المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم دخلت سنة 1302 ه - تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان - جـ ١

[إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم الناشر "علي الحمد الصالحي

- ‌ترجمة المؤلف:بقلم تلميذه: سليمان العبد العزيز التويجري

- ‌فصلويا ويل كل مؤرخ

- ‌فصلوقد كانت الأمم الأخرى تشجع المؤلفين

- ‌فصلفدونك كتابًا يصلح للدنيا والدين

- ‌ذكر ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌أخلاقه وسجاياه

- ‌ذكر ما كان في زمانه من الشرك والبدع

- ‌ذكر علو قدره وإسناد الأمور إليه

- ‌ذكر مؤلفات الشيخ

- ‌وذكر مشايخه وتلامذته

- ‌ذكر القبول الذي جرى على الدرعية

- ‌الوشم وضواحيه

- ‌المحمل

- ‌الحمادة

- ‌العارض وضواحيه

- ‌التعريف بالعارض وتلك الضواحي

- ‌ذكر الرياض عاصمة المملكة السعودية

- ‌ذكر تعزيز مقام الأمر بالمعروف

- ‌ثم دخلت سنة 1268 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1269 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1270 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1271 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1272 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1273 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1274 ه

- ‌ذكر قانون أبي نمي

- ‌ثم دخلت سنة 1275 ه

- ‌ذكر عزل أمير بريدة

- ‌ثم دخلت سنة 1276 ه

- ‌ذكر قتل أمير بريدة عبد الله بن عبد العزيز بن عدوان

- ‌ذكر برجس بن مجلاد

- ‌ثم دخلت 1277 ه

- ‌ذكر واقعة الطبعة

- ‌ذكر قتل الأمير عبد العزيز المحمد سنة 1277 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1278 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1279 ه

- ‌ذكر وقعة المطر

- ‌ثم دخلت سنة 1280 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1281 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1282

- ‌ذكر نكت تتعلق في ذلك الزمان

- ‌ذكر بلاد العرب وإماراتها

- ‌ذكر تأسيس بيت آل رشيد

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌ذكر شيء من سياسته

- ‌ذكر ما جرى عليه من المحن والأخطار وثقته بالعزيز الجبار

- ‌ذكر مشائخه الذين أخذ عنهم

- ‌ذكر الوظائف التي نالها

- ‌ذكر مؤلفاته وسعة علمه

- ‌ثم دخلت سنة 1283 ه

- ‌ذكر ما جرى فيها من الحوادث

- ‌ذكر إمامة عبد الله بن فيصل وما جرى فيها

- ‌ذكر الأمور التي عارضت استقامة أمره وكان أمر الله قدرًا مقدورا

- ‌ذكر واقعة المعتلا

- ‌ثم دخلت سنة 1284 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1285 ه

- ‌ذكر من توفى فيها من الأعيان

- ‌وفاة الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله وهذه ترجمته

- ‌ذكر مؤلفاته وسعة علمه

- ‌ثم دخلت سنة 1286 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1287 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1288 ه

- ‌ذكر واقعة البره

- ‌ذكر قدوم العساكر العثمانية والجنود التركية

- ‌ذكر وقعة الخويرة

- ‌ثم دخلت سنة 1289 ه

- ‌ذكر ما حل ودهى وما حصل وجرى

- ‌فصل فيما جرى من مفاسد العساكر والبوادي

- ‌ثم دخلت سنة 1290 ه

- ‌ذكر قيام عبد الرحمن بن فيصل يريد الملك لنفسه وهذا أصغر أبناء فيصل

- ‌ثم دخلت 1291 ه

- ‌ذكر شيء من أذكار عبد الرحمن بن فيصل

- ‌ثم دخلت سنة 1292 ه

- ‌ذكر قتل مهنا الصالح أمير بريدة رحمه الله تعالى

- ‌ثم دخلت سنة 1293 ه

- ‌ذكر تلامذته والآخذين عنه

- ‌ذكر مؤلفات الشيخ الملحوظ بعين التشريف الحبر الإمام عبد اللطيف

- ‌ثم دخلت سنة 1294 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1295 ه

- ‌ذكر الفظائع التي فعلتها روسيا والأعمال الوحشية

- ‌ثم دخلت سنة 1296 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1297 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1298 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1299 ه

- ‌ذكر من توفى فيها من الأعيان

- ‌ثم دخلت سنة 1300 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1301 ه

- ‌ذكر وفاة الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله تعالى وهذه ترجمته

- ‌الوظائف التي نالها

- ‌ثم دخلت سنة 1302 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1303 ه

- ‌ذكر إمارة سالم بن سبهان على الرياض 1303 هـ وشيء من عدله

- ‌ثم دخلت سنة 1304 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1305 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1306 ه

- ‌ذكر شيء من أخبار الشيخ محمد عبده

- ‌ثم دخلت سنة 1307 ه

- ‌ الإمام عبد الله بن فيصل

- ‌هذه ترجمته:

- ‌ثم دخلت سنة 1308 ه

- ‌ الشيخ محمد بن عمر آل سليم

- ‌هذه ترجمته:

- ‌ذكر واقعة المليداء سنة 1308 ه

- ‌ذكر أزواج حسن وأبنائه

- ‌ذكر من قتل فيها من الأعيان

- ‌ثم دخلت سنة 1309 ه

- ‌ذكر إمامة محمد بن رشيد في نجد

- ‌ثم دخلت سنة 1310 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1311 ه

- ‌ذكر شيء من النشاط الديني في ذلك الزمان

- ‌ثم دخلت سنة 1312 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1313 ه

- ‌ذكر سفر الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى حائل

- ‌ثم دخلت سنة 1314 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1315 ه

- ‌ذكر إمارة عبد العزيز بن متعب بن رشيد

- ‌ثم دخلت سنة 1316 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1317 ه

- ‌ثم دخلت سنة 1318 ه

- ‌ذكر واقعة الطرفية سنة 1318 ه

- ‌ذكر قتل الأسراء بعد الوقعة وما جرى من ابن رشيد من الظلم والجراءة التي سيجازيه الله عليها وقد قتل وما بلغ مراده

- ‌غريبة عجيبة

- ‌ثم دخلت سنة 1319 ه

- ‌ذكر فتح الرياض في هذه السنة على يدي صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

- ‌صفة حراسة الرياض

- ‌ذكر مخاطرات جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود أدام الله توفيقه

- ‌أخلاقه ونشأته

- ‌سياسته ومقدرته

- ‌ذكر أمراء آل رشيد وقضاتهم

- ‌تنبيه

الفصل: ‌ثم دخلت سنة 1302 ه

تلقاه بالإكرام والاحترام والحفاوة، وأجلسه عنده كأكرم حشيم، وحقًا عليه محمد بن رشيد أن يكرم آل سعود، أليسوا سادته وأهل الفضل عليه وعلى آل بيته، وأقام في حائل حتى قدم في السنة التي بعدها.

وفي هذه السنة أزيلت قبتان في المسجد الحرام خلف بئر زمزم، وذلك لأنه لما دخل السيل في المسجد الحرام وأتلف كثيرًا من الكتب التي هناك اقتضى رأي ولاة الأمر في ذلك الوقت إلى نقل الكتب كما تقدم، وجعل محل القبتين رحبة في المسجد الحرام توسعة للمصلين فلم يبق لهما أثر، وهذا في بدء ولاية الشريف عون الرفيق، وكان شيخ الحرم إذ ذاك عثمان نوري باشا.

وفيها أزال عثمان المذكور بشيخ المسجد الحرام المزولة التي بصحن المسجد الحرام خلف زمزم، وجاء بساعتين كبيرتين يبلغ طول الواحدة منهما نحو مترين، فوضعهما في حجرة ملاصقة لباب بازان مما يلي منارة باب علي بالمسجد الحرام، ولا تزال الساعتان موجودتين غير أنهما صارتا غير صالحتين لعدم تعهدهما بالإصلاح، ولطول الزمان وتداول الأيدي عليهما.

‌ثم دخلت سنة 1302 ه

ـ

ففي محرم منها قدم محمد بن فيصل إلى بلد الرياض، وكان قدومه في خامس محرم راجعًا من عند الأمير محمد بنُ رشيد بهدية ثمينة لأخيه الإمام عبد الله بن فيصل من الأمير المذكور، وترك له بلدان الوشم وسدير.

وكان قد مدّ يديه عليهما كما أسلفنا، فقام الإمام عبد الله وعزل من أراد عزله من أمراء تلك البلدان وأبقى من أراد بقاءه منهم، فكثر الاختلاف منهم على الإمارة، وعظم الشقاق، وتغلب أهل البلدان على بلدانهم، فما تم نفوذ ابن سعود فيها ولا استقامت رعايته عليها، ولا تقلص عنها أمر ابن رشيد، بل زاد ذلك شقاقًا بينه وبين ابن رشيد، وكان هذا سببًا للمشاغبات والاضطرابات، وضعف أمر آل سعود بسبب تفرقهم واختلاف كلمتهم وكثرة تنازعهم.

ص: 288

وقد كان أولاد سعود يتحينون الوثبة على عمهم الإمام عبد الله، فكتب الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى رسالة أرسلها إليهم يناصح آل سعود ويحثهم فيها على الاجتماع والاتفاق والتناصر، وينهاهم عن التفرق والاختلاف مبينًا عاقبة الاختلاف، وما حصل بسببه عليهم من الذل والهوان، وخروج بلدانهم من أيديهم، وكيف طمع الأعداء بملكهم، وباح فيها بما لديه من النصح والتحسر مع الرسالة بقصيدة وهي هذه:

متى ينجلي هذا الدجى والدياجر

متى ينتهض للحق منكم عساكر

متى تنتهوا عن غمرة النوم والردى

وينهض لنصر الدين منكم أكابر

متى تتجدد دعوة حنفيةٌ

يكون لها بالصدع ناه وآمر

متى ترعوي منكم قلوب عن الردى

متى ينقضي هذا القلا والتهاجر

فحتى متى هذا التواني عن العلى

كأنكمو ممن حوته المقابر

وأموالكم منهوبةً وبلادكم

تبواها بالرغم منكم أصاغر

وأشياعكم في كل قطرٍ وبلدةٍ

أذلا حيارى والدموع مواطر

وأطفالكم هتكى تشتت شملهم

وساءت لهم حال إذ الجد عاثر

ممالكم قد قسموها ملوككم

وأنتم لها أحدوثةٌ ومساخر

فإن ذكرت أو ذكرت بعض ما مضى

أجابت ببيت ضمنته الدفاتر

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم سمر بمكة سامر

ألم يك للأسلاف منكم مناقب

ألم يك للأخلاف منكم مفاخر

وفي آيةٍ في الفتح قد جاء ذكركم

وقد حرر التفسير فيها أكابر

وفتيان صدق من رجال حنيفةٍ

بأيديهم سمر القنا والبواتر

يرون شهود البأس أربح مغنمٍ

لدى مأزقٍ فيه يرى النفع ثائر

فسل عنهم يوم الصبيحة الذي

به أنفخت للحق بصائر

وسل عنهمو يومًا به الطبعة التي

قد اشتهرت والله مولى وناصر

وسل عنهم يومًا بجانب جودةً

وليس لأمر حمد الله قاهر

ص: 289

فقد بذلوا غالي النفوس لربهم

وأمسوا لأيدي الأرذلين مجازر

فأبكيهمو بأعينٍ منك وأسبلى

دموعك والأجفان منك فواطر

ولا تتركي يا نفس شيئًا من الأسى

على مثلهم تنشق منك المرائر

أيا مفخر القوجاذدي إلباس والندى

أجيبوا جميعًا مسرعين وبادروا

على الله ذي الرحمن جمعًا توكلوا

أذيقوا العدا كأس الردى وتوازرو

أجيبوا جميعًا مسرعين إلى الهدى

فليس بكم إلا القلا والتشاجر

وأجدادكم أهل النباهة والعلا

إلا فاقتفوا تلك الجدود الغوابر

فكم لهمو يومًا به الجو مظلمٌ

وقد نشرت للحق فيه شعائر

وجدكم الأعلى لدى حومة الوغى

به قطعت للمعتدين دوابر

وكم لكم من فاتكٍ تعرفونه

أوائلكم معروفةً وأواخر

فما فارس الشهبا وما الحارث الذي

أباد لظاها والرماح شواجر

وإن ذكرت أركانكم ورؤوسكم

فإن أبا تركي ليس يغادر

فكم مشهدٍ كم معهدٍ تعرفونه

كما عرف أقوام باد وحاضر

فلله أيامٍ له ومحاسن

تشبه بالأعياد والأمر ظاهر

فلا تقنطوا من رحمة الله إنما

تجي محنة وإليه للخلق قاهر

عسى ولعل الله يأتي بلطفه

فلا بدع فيما قد أتته المقادر

فتشفى ليانات وتقضى مآرب

وتبهج فيما تشتهيه النواظر

وحسن ختام النظم صل مسلمًا

على المصطفى ماسح في الأفق ماطر

كذا الآل والأصحاب ماذرَّ شارق

وما غردت ورق وما ناح طائر

وفيها جرت محنة حبس لها بعض طلاب العلم، وسببها أنه لما كان ليلة الثلاثين من شعبان، تراءى الناس هلال رمضان، وكانت ليلة غيم فلم يره أحد سوى نساء لا يوثق برؤيتهن، ادعين رؤيته، فأمر الإمام عبد الله بن فيصل بالصيام، فصام وصام أهل البلد معًا، ولم يصم الشيخ عبد اللطيف ولا الإخوان الذي يدرسون عليه، وأصبح الشيخ عبد الله جالسًا للتدريس كعادته مفطرًا يقرء الطلاب حلقًا،

ص: 290

وتدار القهوة على الحاضرين والبخور والطيب، كذلك من دخل للاستماع، ووجد الشيخ والإخوان مفطرين يفطر تأسيًا بهم، فذهب بعض الناس من المرجفين إلى الإمام ثائري الرؤوس منتفخي الأشداق، واستثاروا جأشه فلم ير بدًا من أن يبعث إلى مجلس التدريس من يشتته، وألزم الناس بالصيام بعد إغلاق بيت الشيخ وإخراج الطلاب وحبس بعضهم.

وكان من جملة من حبس من أهل العلم سليمان بن سحمان، وكان الساعون بهذه المسألة مع ما قام بهم من الغيظ والحمق يرون صيام يوم الشك إذا حال دون منظر الهلال غيم أو قتر وهي رواية عن الإمام أحمد، أخذ بها بعض الأصحاب، ويكون ذلك احتياطًا ولم يذكروا أنه يضرب ويؤذي من لم يصم كحبسه ونحو ذلك.

والرواية الثانية: أنه لا يصام إلا برؤية هلال رمضان وإكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا، وهذه الرواية هي الصحيحة، وعليها العمل وهو الراجح عند جمهور الأصحاب، وعليه تدل الأدلة الصحيحة فهذا هو الباعث لتلك المحنة.

ما كان لعبد الله بن فيصل أن يصوم أو يأمر بالصيام إلا بإذن من شيخ الطريقة وعالم الوقت ألا وهو الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف، وأن له مندوحة عن هذا الفعل السيء الذي يجرح العواطف، وقد لبث المسجونون من الصباح إلى وقت الظهر ثم أخرجوا بشفاعة والدة الإمام أثابها الله.

وقد قال الشيخ سليمان بن سحمان في ذلك الحادث يشكو إلى الله شماتة الأعداء:

لله عيش تقضي بالمسرات

وسلوةٌ وانشراحات وخيرات

والقلب ذو رغدٍ فيه وذو دعةٍ

قد انقضى بسعادات وراحات

ولم يقاس من الأهوال فادحةٍ

ولا أستهين بلوعات وروعات

في كل يوم أقاسي شدة وهنا

بعد الذي كان في عصر المسرات

استغفر الله عما كان من زلل

ومن خطأ تخطا بالمصيبات

ص: 291

وليس إلا إلى الرحمن منجعي

فهو العليم بأحوالي ونيات

وهو الرحيم وملجأ من يلوذ به

الكاشف الغم القاضي الحاجات

وقد ممدت حبالي راجيًا فرجا

ومنشدًا قبل داعٍ ذي امتحانات

فقلت مشتكيًا ما قال مبتهلًا

بالله مرتجيًا تفريج أزمات

فصل حبالي وأوصالي بحبلك يا

ذا الكبرياء وحقق فيك رغبات

أنا الذليل أنا المسكين ذو شجنٍ

أنا الفقير إلى رب السموات

أنا الكسير أنا المحتاج يا أملي

جد لي بفضلك واعف عن خطيئات

أنا الغريب فلا أهل ولا وطن

أنا الوحيد فكن لي في ملمات

أنا العبد الذي ما زلت مفتقرًا

إليك يا سيدي في كل حالات

لا أستطيع لنفسي جلب منفعةٍ

ولا عن النفس لي دفع المضرات

مالي سواك ولا لي عنك منصرفٌ

ذكراك في القلب قرآني وآيات

أنت القدير على جبري لوصلك لي

أنت العليم بأسرار الخفيات

أدعوك يا سيدي يا مشتكي حزني

يا جابري يا مغيثي في مهمات

فانظر إلى غربتي وارحم ضنا جسدي

يا راحم الخلق يا باري البريات

وقد دهيت فلم يسمع وقلت فما

أجدى لدي ناصري فاسمع شكايات

أنت المغيث وأنت المستعان ولا

تخفى عليك إرادتي وغايات

وناصري غاضني بل هاضني وشفا

أو غار قومٍ بغوا وأعظم لوعات

يا قادرًا قاهرًا من كان ذا عنت

أنت القدير لقهر الظالم العات

وقد شجيت فقلبي لا يصاحبني

من عظم هول الخطوب المجريات

وقول هذا الورى قد أدخلوه وكم

قد أخرجوه لمرات عديدات

لما انتصرت وعن نفسي دفعت أذًا

وقد ظلمت بأنواع الجنايات

يا رب فاغفر لمن لم يدر ما قصدوا

وما أراد الأعادي من مضرات

وأنت يا سيدي يا منتهي أملي

تدري وتعلم مقصودي ونيات

والراحم الكافل الكافي لآمله

الماجد الغاني الماحي لزلات

ص: 292

وما اقترفت وما قد كنت مجترحًا

من الذنوب فإني لذو الخطيات

وابسط بفضلك لي ما كنت آمله

يا من له الفضل محضًا في البريات

ومن له الجود والموجود أجمعه

والخلق والأمر ثم الكائن الآلي

وعبدك المشتكي والمرتجي فرجًا

لاطفه وارحمه وأحفف بالعنايات

وصل يا رب ما هب النسيم وما

غنى الحمام على أفنان أيكات

على النبي الأمين المصطفى شرفًا

والآل والصحب أصحاب الكرامات

ولما أن خرج الشيخ سليمان من السجن إنشاء قصيدة أخرى من هذا الموضوع تتضمن ما حصل عليه من الإهانة والسجن على غير ما مبرر، وباح بلسان الشكاية إلى الله عز وجل اعتداء المعتدين، وشماتة الأعداء الحاسدين، والقصيد من الطويل على قافية القاف فعلى من أحب الاطلاع عليها مراجعتها في ديوان الناظم فمن أبياتها:

على غير ذنبٍ موجب قد جنيته

يسوغ به للشامت القدح والقذف

فلو كان عن ذنب جناية من بغى

لما ليم من أخطاء على ماله يهف

ولكنه لا ذنب لي غير أنني

إلى الحق قد أصبو وللضد قد أجفو

وأبذل جهدي واجتهادي ومذودي

لقمع العداء إن جاءنا منهمو عنف

أناضل عن دين الهدى كل مبطلٍ

وأحمي حمى التوحيد إن سامه خسف

وأتبع أقوال الرسول وصحبه

على حسب علمي بالدليل الذي يصفوا

فإن كان ذا ذنبًا وأوجب ما ترى

فيا حبذا إنا غدًا سوف نصطف

لدى الملك الديان يوم معادنا

فيحكم لا حيف بل النصف الصرف

فيسألنا الرحمن جل جلاله

وكلٌ سيلقى بارزًا كل ما يقفوا

فهيء جوبًا أيها الخصم واعترف

بأن غدًا والله ينكشف السجف

فإن قصارى هذه الدار برهةً

ومن بعدها دارٌ بها سوف نلتف

ويجمعنا حشر ونشر وموقٌ

طويلٌ وأهوالٌ يقاسي بها اللهف

ص: 293