الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أن يكر عليهم العدو فيصبحوا صرعي على ظهر الأرض كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية آمنا بالله.
وقد حدثني والدنا السعيد وكان قد حضر الواقعة قال: لما انهزمنا لا يلوى أحد على أحد كان من بين المنهزمين رجل ظفر بمزود فهو حامله على ظهر جمله يقول ما أحلاك من يوم فسمعه آخر مثخن بالجراح يئن على ظهر جمل مشدودًا فأجابه بقوله على أناس من أناس.
ذكر أزواج حسن وأبنائه
كان له زوجتان وهما الجوهرة ومزنة بنت جار الله وله خمسة بنين، صالح ومهنا وسليمان وعبد الرحمن وعبد العزيز.
فأما صالح فهو الفارس الشجاع الذي انتهت إليه إمارة بريدة بعدما استولى عليها عبد العزيز بن سعود، وقد شوهد منه شجاعة وبسالة وكفاءة في حرب البكيرية، وكشف بأهل القصيم جيش ابن رشيد وعساكر الأتراك، واستمر في إمارته حتى جرى منه ما يوجب عزله بعد سنتين، وقتل أخوه مهنا وكذلك لم تمتد أعمار عبد الرحمن وعبد العزيز، أما سليمان فقد عاش إلى زماننا هذا، وكان لحسن خمس بنات أيضًا.
ذكر من قتل فيها من الأعيان
وهم خلق كثير، ولكن نذكر الأعيان زامل بن عبد الله أمير عنيزة المشهور، وقد كانت إمارته تزيد على ثماني عشرة سنة، وقتل معه أبناؤه عبد العزيز وغيره وأخوه علي بن سليم، سليمان بن ناصر بن جربوع قدس الله روحه ونور ضريحه، وهو أخو زعيم بريدة المشهور، بل كان زعيمًا عظيمًا، دحيم بن علي الرشودي وهو أخو فهد الرشودي الرجل المشهور، وكان دحيم هذا من الأعيان والرؤوساء، حسن بن مهنا الأمير، عودة بن حسن آل عودة، وكان من آل أبي الخيل وقد قتل أبوه في سنة قتل مهنا لأنه قام يطلب بثأره فقتل معه.
علي بن مرشد الصالح كان رحمه الله بارًا صالحًا تقيًا ومقره القصيعة بلدة أبيه مرشد، محمد بن علي بن مرشد بن المتقدم ذكره.
عثمان العريني كان فتى همامًا له إقدام ومقره قرية تدعى، وكان له فيها نخيل وعقار وقد أحاطه بسور وجعل للسور بابين شرقيًا وغربيًا فالشرقي باب الديرة نسبةً إلى جهة بريدة، والغربي باب البر إشارةً إلى أنه إلى جهة البرية وكان مشهورًا مذكورًا.
عبد العزيز بن عبد الله المهنا أخو محمد الأمير، سليمان بن أحمد آل رواف كان من المشاهير الأعيان وهذا أخو عبد الله بن أحمد الرواف، عبد الله بن عثيم كان مشهورًا وأبناؤه وأقربائه في موضع الشماس شمالي بريدة، عبد الله التويجري كان موضعه في قرية القصيعة وكان مشهورًا، حمد بن سعيد.
وممن قتل فيها من الأعيان أبناء ناصر العجاجي، وكانوا خمسة كلهم فضلاء، وهذه أسمائهم: محمد بن ناصر، وعبد الله بن ناصر، وإبراهيم بن ناصر، وعبد الرحمن بن ناصر، وإبراهيم بن ناصر، وكل هؤلاء شريف من العرب ذوي الأحساب، فأما عبد الرحمن بن ناصر العجاجي فإنه كان زاهدًا ورعًا تقيًا وله مقامات في الزهد عجيبة، وكان مقبلًا على الله والدار الآخرة معرضًا عن الدنيا، طالب علم عاملًا، وله كتاب الفصول في قيام ليالي رمضان، وهذه الفصول موجودة تداولها الأيدي، وقد كان مصنفها رحمه الله ليس له اعتناء في النحو والصرف والشعر فلذلك يرى في فصوله شيء من القصور، وأظنه لا يعتني بالإعراب أنما جل مقصوده الوعظ والتذكير، وقد حدثنا من رآه مرة في المقبرة فالتفت يمنةً ويسرةً فلما لم ير أحدًا تجرد من ثيابه، وكان قد لبس تحتها أكفانًا، فنزل في قبر وتمدد فيه وجعل يبكي ويحاسب نفسه، مالك تفعلين كذا لم تعصين الله وهو يراك، وتأكلين المتشابه، وقد تكرر ذلك منه عدة مرات فرحمة الله عليه، وهذا والله كمال العقل أن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب، ويتأهب لذلك المصرع الطويل، أما بقية القتلى فلا يحضرني الآن ذكرهم.
ولقد كان موضع المعركة يشيب الوليد بحيث أن الجرحى يئنون فوق ظهر الأرض لا يجدون من يقوم برعايتهم، حتى هلكوا بين أولئك القتلى، والأمر كان فوق ما قيل من الهول والأمر الفظيع، وهذه الواقعة شبيهة بواقعة بقعا فإن الجرحاء لما وقعوا بين الأموات إذ ذاك قام الرشيديون ينادون بالماء لمن يريد الشراب فإذا تكلم الجريح أجهزوا عليه، وهل بعد هذه القسوة شيء، نسأل الله العافية، وما أشبه الليلة بالبارحة، فتلك فعلها عبد الله بن علي بن رشيد بأهل القصيم، وهذه فعلها ابنه محمد بن عبد الله بهم أيضًا، وبهذا تعرف فظاعة آل رشيد وغلظتهم وفظاظتهم.
وتعلم أن أهل القصيم ابتلوا وامتحنوا بوقعات أضعفت شأنهم كبقعا وأليتيمة والمليداء وغير ذلك.
رجعنا إلى ذكر الإمام عبد الرحمن الفيصل، فنقول لما علم الإمام عبد الرحمن بما جرى، خرج من الرياض لينجد أهل القصيم، ولما أن علم وهو في أثناء الطريق ما جرى في المليداء من الهزيمة على أهل القصيم ثنا عزمه وعاد إلى الرياض، فأخرج حريمه وأولاده منها وترك أوطانه فارًا منها، فليس له قرار حتى يعيد الله الكرة وينعش أوليائه، ويأتي بفرج وفتح من عنده، فارتحلوا إلى الأحساء، وكان المتصرف فيها عاكف باشا، وبعد أن وصل الإمام عبد الرحمن إليها قابله مندوب من قبل واليها، وهو شاب لبناني اسمه الدكتور زخور عازار، انتدبه المتصرف ليفاوض ابن سعود ويعرض عليه شروط الدولة، فاجتمع بعبد الرحمن على عين النجا قرب المبرز في جمادى الثانية من هذه السنة، وكان مع عبد الرحمن ابنه الصغير عبد العزيز، فعرض عليه أن يعود إلى الرياض ويتولاها من قبل الدولة العثمانية إذا اعترف بسيادتها، وأن يخضعوا لها ويدفعوا بمثابة الخراج ألف ريال في السنة، فلعلم الإمام بعجز الأتراك عن مساعدته مساعدةً فعلية، ولعلمه بنيتهم أبى ورفض ما اشترطوه قائلًا: إن بعد ذبح بندر بن رشيد تفلتت العشائر فصارت خائنة بعضها لبعض وللأمراء الحاكمين كذلك، وكان صاحب قطر وهو قاسم بن ثاني يومئذٍ خارجًا على الدولة فشاع أن مندوب عاكف باشا يسعى في عقد اتفاق بين ابن سعود وبين