الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه نبذة يسيرة حررتها أمام المقصود؛ ولقد أصبحت تلك الأماكن آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان ضد ما كانت عليه قبل ذلك.
ولنشرع في المقصود والله المستعان وعليه التكلان، وقد وجدت في بعض التواريخ بين يدي شيخنا عمر بن محمد بن سليم وضبطه لها أن ما بين آدم أبى البشر وولادة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 6219 سنة، فيكون ما مضى مم خلق آدم إلى سنة 1268 هـ، 7540 سبعة آلاف وخمسمائة وأربعين سنة والله أعلم.
واعلم أني كمؤرخ للحوادث والوقعات ووفيات الأعيان، وليس هذا بمقام انتصار لأحد. فأقول ومن الله أستمد الصواب:
ثم دخلت سنة 1268 ه
ـ
استهلت هذه السنة والإمام في نجد على الإطلاق، هو فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود وقد ساعدته الظروف والأحوال، وأعد نجله الأمير عبد الله في ذلك الوقت قائدًا للجيش، وكان عبد الله إذ ذاك منصور اللواء يغير بالجنود الإسلامية ويقيم ما اعوج من القبائل والبلدان.
وفيها قدم المدينة عساكر كثيرة من قبل والي مصر عباس باشا بن أحمد طوسون ابن محمد علي، وشاعت الأخبار بأنهم يريدون الخروج إلى نجد.
فلما أن كان في جمادى الآخرة خرج محمد بن ناصر من المدينة متجردًا للقتال من قبل الأتراك، وانضم إليه كثير من بادية حرب، فأغاروا على ابن سقيان من بني عبد الله على الفوارة وأخذهم، ثم رجع إلى المدينة ومعه عساكر كثيرة، وتبعه كثير من عربان حرب، فأغاروا على الغضيان عرب الضيط من عتيبة على الدفينة، فأخذهم ورجع إلى المدينة أيضًا، وكان ذلك في رجب من هذه السنة.
ولما أن وصل الخبر إلى الإمام فيصل أمر بالجهاد وكتب إلى جميع الرعية، ثم صاح بالنفير وخرج بجموع أهل العارض والخرج، ونزل الجمعة فاجتمع إليه هناك غزو بلدان عسير والممحل والوشم والقصيم، وولى على قضاء بلدان سدير فضيلة الشيخ عثمان بن علي بن عيسى، وكان قبيلة سبيع.
ثم لما كان في شهر رمضان جاءت الأخبار بأن عباس باشا، وإلى مصر جهز جيوشًا كثيرة إلى بلدان عسير، فحصل الأمن والاطمئنان لنجد وأهلها، وكان عباس باشا قد ضم إلى هذه الجيوش من في المدينة من العساكر فتوجهت أولائك العساكر إلى بلدان عسير وجرى عليها من الأسر والقتل ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى ولما تحقق الإمام فيصل الخبر عن تلك العساكر ارتحل من بلد المجمعة بمن معه من جنود المسلمين وصبح الصهبة من مطير على أم الجماجم، فأخذهم ثم رجع إلى الرياض وأذن لمن معه من جنود المسلمين بالرجوع إلى أوطانهم، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويًا عزيزًا.
وفيها في ذي القعدة بعث السلطان عبد المجيد خان طوقًا من ذهب للحجر الأسود زاده الله تشريفًا وتكريمًا، ولا زال يقبل ويستلم في أناء الليل والنهار، وأمر بأن يجعل عليه ذلك الطوق، وكان بعثه صحبة الشريف عبد المطلب، ويقدر ذلك الطوق بألف دينار، ثم إنه أزيل طوق الفضة القديم وركب الذهبي.
وقد قيل أنه وزن فكان عشر أوقيات من الذهب الخالص، ولم يعلم أن الحجر الأسود قد طوق بالذهب غير هذه المرة، وكان هذا الطوق في غاية الحسن من التنقيش ومكتوب فوقه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحواليه آية الكرسي وبعض آيات قرآنية، وأصل ذهب هذا الطوق من كنز وجد بمكة في شعب جياد، وأخرج الطوق الأول من الفضة فأرسل إلى الأستانة عاصمة الدولة العثمانية إذ ذاك وبهذا وأمثاله نعترف باهتمام الدولة العثمانية بالحرمين الشريفين، إن الله عز وجل جعل هذه الأماكن المقدسة محترمة لدى العالم أجمع، ولا تزال الحكومات الإسلامية في قديم الدهر وحديثه تولي الحرمين عناية واهتمام، ومن أبلغ ما بذل من الجهود فيما قبل آل سعود الذين لم يدعوا ذكرًا لمن قبلهم هم سلاطين آل عثمان حيث عمروا الحرمين، وجدوا في سبيل العناية بهما، نسأل الله تعالى أن يعمّرها بالطاعة والتقوى وأن يجعلهما على الدوام ملجأ للحجاج والعمار والزوار.