الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأحسن إلينا بالقبول وبالرضا
…
ودم سالمًا حيًا معافًا مؤيدا
وأزكى صلاة الله ثم سلامه
…
على المصطفى ما ناح سدم وغردا
كذا الآل والصحب أنصار دينه
…
وأتباعهم ما أطرب العيش من حدا
ثم دخلت سنة 1279 ه
ـ
استهلت هذه السنة وأهل عنيزة مقيمون على المخالفات للإمام فيصل، وكان لما قتل عبد الله بن عبد العزيز بن دغيثر أمير الجيش غضب لقتله فيصل وعزل أمير بريدة، ثم إنه جهز ابنه محمدًا يغزو الرياض والجنوب في هذه السنة وأمره بالزحف إلى عنيزة، ويكون طريقه عن بريدة فيأخذ معه من فيها من غزو أهل الوشم وسدير لقتال أهل عنيزة، فزحف محمد بن فيصل ومعه الشيخ حسين بن حمد بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ ناصر بن عيد، فلما وصلوا إلى بريدة أمر على من فيها من الجنود من أهل سدير والوشم بالمسير معه، وقدم عليه عيد بن علي بن رشيد وابن أخيه محمد بن عبد الله بن علي بن رشيد بغيرو أهل الجبل، فسار الجميع إلى عنيزة وحصل قتال شديد بين الفريقين فانهزم أهل عنيزة وقتل منهم نحو عشرين رجلًا، ثم إنه نزل محمد بن فيصل بمن معه من الجنود في مقطاع الوادي وشرعوا في قطع نخيله.
ذكر وقعة المطر
لما شرع القائد محمد بن فيصل وجنوده في قطع نخيل الوادي، خرج أهل عنيزة في خامس عشر من جمادى الآخرة عن بكرة أبيهم، فالتحم الفريقان والتقى الجمعان وجرى بينهم قتال شديد يشيب من هوله الوليد، فانهزم لذلك محمد بن فيصل وجنوده، وتتابعت هزيمتهم إلى خيامهم، فأمر الله عز وجل السماء بالمطر وكان غالب سلاح أهل عنيزة البنادق الفتيل، فبطل عملها من شدة المطر، فكر
عليهم محمد وأصحابه، فانهزم أهل عنيزة وقتل منهم أربعمائة مقاتل، وإن عددًا يبلغ ذلك ليضعف العدو ويكسر شوكته، فاحتصر أهل عنيزة في بلدهم، وأقام محمد بن الإمام هناك وأمر على من معه من الجنود بقطع نخيل الوادي فقطعوا غالبها ودوى ذكر هذه الواقعة بواقعة المطر؛ ثم قدم على محمد بن الإمام في منزله ذلك طلال بن عبد الله بن علي بن رشيد في بقية غزو أهل الجبل.
ولما أن جاءت الأنباء إلى الإمام فيصل وأن هذا الجيش لم يسفر عن كبير شأن، بل انهزم محمد؛ ثم كر على أهالي عنيزة وانتصر وقطع النخيل عند ذلك دعى فيصل بمحمد بن أحمد السديري، وأمره أن يتوجه إليه بغزو أهل الأحساء، فقدم محمد بن أحمد إلى الرياض بغزوه، وذلك في شعبان ثم أمر الإمام فيصل على ابنه عبد الله بن فيصل أن يسير بهم وببقية غزو بلدان المسلمين، فخرج عبد الله بن الإمام بمن معه من الجنود ومعهم المدافع والقوس، وأوصاه أبوه بوصية قال فيها: إن طلبوا الصلح فأجبهم إليه وإياك وحربهم، وهذه سجية فطر عليها ذلك الإمام نسأل الله تعالى أن يثيبه عليها الجنة وأكد على ابنة في ذلك.
وكنت أظن أن الله تعالى إنما مكن له ونصره وأعزه وأظفره بأعدائه لما قام به من الرأفة والرحمة والشفقة على الخلق، وإلا فلو تركت هذه الجيوش وشأنها لالتهمت عنيزة التهامًا؛ ولما سار محمد السديري بغزو الأحساء كان معه الشيخ أحمد بن علي بن مشرف فقال هذه القصيدة فيما يتعلق بالمعنى:
خرجنا والأمير بنجم سعد
…
نقود الخيل بالإبل الرسيم
تدوس بنا الحصا في كل فج
…
فتورى القدح في الليل البهيم
نهضنا للجهاد بلا توان
…
سوى قدر الترحل للمقيم
لنجمع لأمة الحرب كنا
…
نداولها لذلك من قديم
فسار الجيش مثل البحر هبت
…
عليه العاصفات من النسيم
قبائل من عقيل قد توافقت
…
وقوم ينتمون إلى تميم
يؤم ابن الإمام بهم جميعًا
…
عنيزة وهي في أرض القصيم
نقاتل فيه أوباشا لئاما
…
أطاعوا فتنة الغاوي الرجيم
فإن فاؤوا فإن الله يهدي
…
لمن شاء للصراط المستقيم
وإلا كان قتلهم يسيرا
…
بحول القادر الرب العظيم
لأنهم أناس أهل جهل
…
ونقص في الديانة والحلوم
بحلم إمامنا اغتروا زمانا
…
ولما يرهبوا غضب الحليم
إمام ماجد الأحساب ينمي
…
إلى أعلى الذوائب والصميم
إلى العلياء يسمون افتخارا
…
بفعل المجد للعظم الرميم
فلا زالت به الأيام غرا
…
يطيب عرفها عرف النسيم
ولما توجه عبد الله بن الإمام بهذه الجنود إلى عنيزة، ووصل إلى شقراء أرسل المدافع وأثقاله إلى أخيه محمد، وهو إذ ذاك في وادي عنيزة، ثم عدا عبد الله على عربان عتيبة وهم على الرشاوية فأخذهم وتوجه إلى عنيزة.
فلما نزل عليها حاصرها ونصب عليها المدافع فرماها رميًا هائلًا، ونزل عليه أخوه محمد بمن معه من الجنود، واجتمع هناك جنود عظيمة كقطع الليل المظلم فأحاطوا بالبلد وطوقوه وثارت الحرب وعظم الأمر واشتد الخطب، ودامت الحرب بينهم أيامًا، فلما كادت المدينة مستهدفة للسحق والمحق، ورأى ورأوا من أمر الله مالا يطاق، وإنه لا قبل لهم بتلك الجنود، طلبوا الصلح من عبد الله ابن الإمام والنزول على حكمه فما وسعه إلا امتثال أوامر والده فأجابهم إلى ذلك بشرط أن الصلح يكون على يدي أبيه الإمام ومواجهته، فكتبوا بذلك إلى الإمام فأجابهم الإمام إلى ذلك رفقًا بهم وحقنًا لدمائهم، وأعطاهم الأمان على أن الأمير عبد الله بن يحيى بن سليم يقدم عليه في الرياض، فخرج الأمير عبد الله بن يحيى إلى عبد الله بن فيصل واعتذر واعترف بالخطأ والإساءة، فطلب العفو والصفح والمسامحة فقبل معذرته وصلحت حالهم.
وحصل بذلك الأمن والأمان للعباد والبلاد، وأطفأ الله الفتنة، وأزال المحنة،
ورجع عبد الله بن الإمام قافلا ظافرًا إلى الرياض، وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم، وركب معه عبد الله بن يحيى آل سليم أمير عنزية ويحيى الصالح إلى الرياض ولما أن قدما على الإمام فيصل وجلسا بين يديه طلبا منه العفو والصفح، وعاهداه على السمع والطاعة فعفا عنهما وسامحهما، رحمه الله وعفا عنه ذلك لما قام به من العدل والرأفة بالرعية والشفقة على المسلمين لأنه كان إمامًا عادلًا مباركًا ميمونًا صفوحًا عن الجاني، وأقاما عنده في الرياض مدة أيام، ثم إنه كساهما وأعطاهما عطاءً جزيلًا وأذن لهما بالرجوع إلى بلدهما.
ولما وقع الصلح بين الإمام وبين أهل عنيزة استعمل الإمام فيصل بن أحمد السديري أميرًا على بريدة بل على سائر القصيم، وكان قبل ذلك أميرًا على الإحساء كما تقدم، وكان من أفذاذ الرجال رأيًا وشجاعةً وكرمًا، فقدم على بريدة ومعه عدة رجال من خدمه من أهل الرياض ونزل في قصرها المعروف وصلحت الأمور وانحسمت الشرور.
فقال الشيخ العالم العلامة أحمد بن علي بن مشرف هذه القصيدة لما فتح الله عنيزة على يد ابن الإمام عبد الله بن فيصل سنة 1279 هـ:
سبحان من عقد الأمور وحلها
…
وأعز شرعة أحمد وأجلها
وقضى على فئة عتت عن أمره
…
بهوانه فأهانها وأذلها
كفرت بأنعم ربها فأذاقها
…
بأس الحروب فلا أقول لعلها
وحمى سياسة ملكنا بمهذب
…
وآل إذا ربت الحوادث فلها
بالعزم والرأي السديد وإنما
…
فيه الأناءة ذو الجلال أحلها
يدعو مخالفه إلى نهج الهدى
…
فإذا أبى شهر السيوف وسلها
فسقى وروى أرضهم بدمائهم
…
قتلًا وأنهلها بذاك وعلها
في كل ملحمة تعيش نسورها
…
منها وترتاد السباع محلها
رجفت عنيزة هيبةً من جيشه
…
لما غشى حيطانها وأظلها
فعصت غواة أوردوها للردى
…
وأمير سوءٍ قادها فأضلها
واختارت السلم الذي حقن الدما
…
إذ وافقت من للهداية دلها
فتح به نصر المهيمن حزبه
…
وأزاح أوغار الصدور وخلها
فانظر إلى صنع المليك بلطفه
…
وبعطفه كشف الشدائد كلها
لا تيأسن إذا الكروب ترادفت
…
فلعلها ولعلها ولعلها
واصبر فإن الصبر يبلغك المنى
…
حتى ترى قهر العدو أقلها
والزم تقى الله العظيم ففي التقى
…
عز النفوس فلا يجامع ذلها
وإذا ذكرت بمدحة ذا شمية
…
فأمامنا ممن تفيأ ظلها
أعني أخا المجد الموثل فيصلًا
…
نفس تتوق على حماه ثولها
كفاه في بذل الندى كسحابة
…
جادت بوابلها فسابق ظلها
ما زال يسمو للعلي حتى حوى
…
دق المكارم في الفخار وجلها
بشرى المدائح بالنفائس رغبةً
…
حتى بمفتاح اللهى فتح اللهبا
فإذا أناخ مصابرًا لقبيلةٍ
…
في الحرب أسامها الوغى وأملها
ساس الرعية حين قام بعدله
…
ويبذله غمر النوال مقلها
مني إليك فريدةً هجرية
…
حسناء يهوى كل صب دلها
طوت المفاوز نحو قصرك لم تهب
…
لصا ولا ذيب الفلاة وصلها
فأجز وعجل بالقرا فلم تزل
…
تقرى الضيوف بها وتحمل كلها
لا زلت بالنصر العزيز مؤيدًا
…
تدعى الأعز ومن قلاك أذلها
والله أحمده على نعمائه
…
رب البرية ذا الجلال وإن لها
ثم الصلاة على النبي محمدٍ
…
ما باشر الأرض السماء فبلها
وآل والأصحاب ما نسخ الضيا
…
من شمسنا وقت الظهيرة ظلها
وفيها ظهر الجراد في نجد، وكان قد انقطع عنه نحو من سبع عشرة سنة وكان في انقطاعه يخشى انحلال نظام العالم كما جاء في بعض الأحاديث.
وفيها أيضًا أمر السلطان العثماني عبد العزيز خان بترميم المسجد الحرام بعدما تخربت أرض أروقته ومماشيه من السيل الذي وقع في السنة التي قبلها، وجعل أمر