الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد، وعثمان بن حمد بن وضيان، وحسين بن عبد العزيز بن عرفج، ومحمد بن حمد بن مضيان، وسليمان بن عبد الله بن حميد، وعبد الرحمن بن غيث، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن عويد، عبد العزيز بن عبد الله بن فدا، وصالح بن إبراهيم بن فوزان الملقب العويدة، وصالح بن كرديس، وابن قوبع، وجرى إذ ذاك في تلك السنة محاورات في المسائل الدينية، ومن بين أولئك الرجال فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن دخيل قاضي المذنب، وقد وشى به أعدائه نحو الأمير ابن رشيد يريدون عزله، فما نالوا إلا الخزي والعار، ورد عليهم الأمير بقوله: إن بلدكم يسمى الذنب فببركة هذا الشيخ سمي المذنب، ومن الرجال أيضًا سالم بن حجي، فيا سبحان الله إن الزمان بمثلهم لبخيل.
ثم دخلت سنة 1312 ه
ـ
استهلت هذه السنة والملك مستقيم للحاكم محمد بن عبد الله بن رشيد والأمان متوفر، وذلك بتوفيق الله، ثم تمام سياسته تغلب على البلدان، واستولى عليها بالكرم والسيف والإرهاب، فمن لم تفد فيه الهدايا والصلات جرد عليه الحسام وامتشقه، وجعل يتودد إلى الناس.
فمنها أنه خطب في حائل معتذرًا عن قتل أبناء أخيه، فقال: أيها المسلمون والله ما قتلتهم إلا خوفًا على هذه، وضرب رقبته بيده، إنهم هموا بقتلي فسبقتهم ومنعتهم، وهل تظنون أن من قتل أخي متعبًا يعفو عني، وكان قد ساعده إذ ذاك حظ ونصيب.
وفيها وردت أبيات من الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ وهو مقيم في الهند، قد سافر إليها لطلب العلم، فكان في بلاد دلهي بعث بها إلى الشيخ سليمان بن سحمان تضمنت هذه الأبيات شدة وجدة واشتياقه إلى إخوانه وأصحابه، يطلب منهم إخباره عن أحوالهم ويعدهم بالإياب إليهم عن قريب. فأجابه عليها الشيخ سليمان بن سحمان بقصيدة من أبياتها قوله:
فقل للمحب الألمعي أخي التقي
…
حليف هموم الاغتراب مع الفقد
لئن كنت ذا همٍ وغمٍ ولوعةٍ
…
وفقد وأحزان عضالٍ وذا وجد
فوالله ثم والله إنا لبعدكم
…
ومن فقدكم في منتهى غاية الوجد
فكم بثت الأشواق جيشًا عرمرمًا
…
لهامًا وكم أشجت فؤادًا على عمد
فكم دون من نهوى من البيد والفلا
…
وهيهات كم بين اليمامة والهند
ومن دونه البحر الخضم وهوله
…
وأمواجه اللاتي تشيد بالرعد
وذاك قضاء الله جل جلاله
…
وما قدر المولى فحق بلا رد
فيا من زكت أخلاقه وتألقت
…
محامده في محتدا ذروة المجد
سلالة بدر الدين من جدد الهدى
…
بنجدٍ فأضحى بالهدى فائح الند
حنانيك هل من أويه تشف لوعةٍ
…
لواعجها تربو على الحد والعد
إلى أن قال:
وقد زادنا همًا وغمًا وحسرةً
…
مقالك في النظم الذي ضاع بالهند
فلا رسلٍ من جيرتي لا رسائلٌ
…
تسلسل لي الأخبار عن ذلك العهد
فذا أربعٍ أو خامسٍ قد أتاكمو
…
على يد محبوب صفي وذي ودي
إلى أخرها وهي حسنة.
ثم إن الشيخ إسحاق رحمه الله عنَّ له الوصول إلى مصر لأجل القراءة على علماء الأزهر، فارتحل إليه فعاتبه الشيخ سليمان على إخلاف الوعد القديم، حيث هيّج الأحزان وبعث الأشجان لأنه وعد بالمجيء إلى أوطانه وعشيرته وإخوانه، ثم لم يفاجئهم إلا به في مصر، فأقام بها برهةً من الزمان، فبعث إليه الشيخ سليمان بهذه الأبيات لما تبلبلت أفكاره وطالت غربته وانتظاره:
تأجج الوجد في الأحشاء واضطرما
…
وانضب الهم والأحزان ما كلما
بالله هل للضني والكلم ملتئم
…
فالدمع للبين منكم قد رمى وهما
أو للتنائي عن الأصحاب منصرمٍ
…
والحزن للقلب بالأوصاب قد هما
إن الرجا روح الأرواح فابتهجت
…
فانزاح عنها من الأحزان ما هجما
ثم أرعوت هذه الأحزان فاستعرت
…
وأضرمت بعد في الأحشاء مضطرما
وذاك في النثر والمنظوم إذ وعدا
…
بالارتحال بالرجعى كما زعما
وبلبل البال بعد الابتهاج نوى
…
من بهويال إلى مصرى فكم كلما
وكم أراق من الأجفان من ديمٍ
…
لولا الرجا أخضلت بعد الدموع دما
فالآن في وهج الأحزان ملتهبًا
…
من كان في نهجٍ بالراح منتظما
والآن في رحبة الأفراح منجذلًا
…
من كان من طرب الأفراح مبتسما
والوجد في منهج الأحباب متقدٌ
…
لو كان ذاك بقلب الأخ لا نكلما
لكنه لم يكن في قلبه وهجٌ
…
من شطة البين فالمحبوب قد وهما
فالوجد يولع من في قلبه وله
…
والشوق يزعج قلبًا بالغرام نما
وفي هذه الآونة توترت العلاقات بين اليابان وروسيا، وذاك لأنه لما كان في هذه السنة فتحت اليابان بحربها مع الصين أبواب مطامع كثيرة للدول الأوربية في الشرق الأقصى، من جملتها إنشاء خط حديدي لروسيا في منشوريا يخترقها من الغرب إلى الشرق تكميلًا لخط سيبيريا الممتدة إلى فلاد يفستوك وحرسته بالجنود الروسية.
ثم لما استولت ألمانيا على ثغر كيار تشاو بإيجار لمدة معلومة اقتدت بها روسيا أيضًا، وأخذت تليانوان وبور آثر فأقامت في ذلك المرفأ أعلامها وعززته بالمعاقل والمدافع وكنزته بالذخائر والمؤن، وأرسلت إليه الفيالق والبوارج، ثم مدت يدها إلى يالوا وشمولبو، وشادت مستودعات للذخائر في نيفامبو من أعمال كوريا، ولم يبق بينها وبين اليابان إلا فرجةً ضيقة، ولما ثبتت قدمها استحصلت أيضًا على امتياز إنشاء خط حديدي يخترق منشوريا من الشمال إلى الجنوب إلى شبه جزيرة ليا وتولغ، وحرسته بالجنود أيضًا، ولما رسخ قدمها في تلك البقاع، تحركت مطامعها لامتلاكها وأخذت تبذل في ذلك جميع مساعيها، إلا أن اليابان كانت واقفة لها بالمرصاد وفؤادها يتوقد غلًا وحسدًا ويقطر دمًا منها، فانتصبت معاندة في غاياتها
إلى أن ألزمت الدول بالمداخلة في هذه المسألة، وبذلك نتج إبرام معاهدة بين روسيا والصين تقتضي بجلاء الروس عن تلك المراكز في أجل معلوم، ثم حلّ الأجل ولم تفِ روسيا بوعدها بل كانت متهكمة في تعزيز قوتها في الشرق، فثارت لذلك خواطر اليابانيين، وبدأت من ذلك الوقت المخابرات وتبادل المذكرات بين الدولتين، وأخذت بعض الدول في التوسط في هذه القضية قصدًا لحسم النزاع بينهما، فلم يجد ذلك نفعًا.
وكانت الاقتراحات اليابانية تتوالى على أسماع الحكومة الروسية، وهي تعرض عنها كالمحاول مع استمرارها على التجهيزات الحربية وحشد الجنود الروسية وذخائرها إلى الشرق، فعلمت اليابان سوء مقاصدها وأصدرت منشورًا لرعاياها بإعلان الحرب على روسيا، وبعد محاورات بين الدولتين طويلة، ثارت نيران الوغى بين الفريقين، ودخلت الروس في ميدان الحرب بشمخ وعجب، وولجتها اليابان اضطرارًا للدفاع، وحينما شبت نار الحرب، انضمت الأحزاب اليابانية إلى اتحاد العضوية والاتفاق، خالية من جراثيم النزاع والشقاق، وامتشقت حسامًا في وجه روسيا لم يكن لها بحسبان، وهزت سنانًا كان له صدًا في ميدان الطعان، وسلكت معها خططًا حربية لم تخطر لها ببال غير آسفة على عزيز ولا ضانة بغال، وبعد أن انصبغت مياه البحار بخضاب دم الأبطال وغصت بجثثهم رحبان السهول وسفوح الجبال، واندمج هزيم رعد الجو بدوي المدافع التي كانت تقذف صواعق القنابل الماحقة، وغدت سحب دخانها تسح هواطل شهب الرصاصات الساحقة، واشتبكت بين الفريقين ملاحم شابت من هولها الولدان، ونفد من كنوز خزائن الدولتين الأحمران عادت الأمة اليابانية رافعة لواء النصر والظفر بين الأقران وباءت روسيا مكبلة بثياب الفشل والخسران آسفة على ضياع المليونات من الأموال وضحايا كرات الألوف من البشر، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر، وذكرى لمن ذكر، وسقطت من أوج عزها الشامخ ورفيع مجدها الباذخ وخسرت أكثر سفنها الحربية غرقًا وتعطيلًا وغنيمة لليابانيين، ولم يبق سالمًا منها إلا القليل، ودلت النتيجة الحربية