فأنت ترى بعد ذلك أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثروة خصبة في بيان مجمل القرآن، وتخصيص عامة، وتقييد مطلقه، وتشريع أحكام لم يأت لها نص في القرآن، وهي مادة غزيرة تغذى الفقه الإسلامي، وتنمى أحكام الشريعة ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل، لأن الله افترض طاعة رسوله، ولا يحل لمسلم علم ما في الكتاب وما في السنة أن يقوم بخلاف واحد منها.
المتوافر والآحاد:
ينقسم الحديث من حيث السند إلى قسمين رئيسيين:
المتواتر والآحاد
.
1-
المتواتر هو ما رواه عدد كثير تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، من أول السند إلى منتهاه، واستندوا إلى أمر محسوس.
ولا حد لهذه الكثرة في الرواية، والمعتبر في ذلك أن يكون عدد الرواة في كل طبقة من طبقات السند كافيا في الثقة بهم، والاطمئنان إلى صدقهم واستحالة إمكان إتفاقهم على الكذب فيما رووه، مع استنادهم في الرواية إلى أمر محسوس كالسماع والمشاهدة.
والمتواتر يفيد العلم الضروري، فلا يكاد المرء يعرف الرواية المتواترة بشروطها، حتى يجد في نفسه اليقين بصحتها وصدق ما تضمنته، ولذلك يجب العمل بالحديث المتواتر من غير بحث عن رجاله، ولا يعتبر فيه عدد معين في القول الأصح.
والمتواتر منه ما هو متوتر لفظا، ومنه ما هو متواتر معنى.
فالمتواتر اللفظي: هو الحديث الذي توافرت فيه شروط التواتر مع اتفاق الرواة على لفظه في واقعة واحدة.
ومثاله: حديث: "من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعدة من النار".
والمتواتر والمعنوي: هو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مختلفة تشترك في أمر يتوافر عندهم.
ومثاله: أحاديث رفع اليدين في الدعاء فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث جاء فيها أنه رفع يديه في الدعاء. لكنها في وقائع مختلفة، لم تتوافر كل واقعة منها، وإنما تواتر القدر المشترك فيها، وهو رفع اليدين عند الدعاء، فهذا القدر حصل فيه التواتر باعتبار مجموعها.
ومن الأحاديث المتواترة: حديث الحوض، وحديث المسح على الخفين، وحديث رفع اليدين في الصلاة، وحديث:"نضر الله أمرأ سمع مقالتي"، وحديث نزول القرآن على سبعة أحرف وحديث:"كل ميسر لما خلق له" إلى غير ذلك من الأحاديث..
2-
الآحاد: وحديث الآحاد هو: ما اختل فيه شرط من شروط التواتر، سواء أكان مشهورا، أم عزيزا، أم غريبا.
"أ" والمشهور عند المحدثين: هو ما له طرق محصورة بأكثر من اثنين، ولم يبلغ حد التواتر. وسماه جماعة من الفقهاء المستفيض لانتشاره، من فاض الماء يفيض فيضا.
وقد يطلق المشهور ويراد به ما اشتهر على الألسنة، سواء أكانت شهرته عند الفقهاء أو الأصوليين، أو النجاة أو العوام، ولو لم يروه إلا راو واحد، أو لم يوجد له إسناد أصلا، ولذا فإن شهرة الحديث لا تدل على صحته، فقد يكون ضعيفا أو موضوعا.
وخص الحنفية المشهورة بما كان آحاد الأصل متوترا في القرن الثاني والثالث، كحديث:"إنما الأعمال بالنيات" وجعلوه قسيما للمتواتر والآحاد.
ومثال المشهور عند أهل الحديث أنس: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان".
ومثال المشهور عند أهل الحديث والعلماء والعوام: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
ومثال المشهور عند الفقهاء حديث: " أبغض الحلال عند الله الطلاق" وحديث: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد".
ومثال المشهور عند الأصوليين: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
ومثال المشهور عند النحاة: "نعم العبد صهيب
…
لو لم يخف الله لم يعصه".
قال العراقي وغيره: لا أصل له، ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث.
ومثال المشهور بين العامة: "اختلاف أمتي رحمة" وهو ضعيف.
ب- والعزيز: هو ما رواه اثنان في أي طبقة من طبقات السند، بحيث لا يقل العدد عن اثنين، ولو زاد العدد في بعض الطبقات، وسمى عزيزا لعزته، أي قوته بمجيئه من طريق آخر، من عز: إذا قوى، أو لقلة وجوده، من عز: إذا ندر.
ومثال: ما رواه الشيخان من حديث أنس والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده ووالده".
جـ- والغريب: ما تفرد بروايته راو واحد في أي طبقة من طبقات السند. ومثاله: حديث النهي عن بيع الولاء وهبته.