الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نسبة السنة إلى القرآن من حيث ما ورد فيها من الأحكام:
الأحكام التي وردت في السنة. إما أحكام مقررة لأحكام القرآن أو أحكام مبينة لها أو أحكام سكت عنها القرآن، ولا تعدو السنة أن تكون واحدا من هذه الامور الثلاثة.
وقد بين الإمام الشافعي هذا في "الرسالة" وقسم الأحكام إلى أقسام:
1-
ما أبامه الله لخلقه نصا، كجمل فرائضه من الصلاة والزكاة والصيام والحج، وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتحريم الزنا والخمر والسرقة، وأكل الميتة ولحم الخنزير، وسائر أصول الحلال والحرام.
2-
وما جاء حكمه في القرآن مجملا، وبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بسنته القولية والعملية، كتفصيل مواقيت الصلاة، وعدد ركعاتها، وكيفية أدائها، وبيان مقادير الزكاة وأوقاتها، والأموال التي تزكي. وبيان أحكام الصوم، ومناسك الحج، والذبائح والصيد، وما يؤكل وما لا يؤكل، وتفاصيل الأنكحة، والبيوع والجنايات، مما وقع مجملا في القرآن، وهو الذي يدخل في الآية الكريمة:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 1.
3-
وما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص الحكم بالقرآن، حيث فرض الله في كتابه طاعة رسوله والانتهاء إلى حكمه:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} 2 فمن قبل هذه السنة امتثل أمر أمر الله.
وتعرض ابن القيم في بيان وجوب اتباع السنة، ولو كانت زائدة على ما في القرآن، إلى مثل هذا التقسيم مستشهدا بالأمثلة فقال:
والسنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:
1 النحل: 44.
2 النساء: 59.
أحدها: أن تكون موافقة له من كل وجه، فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتضافرها.
وهذا يعنى أن الحكم يكون له دليلان، دليل من القرآن، ودليل من السنة، ومن ذلك الأمر بإقامة الصلاة، وإبتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت والنهي عن الشرك بالله، وشهادة الزور، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق، وغير ذلك من المأمورات والمهيات التي دل عليها القرآن والسنة معا.
والثاني: أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرا له.
ومن هذا القسم السنن التي فصلت إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والسنن التي بينت صحيح البيع وفاسده، وأنواع الربا المحرم، وسائر السنن التي بينت مجمل القرآن ومطلقه وعامه.
والثالث: أن تكون موجبة لما يسكت القرآن عن إيجابه، أو محرمة لما سكت عن تحريمه، أي أن تنشيء حكما لا يدل عليه نص في القرآن.
ومن أمثلة ذلك: تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وتحريم لبس الحرير والتختم بالذهب على الرجال.
ولا تخرج السنة عن هذه الأقسام فلا تعارض القرآن بوجه ما.
فما كان منها زائدة على القرآن فهو تشريع مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه، ولا تحل معصيته، وليس هذا تقديما لها على كتاب الله، ولكنه امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله، ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطاع في هذا القسم لم يكن لطاعته معنى، وسقطت طاعته المختصة به.
فكيف يمكن لأحد من أهل العلم ألا يقبل حديثا زائدا على كتاب الله، فلا يقبل حديث تحريم المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا حديث التحريم بالرضاعة لكل ما يحرم من النسب.