الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاجة إلى الموسوعة الفقهية على الصعيد الإسلامي:
تيسير معرفة الأحكام الفقهية التي في بطون أمهات الكتب القديمة:
لست من هؤلاء الذين ينظرون إلى كل قديم بمنظار قاتم، ويرون في كتب الفقه القديم طلاسم يصعب حلها، ويعتبرون أي تجديد تقدما ونصرا فإن أصحاب أمهات كتب الفقه الأصيلة قد أفنوا أعمارهم فيها قربة إلى الله تعالى، وبذل كل واحد فيما ألفه من جهد ما يعجز عن القيام به في الوقت الحاضر المجامع والمؤتمرات، ولا تزال الأبحاث الجديدة مع ما فيها من تجديد لا تجد لها معينا تستقي منه سوى تلك المصادر الأولى، التي يجب إجلال أصحابها، والاعتراف بفضلهم، والدعاء لهم جزاء ما قدموا للإسلام من ذخيرة فقهية عظيمة؛ ولكنني أرى أن الممارسين لهذه الكتب، والذين تمرسوا بها، هم الذين يفهمون أسلوبها ويدركون الأحكام في مظانها -وهم قلة نادرة- ويظل أكثر الناس -حتى من المشتغلين بالفقه الإسلامي- يعانون كثيرا من الصعوبات في الاستفادة من تلك الكتب، في معالجة قضايا الفقه الإسلامي.
ونستطيع أن نجمل ما يجده الباحث في أمهات كتب الفقه من صعوبات في الأمور الآتية:
أ- يجد صعوبة في البحث عن الحكم الجزئي؛ حيث إن فهارس تلك الكتب فهارس مجملة تكتفي بذكر الأبواب، ورؤوس الموضوعات، والموضوع واحد قد يشتمل على مئات الأحكام الجزئية التي لا يرد لها ذكر في الفهرس.
ولم يكن السابقون يعرفون طريقة الفهارس التحليلية التي تعين القارئ على سرعة الوصول إلى ما يبتغيه في لحظات قليلة، ولم تخدم هذه الكتب في العصر الحاضر بفهرستها إلا النزر اليسير، بصورة لا تفي بالغرض المقصود؛ بل إن عمل الفهارس وحده قد صار مرحلة أولى تتبعها مرحلة ثانية، هي: بيان موجز الحكم وهو ما يمكن أن يسمى بـ "معجم الكتاب".
فالفهرسة ضرورية لكتب الفقه الكبيرة، التي تبلغ عدة مجلدات، ويقع بعض أبحاثها في مظانه التي تحظر على بال الباحث؛ وذلك ببيان موضع الحكم المبحوث عنه في الكتاب الأصلي، فإذا أضيف إليها بيان موجز
الحكم، ساعد ذلك من يريد الاكتفاء بالمعجم عن الرجوع إلى الكتاب الأصلي.
ب- ويجد الباحث في كتب الفقه الكبيرة صعوبة في الفهم؛ فإن أكثرها شروح وحواشي على متون ومختصرات.
وكان أصحاب الحواشي يكتفون ببيان أول الجملة التي يريدون الكلام عنها من الشرح، ثم ينصرفون إلى شرحه أو التعليق عليه، دون ربط متصل بالمتن، مع التركيز الشديد في الأسلوب؛ فإذا قرأ الباحث وجد نفسه من ناحية أمام نصوص متفرقة لا يجمعها سياق واحد.
ومن ناحية ثانية، أمام أسلوب مركز لا يفهمه إلا من اعتاد قراءة هذه الكتب، وهذا يجعل عثوره على الحكم الذي يبحث عنه صعبا في كثير من الأحيان.
جـ- ويجد الباحث كذلك صعوبة في الفهم الرموز والمصطلحات؛ فإنها تشير إلى كلمات مختزلة لأسماء المراجع أو المؤلفين؛ فمن أمثلة هذه الرموز مثلا في كتب الفقه الحنفي: "ط، س، ز، ح" والمراد بتلك الحروف على التوالي "الطحاوي، أبو يوسف ومحمد، زفر، الحلى المداري" ولا بد من الرجوع إلى الجزء الأول لمعرفة مدلول كل رمز منها.
ومن أمثلة هذه المصطلحات "الإمامان" وهما "أبو حنيفة وأبو يوسف" والصاحبان وهما "أبو يوسف ومحمد"، والأئمة الثلاثة:"أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد" وهكذا.
د- وقد تكون صعوبة إدراك المراد بالمصطلحات ناشئة من اختلاف مدلولها عند المذاهب؛ فإذا لم يكن القارئ على إلمام بها أخطاء في فهم الحكم نفسه. ومثال ذلك: اصطلاح الفساد والبطلان عند الحنفية؛ فالفساد عندهم يقابله الصحة، والبطلان يقابله عدم الانعقاد، وغير الحنفية يجعل الفاسد