الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها كثر الخصب والخيرات، وفيها عمل السلطان عبد المجيد خان ميزابًا للكعبة المعظمة في قسنطينية، ثم جيء به صحبة الحاج رضا باشا، وركب في الكعبة، نسأل الله تعالى أن يرفع قدرها، وكان الوالي على مكة يومئذ الشريف عبد الله بن محمد بن عون، وكان هذا الميزاب الذي ركب مصفحًا بالذهب نحو خمسين رطلًا على التقدير، وهذا الميزاب هو الموجود في الكعبة إلى العصر الحاضر فلم يبدل.
وفيها أسست مكتبة مصطفى البابي الحلبي بمصر، وكانت هذه المكتبة من أعظم المكاتب في العالم.
ثم دخلت 1277 ه
ـ
ففيها اجتمع رؤساء العجمان وتشاورا في أمرهم، فاجتمع أمرهم على المسير إلى عربان المنتفق، فتوجهوا إليهم ونزلوا معهم، وتحالف رؤسائهم ورؤساء المنتفق على التعاون والتناصر والتآصر على كل من قصدهم بحرب وعلى محاربة أهل نجد من البادية والحاضرة إلا من دخل تحت طاعتهم منهم، فسارت ركبانهم وتتابعت الإغارات على أطراف الأحساء وعلى أهل نجد، وأصبح لهم وللمنتفق شوكة عظيمة وقوة منيعة، حتى أخافوا أهل البصرة والزبير، وكثرت الإغارات منهم على أطراف الزبير والبصرة والكويت، فقام باشا ألبصرة حبيب باشا ودعى بسليمان بن عبد الرزاق بن زهير فأعطاه مالًا كثيرًا وأمره بجمع الجنود من أهل نجد، فأخذ سليمان يجمع الجنود ممن كان هناك من أهل نجد وبذل فيهم المال فاجتمع عليه خلائق كثيرة.
ثم أن عربان المنتفق ومن معهم من عربان العجمان أجمعوا رأيهم على أن ينزلوا بالقرب من البصرة ويأخذون منها من التمر ما يكفيهم لسنتهم وكان ذلك في وتت صرام النخل، ثم بعد ذلك يتوجهون إلى حرب نجد، فساروا إليها ونزلوا قريبًا منها ثم نهضوا إليها وانتشروا في نخيلها وعاثوا فيها فسادًا بالنهب والسلب، فنهض إليهم سليمان بن عبد الرزاق بن زهير بمن معه من أهل نجد ومن أهل الزبير
وباشا البصرة بمعسكره وقاتلوهم قتالًا شديدًا حتى أخرجوهم من النخيل، ثم حصل القتال الشديد في الصحراء بين الفريقين، وصارت الهزيمة على عربان المنتفق ومن معهم من العجمان، وقتل منهم خلق كثير، وظهر من أهل نجد الذين حضروا في الواقعة مع سليمان بن زهير شجاعة عظيمة دلت على كفائتهم وبسالتهم.
وكان سليمان بن زهير يعد من أفراد رجال الدهر عقلًا وحلمًا وكرمًا وشجاعةً فقال في مدحه السيد عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب البغدادي المعروف بالأخرس الشاعر المشهور هذه القصيدة العصماء، وامتدح أيضًا فيها من معه من أهل نجد، وكان الشاعر قد حضر الواقعة فباح بما لديه منوهًا مبجلًا وهي من البحر الطويل:
أبى الله إلا أن تعز وتكرما
…
وإنك لم تبرح عزيزا مكرما
تذل لك الأبطال وهي عزيزة
…
إذا استخدمت يمناك للباس مخدما
ويا رب يوم مثل وجهك مشرقًا
…
لبست به ثوبًا من النقع مظلما
وأبزغت من بيض السيوف أهلة
…
واطلعت من زرق الأسنة أنجما
وقد ركبت أسد الشرى في عراصة
…
من الخيل عقبانًا على الموت حوما
ولما رأيت الموت قطب وجهه
…
والفاك منه ضاحكًا متبسما
سلبت به الأرواح قهرًا وطالما
…
كسوت بقاع الأرض ثوبًا فعندما
أرى البصرة الفيحاء لولاك أصبحت
…
طلولًا عفت بالمفسدين وارسما
وقالوا وما في القول شك لسامع
…
وإن جدع الصدق الأنوف وأرغما
حماها سليمان الزهيري بسيفه
…
منيع الحما لا يستباح له حما
تحف به من آل نجد عصابة
…
يرون المنايا لما أبالك مغنما
رماهم بعين العز شيخ مقدم
…
عليهم وما اختاروا إلا مقدما
بصير بتدبير الحرب وعارف
…
عليهم فلا يحتاج أن يتعلما
أبناء نجد انتمو جمرة الوغى
…
إذا أضرمت نار الحروب تضرما
وذا العام ما شيدتموه مبانيا
…
من المجد يأبى الله أن تتهدما
وما هي إلا وقعة طار صيتها
…
وأنجد في شرق البلاد واتهما
رفعتم بها شأن المنيب حمية
…
وخضتم بهم بحرًا بالصناديد مظلما
غداة دعاكم مرة فأجبتم
…
على الفور منكم طاعة وتكرما
وجردكم فيها لعمري صوارما
…
إذا وصلت جمع العدو تصرما
ومن لم يجردكم سيوفًا على العدا
…
نبا سيفه في كفه وتثلما
وإن الذي يختار للحرب غيركم
…
فقد ظن أن يغنيه عنكم توهما
كما راح يختار الضلال على الهدى
…
وعوض عن عين البصيرة بالعما
ومن قال تعليلا لعل وربما
…
فماذا عسى يغني لعل وربما
عليكم إذا طاش الرجال سكينة
…
تزلزل رضوى أو تبيد يلملما
ولما لقيتم من أردتم لقاءه
…
رميتم به الأهوال أبعد مرتما
صبرتم لها صبر الكرام ضراغما
…
واقحمتموها المرهفات تقحما
ووأدتموها شرعة الموت منهلا
…
تذيقهموا طعم المنية علقما
وما خاب راجيكم ليوم عصبصب
…
يريه الردى لونا من الروع أدهما
وجردكم للضرب سيفًا مهندا
…
وهزكمو للطعن رمحا مقوما
ومن ظن أن العز في غير بأسكم
…
وها عزه في زعمه وتندما
وما العز إلا فيكمو أو عليكمو
…
وما ينتمي إلا إليكم إذا انتمى
إذا ما قعدتم الأمور وقمتم
…
حمدتم عليها قاعدين وقوما
وما سمعت منكم قديما وحادثا
…
رواية من يروي الحديث توهما
وإن قلتمو قولا صدقتم وما انثنى
…
بكم عزمكم أن رام شيئًا وصمما
ولما أتاكم بالأمان عدوكم
…
وعاهدتموه أن يعود ويسلما
وفيتم له بالعهد لم تعبأ وابمن
…
أشار إلى الغدو الكنين مجمجما
ولو مد من تأتيه عنكم يد له
…
لعاد بحد السيف أجدع أجذما
وفيما مضى يا قوم أكبر عبرة
…
ومن حقه إذ ذاك أن يترسما
أيحسب أن الحال تكتم دونكم
…
وهيهات أن الأمر قد كان مبهما
فاظهر مستورا وأبرز خافيا
…
وأعرب عما في الضمير وترجما
أمتخذ البيض الصوارم للعلى
…
طريقا وسمر الخط للمجد سلما
نصرت بها هذا المنيب تفضلا
…
وأجريت ما أجريت منك تكرما
على غلمة في الناس لله دره
…
تصرف فيها همة وتقدما
تأثل في أبطاله ورجاله
…
فلم يغن سحر غاب عنه مكتما
وقلبها ظهرا لبطن فلم يجد
…
نظيرك من قاد الخميس العرمرما
هناك ولي الأمر من كان أهله
…
فجل في كل النفوس وعظما
وطال على تلك البغاة ببأسه
…
وحكم فيهم سيفه فتحكما
وما سبق الوالي المنيب بمثلها
…
وفاق ولادة الأمر ممن تقدما
سليمان ما أبقيت في القوس منزعا
…
ولا تركت للبذل يمناك درهما
كشفت دجاها بالصوارم والقنا
…
وقد كان يلغي حالك اللون أسحما
فأصبحت في تاج الفخار متوجا
…
وفي عمة المجد الأثيل معمما
إليك أبا داود نزجي ركائبا
…
ضوامر قد غودرن جلدا وأعظما
رمتنا فكنا بالعرى عن قسيها
…
وقد بريت من شدة السير أسهما
فأكرمت مثوانا ولم تر عين
…
من الناس أندى منك كفا وأكرما
لأحظى إذا شاهدت وجهك بالمنى
…
واشكر من نعماك لله أنعما
وأهدي إلى علياك ما استقله
…
ولو أنني أهديت درا منظما
فحبك في قلبي وذكرك في فمي
…
ألذ من الماء الزلال على الظما
ولما رجع باشا البصرة قد فاز بالظفر على أعدائه خاف ناصر بن راشد بن عامر بن سعدون رئيس المنتفق على أموال المنتفق وأملاكهم التي في البصرة وكانت نخيلا كثيرة ملكوها في وقت عزهم وتغلبوا عليها، وقيل له أن الباشا عزم على مد يده على تلك الأملاك فكتب ناصر بن راشد إلى باشا البصرة وسليمان بن عبد الرزاق يقول إن أولئك الأعراب الذين حدث منهم ذلك ليسوا من باديتنا وأنما هم من بادية نجد جاءوا هاربين من وإلى نجد بن سعود ونزلوا بجوار بعض بادية