الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسلمين، وكان من أشهر خطباء مصر في الأندية، وكانت خطابته في الأمور الدينية والسياسية والاجتماعية.
وفي هذه السنة رحل الحسين بن علي الشريف وأسرته إلى الأستانة، ومن بينهم نجلاه فيصل وعبد الله، وذلك حينما تلقى الحسين دعوة السلطان عبد الحميد، فنزلوا في القصر الفخم الذي أهداه السلطان لهم، وعين عضوًا في مجلس شورى الدولة، وقضى أولئك الأنجال زمن الشبيبة في الأستانة عاصمة ملك الدولة، يدرسون على أساتذة خصوصيين، وكان يتردد على قصرهم رجال الدولة ويجتمعون بالعظماء والأدباء من مشاهير الترك، وأكسبهم ذلك خبرة واسعة.
وفيها عزم محمد بن رشيد على جعل ابن أخيه عبد العزيز متعب ولي العهد من بعده، ذلك لأن محمدًا عقيم، وجعل يوصي ولي عهده بوصايا نافعة تعود عليه وعلى الرعية بالصلاح والأمن، وسيأتي ذلك في التي بعدها إن شاء الله تعالى.
هذا ولا تزال الحركة الدينية في القصيم في غاية النشاط والتقدم، وكان لدى أهل الدين في ذلك الوقت قوة عزيمة وصدق مع قلة المساعد وضعف المعاضد، ولكنه كما قيل من كان مع الله كان الله معه، ومن عامل الله فما فقد شيئًا، فنسأل من بيده أزمة الأمور أن يلطف بأوليائه وينصرهم ويظهر دينه ويعلي كلمته ويذل أعدائه، ويرفع يده عنهم ويريح البررة، ويمحق الفجرة إنه على كل شيء قدير.
ثم دخلت سنة 1315 ه
ـ
ففيها هدمت وأزيلت الحنفية التي كانت في موضع الصفا من مكة، وأزيل أيضًا معها من الحنفيات غيرها، من الحنفيات التي كانت خلف المدارس على مسيل وادي إبراهيم، وذلك بسبب كون الذين كانوا يتوضؤون منها يلوثون أبواب المسجد الحرام بالوحل الذي يتراكم من فضلات المياه المستنقعة هناك.
وفيها في 3 رجب توفى الأمير محمد بن عبد الله بن رشيد على فراشه، ولم يكن
مات عن قتل كغالب آل رشيد، بل مات موتًا طبيعيًا وهذه ترجمته:
هو الأمير الكبير وذو الشأن الخطير، الحاكم محمد بن عبد الله بن علي بن رشيد بن عبد الله آل رشيد آل خليل آل جعفر آل عبدة، ويسمى محمد الأكبر، كان عقيمًا لم يولد له أولاد، ويمتاز بالدهاء والمعرفة والغوص على غامض الأمور، أضف إلى ذلك عقلًا وسياسةً مع حظ حسن، وكان حاذقًا ماهرًا في إصلاح الملك ومعه إناءة ورأي سديد، وكان مهابًا غير أنه ليس بمحبوب على الإجمال عند الناس، ذلك بأنه انتزع الملك من آل سعود ظلمًا وعدوانًا، ولا ريب أن آل سعود أرجح كفة عند الناس وأهل الحق في التقديم، أما تدابيره وسياسته، فإنه أسد رأيًا من مبارك بن صباح مع ما لمبارك من الدهاء والحذق، وكان هو أمير الحاج العراقي حينما كان بندر بن طلال متوليًا الإمارة، ولما قتل بندر هذا وأخوه بدر عمهما متعب بن عبد الله، فر محمد المترجم ولاذ بالإمام عبد الله بن فيصل خوفًا على نفسه من ابن أخيه بندر بن طلال، فوفق الإمام بينه وبين ابني أخيه بندر وبدر، فأمنا محمد على حياته، وعاد إلى حائل واستمر على إمارته للحاج، ولكنه طمع بإمارة أكبر منها، فقام بعد قليل يحقق مطامعه، بل قام يطلب بثأر أخيه متعب، فقتل بندرًا وبدرًا وأخوتهما، ولما قتلهم خلا له الجو كما قيل.
فألقت عصاها واستقر بها النوى
…
كما قر عينا بالأياب المسافر
ثم إنه صاح للقبائل فلبته مختارة أو مكرهة، وكتب له النصر في جميع حروبه، وقام يتحبب إلى الناس ويعتذر من قتل أبناء أخيه وذكر أنه قتلهم قبل أن يقتلوه كما قيل تغد بالذئب قبل أن يتعشاك، ولما تولى الإمارة كان سيدًا مطاعًا في عشيرته، فهو كبيرها وكبير شمر بل كبير العرب في أيامه، واستولى على بلاد نجد كلها حتى وادي الدواسر، وكان في حكمه وأمره عادلًا وتضرب الأمثال في رأيه ومعرفته، ويتأسى بتدابيره وسياسته.
وكان حليمًا حكيمًا حتى أن البدو ليسخرون منه لقلة حصده الروس فيقولون هذا حاكم لا يحصد الرؤوس، ومن دهائه أنه قدم عليه كبير أعراب، رفيع القدر،