الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظل بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مراد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
له خمسة أبناء حسين وحسن وعلي وعبد الله وإبراهيم.
ولد الشيخ في بلدة العيينة 1115 هجرية، وكان من بيت علم؛ فأبوه شيخ كبير وجده سليمان بن علي عالم نجد في زمانه، له اليد الطولى في العلم، وانتهت إليه الرياسة في نجد، ولما ولد المترجم في العيينة فرح به والده، وحفظ القرآن تجويدًا عن ظهر قلبه، قبل بلوغ عشر سنين، ودرس في الفقه حتى نال حظًا وافرًا وأصبح موضع الإعجاب من والده لقوة حفظه، وجودة ذكاءه، لأنه كان حاد المزاج متوقد الذهن سباقًا في عقله، قويًا في جسمه، وشوهد منه في حال سفره كثرة المطالعة في كتب التفاسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره لمعرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه المضلة عن طريقه، ولما تم له اثنتا عشرة سنة من عمره بلغ الحلم، ورآه والده أهلًا للإمامة في الصلاة، فقدمه إمامًا فقام بأعباء هذه المهمة رغم حداثة سنه.
أخلاقه وسجاياه
كان بشوشًا متواضعًا جوادًا، ذا عبادة وإيثار للفقراء والمساكين، أضف إلى ذلك قوة وهيبة تهابه الأمراء والرؤوساء، بل كان يهابه كل من يراه.
ومن العجائب، أنه في أصله متواضع، لين العريكة سمح بشوش، لكن الله تعالى جعل له هيبة في القلوب، ومنحه كمال الرأي والفراسة والتدبير، وكان شكورًا لنعمة الله، وعلى جانب عظيم من الإنطراح بين يديه، وكثيرًا ما يلهج بقوله تعالى:{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ} [النمل: 19]، ويتمثل لهذه الأبيات:
بأي لسان أشكر الله أنه
…
لذو نعمة أعجزت كل شاكر
حباني بالإسلام فضلًا ونعمة
…
علي وبالقرآن نور البصائر
وبالنعمة العظمى اعتقاد ابن حنبل
…
عليها اعتقادي يوم كشف السرائر
وأيضًا: فإنه كان على ثقة بربه عز وجل ويعلم أنه من كان مع الله كان الله معه ومن قام لله قام الله معه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].
وكان قويًا بأمر الله تعالى، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يستشعر الخوف ولا اليأس معلقًا آماله بالله، ولقد قام في زمن عاد المعروف فيه منكرًا والمنكر معروفًا والسنة بدعة والبدعة سنة، نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير، وقد طبق الشرك مشارق الأرض ومغاربها إلا من شاء الله، قد ملأ الشرك الأقطار وعم القرى والأمصار، وملأت البدع الفيافي والقفار، فأراد الشيخ أن يكون داعية إلى الله وإلى كتابه ورسوله، وما عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين، لأنه حنيف موحد وإمامه الرسول، جعل يدعو إلى التوحيد وإفراد الله بأنواع العبادة، وخلع عبادة ما سواه، مبينًا أن تلك الجمادات التي يعبدونها، والأموات لا تجلب خيرًا ولا تدفع ضرًا، وما النفع إلّا بيد الله الذي لا يرزق سواه، ولا ينفع غيره صارخًا بالدعوة:"أيها الناس هلّموا إلى ربكم وأفردوه بالعبادة"، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107]، فما كانت هذه الأشجار لتجلب نفعًا أو تدفع ضرًا، وإن الميت لا ينفع نفسه فضلًا عن أن ينفع غيره؛ وكان لنجد من الشرك الحظ الأوفر فكان لما دعاهم إلى ذلك عود الشجا في حلوقهم، وحنظلة في أفواههم، فما كان لصرخته مجيب، ووافقت آذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، قد استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، وزين لهم الشيطان عبادة الأشجار والأحجار، والقبور والبناء عليها، والتبرك بها، والنذر لها، والاستعاذة بالجن والشياطين، والذبح لها، فكانوا في نجد يضعون الطعام للجن في زوايا البيوت، يطلبون شفاء مرضاهم وكشف بلواهم.
قلت يا عجبًا لأمر المشركين حيث أعمى الله بصائرهم {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة: 41].