الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه ترجمته رحمة الله عليه:
هو العاهل المقدام والأسد الضرغام وسلالة الأمجاد والكرام سعود بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود آل مقرن، كان شجاعًا ومشهورًا بالجراءة والإقدام، قد ظهرت فيه علامات السيادة وهو قد التف في مهاده، وكان له كرم عظيم وبذل وعطايا كثيرة حتى اشتهر جوده واعتلى صيته، وقد ساعده التقدير، مع ماله من الهمة العلياء والأمر الخطير، والقدر السامي والشأن الكبير، فلما رآه والده أهلًا للرئاسة استعمله أميرًا في ناحية الخرج وكان مقرونًا به الظفر، وله سبق في الفضل، غير أنه قام ينازع أخاه الإمام عبد الله الملك، فحصل بسبب ذلك محن على أهل الإسلام وفتن كبيرة على الآنام، وهذا يعد من سيئاته والله يغفر له، فأنتج خلافه ومنازعته فتنًا مظلمة وحوادث مدلهمة، وكان أمر الله قدرًا مقدورا، ولولا ما يسره الله من قيام الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن وسعيه في تسكين بعض الحوادث الثائرة بحسب جهده وطاقته، مع أنه لا يستطيع وليس في إمكانه قطع مواد الشر من أصله لعدم سلطانه وقلة معاضديه وأعوانه، لكان الأمر أدهى مما وقع وأجسم مما حصل، ولكنه ما زال يدأب في قمع الفساد ويبث نصائحه في العباد حتى رمم بعض ما تفتق، وهذه الدنيا جعل الله صاحبها يعيش في كيد ويفشوا بين أهلها النكد والحسد، أضف إلى ذلك ما إذا كان للإنسان أعوان لا يساعدونه على فعل الخير مع ما بلى به العبد من الهوى والنفس والإمارة بالسوء، وتسويل الشيطان وغرور الدنيا، كما جرى ذلك في القرون السالفة والله ولي التوفيق.
ولما توفى قام بالأمر من بعده أخوه الإمام عبد الرحمن بن فيصل وكان عبد الله بن فيصل إذ ذاك هو وأخوه محمد بن فيصل مع بادية عتيبة.
ثم دخلت سنة 1292 ه
ـ
ففيها أمر عبد الله بن فيصل على أخيه محمد بن فيصل أن يسير إلى شقراء، وكتب معه بكتاب إلى رؤساء أهلها، وكتب أخرى على رؤساء بلد الوشم يأمرهم
أن يجهزوا غزوهم معه، فسار محمد إليها ومعه عدة رجال من الخدم وعتيبة وأقام في شقراء مدة أيام، ثم سار منها يغزو واستجابوا له وأطاعوا من أهل الوشم، فتوجه إلى ثرمدا، وكان أخوه الإمام عبد الرحمن بن فيصل لما جاءه الخبر بوصوله إلى بلد شقراء قد خرج من الرياض ومعه جنود كثيرة من أهل الرياض والخرج والجنوب والعجمان ومعه الدويش ومن معه من مطير وسبيع، ومن ضمن اتباعه أولاد أخيه سعود بن فيصل، فزحف بهذه الجنود وتوجه إلى الوشم فالتقى بمحمد بن فيصل ومن معه في ثرمدا فحصرهم الإمام وحصل بينه وبين أهل ثرمدا ومحمد بن فيصل قتال شديد، قتل فيه من أهل ثرمدا ثمانية رجال ومن العجمان خمسة، ثم إنهم تصالحوا على أن محمد بن فيصل يخرج إليهم ويدفعون إليه ركائب أصحابه وسلاحهم، فلما خرج محمد قبضوا عليه وهرب من معه من الجنود، ثم إن الإمام عبد الرحمن وأبناء أخيه ومن معهم من الجنود حاصروا شقراء فأعياهم أمرها فارتحلوا عنها وفر الأمير محمد بن فيصل إلى الرياض فدخلها ومن معه، ثم أن عبد الله بن فيصل حاول الرجوع إلى الرياض لكنه هاب أخاه عبد الرحمن لما معه من كثرة الجنود.
ولما سار الإمام عبد الرحمن بجنوده توجهوا إلى الدوادمي، ولما أن وصلوا إليه وإذا مصلط بن ربيعان ومحمد بن هندي بن حميد وهذال بن فهيد الشيباني ومن معهم من قبائل عتيبة قد أقبلوا يريدون النزول على بلد الدوادمي، فوقع بين الفريقين قتال شديد وكانت الغلبة لعتيبة، فرجع الإمام عبد الرحمن بن فيصل إلى الرياض.
ثم إنها وقعت الشحناء بين آل مقرن كل يرى أنه أولى بالولاية وله الأولية، فأصبح المسلمون يتوقعون كل يوم فتنة، وإنما قدموا عبد الرحمن بعد وفاة أخيه سعود خوفًا من عتاة الأعراب والغزاة الذين قدموا إلى الرياض، وقد حدثتهم أنفسهم بنهبها، فبايعوا الإمام عبد الرحمن لغيبة أخيه عبد الله، وتعذر مكاتبته، ومن ذكره إذ ذاك يخشى على نفسه وماله.