الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني:
الفقه
في عصر الخلفاء الراشدين
الفقه
…
الفقه في عصر الخلفاء الراشدين:
من سنة 11هـ إلى سنة 40 هـ.
الفقه:
الفاء والقاف والهاء أصل واحد يدل على إدراك الشيء والعلم به، تقول: فقهت الحديث أفقهه، وكل علم بشيء فهو فقه، ثم اختص بذلك علم الشريعة، فقيل لكل عالم بالحلال والحرام فقيهن وإذا كان الفقه في الأصل بمعنى العلم بالشيء والفهم له، فقد غلب على العلم بالشريعة لسيادته وشرفه وفضله على سائر أنواع العلم، حتى صار ذلك عرفا خاصا، فلا يطلق الفقه إلا على الفهم في الدين.
وما من شيء يصدر عن الإنسان من أقوال وأفعال سواء أكان من أنواع العفود أم من التصرفات الأخرى في العبادات أو المعاملات أو الجرائم إلا وله في الشريعة الإسلامية حكم بينته نصوص الكتب والسنة، أو أقامت الشريعة له أمارات ودلائل يستنبط منها المجتهدون الحكم.
ومجموع هذه الأحكام هو الذي يسمى بالفقه، فالفقه: هو مجموع الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية، وموضوع علم الفقه، هو فعل المكلف من حيث ما يثبت له من الأحكام الشرعية.
والحديث عن الفقه الإسلامي وتاريخه حديث عن الضوابط التي ترسى عليها البشرية دعائم نهضتها في صلة الإنسان بربه، وفي صلته بأبناء مجتمعه، وفي صلة
الأمة الإسلامية، بغيرها من أمم الدينا، وتلك هي الجوانب الثلاثة التي تقوم عليها الحضارة الإنسانية في الإسلام، وهي المعيار الذي يقاس به موقف الأمة الإسلامية من شريعة ربها في التزامها بهذه الشريعة واعتصامها بحبلها وإقامة حياتها على أسسها.
ولم تعد الشريعة الإسلامية موضع جدل في صلاحتها لكل زمان ومكان ووفائها بحاجات البشرية في كل عصر، حتى لدى أولئك الذين أثاروا في وجهها التهم، وأشاعوا قصورها وأغروا العالم الإسلامي بأن يستبدل بها القوانين الوضعية ونجحوا في ذلك بمعظم ديار الإسلام فإن المؤتمرات الدولية للقانون المقارن التي تعقد من حين لآخر قد فاءت إلى رشدها واعترفت بأن الفقه الإسلامي معين ثر له كيانه المستقبل المميز، وأنه مصدر قانوني أصيل.
ولا نسوق هذا شاهدا ندعم به أصالة الفقه الإسلامي الذي يستعلى بذاته عن هذه الاعتبارات، إنما نسوقه دليلا على تخبط الحياة البشرية التي تلهث وراء القوانين الوضعية فلا تجد ما يروي ظمأها، ويلبي حاجتها وتشعر بالقصور في كل حين.
ويكفي أن الله سبحانه وتعالى أكمل لنا بهذه الشريعة الدين، وأتم النعمة، وارتضى لنا الإسلام دينا، فأنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى ببضعة وثمانين يوما في يوم عرفة بحجة الوداع هذه الآية الكريمة:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا} 1.
وقد سبق أن ذكرنا فيما مضى أن عصر التشريع ينتهي بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي سميناه بعصر التشريع أما ما تلا ذلك فهو من باب الفقه، في الشريعة، وفي بداية حديثنا عن الدور الفقهي الأول يحسن بنا أن
1 المائدة: 3.