الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي يراه المحققون وذكره محمد يوسف موسى: أنه ليس لباحث منصف أن يرمي أبا حنيفة بأنه كان يترك عامدا بعض ما صح عنده من الحديث والآثار، ليأخذ بالرأي والقياس، حاشاه أن يكون فعل شيئا من ذلك، وإلا لما كان مؤمنا حقا برسول الله، وما جاء عنه؛ بله أن يكون إماما من أئمة الشريعة الإسلامية الخالدين.
أثره الفقهي وانتشار مذهبه:
ينسب إلى أبي حنيفة الفقه الأكبر، وأنه حوى ستين ألف مسألة أو أكثر، ولم تصح هذه النسبة؛ وإنما قيل: إنه من تأليف أصحابه، وقد نسب إليه في العقيدة كذلك: الفقه الأكبر، وطبع في حيدرآباد الدكن بالهند سنة 1321هـ، وهو عقيدة سلفية لا تتجاوز عدة صفحات ولم تصح نسبته إليه.
وينسب إلى أبي حنيفة مسند في الحديث، قال ابن حجر العسقلاني في كتاب "تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة": أما مسند أبي حنيفة فليس من جمعه. والموجود من حديث أبي حنيفة إنما هو كتاب الآثار التي رواها محمد بن الحسن عنه ويوجد في تصانيف محمد بن الحسن وأبي يوسف قبله من حديث أبي حنيفة أشياء أخرى، وذكر صاحب كشف الظنون مسند الإمام الأعظم وذكر رواته، وأن الذي اعتنى بجمع مسانيده هو أبو المؤيد محمد بن محمود الخوارزمي المتوفي سنة 165هـ، وقد طبع هذا المسند في مصر سنة 1326هـ بما ينفي الدعوى القائلة: إن أبا حنيفة لم يصح عنده أو لم يبن مذهبه إلا على سبعة عشر حديثا.
ومما لا شك فيه أن أبا حنيفة ترك من بعده أثراها كبيرا، حتى قال الشافعي: إن الناس كلهم عيال عليه في في الفقه، وقد اشتهر من حملة فقهه، رجلان، أبو يوسف قاضي القضاة، ومحمد بن الحسن الشيباني، ولهذين الصاحبين فضل كبير على مذهبه في العمل على نشره وإذاعته؛ فكتب أبي يوسف هي التي حفظت أقوال أبي حنيفة التي نقلها عنه، ومن ذلك:
1-
الآثار: الذي هو مسند الإمام، مع إضافة أبي يوسف من مروياته في بعض المواضع.
2 الخراج.
3 اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى.
يقول الخطيب البغدادي في أبي يوسف: هو صاحب أبي حنيفة، وأفقه أهل عصره، وأول من وضع الكتب في أصول. الفقه على مذهب أبي حنيفة، وأملى المسائل ونشرها، وبث علم أبي حنيفة في أقطار الأرض.
وتعتبر مؤلفات محمد بن الحسن المراجع الأصلية لمذهب أبي حنيفة، وقد اهتم بها الفقهاء فيما بعد شرحا وتعليقا، ومن أهمها:
1-
الجامع الكبير.
2 والجامع الصغير.
3 السير الكبير.
4 السير الصغير.
5 الزيادات.
ومن أشهر تلاميذ أبي حنيفة كذلك: زفر بن الهذيل، الذي كان من أصحاب الحديث ثم غلب عليه الرأي ومهر في القياس.
وذكر ابن خلدون مجال انتشار مذهب أبي حنيفة فقال:
وأما أبو حنيفة فقلده اليوم أهل العراق، ومسلمة الهند والصين، وما وراء النهر، وبلاد العجم كلها، لما ان مذهبه أحفى بالعراق ودار السلام أي بغداد وكان تلاميذه صحابة الخلفاء من بني العباس؛ فكثرت تآليفهم ومناظراتهم مع الشافعية، وحسنت مباحثهم في الخلافيات، وجاءوا منها بعلم مستطرف، وأنظار غريبة.
ولما حكم العثمانيون حصروا القضاء في المذهب الحنفي، لأنه مذهبهم، فساعد هذا على انتشار المذهب وتعلمه في عامة الأقطار الإسلامية.
ولم يزل الأمر كذلك إلى اليوم في كثير من البلاد، بيد أنه قد أخذ الاقتباس من المذاهب الأخرى في الأحوال الشخصية، والوقف، والمواريث، والوصايا، وهي المسائل التي بقي القضاء فيها على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية دون سواها في تلك البلاد.