الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عسى وعسى أن لا يدوم لنا الأسى
…
فقد طالما هذا الأسى يتنكس
فصبرًا فما الأحداث إلا كما ترى
…
وفي الزمن الماضي أساء مؤنس
فقد غرت الأحداث من كان قبلنا
…
وما مرهم منها أمر وأشكس
فلسنا بحمد الله بدعا من الورى
…
وللصبر للمقدور أعلى وأنفس
فعاقبة الصبر الجميل حميدة
…
ومن يخطه الصبر الجميل فمفلس
فثق واعتصم بالله ربك وليكن
…
رجاءوك في مولاك ما منه مأيس
فما خاب من في الله كان رجاؤه
…
وملجاه في الحادثات ومؤنس
وأزكا صلاة الله ما هبت الصبا
…
وما لاح نجم بعد أن كان يكنس
على المصطفى والآل ما فاض بارق
…
وما أظلم الديجور حين يعسعس
ثم دخلت 1291 ه
ـ
ففيها قتل عبد الله الغانم في سباخ بريدة وسبب قتله أنه من جملة القاتلين لعبد الله بن عبد العزيز بن عدوان أمير بريدة سابقًا، فقام عبد المحسن بن مدلج وابناه عبد الله ومدلج مدعين أنهم أقرب عاصب له، وكانوا أيضًا من آل أبي عليان من عشيرته فقاموا على عبد الله الغانم وقتلوه بالفؤوس والعياذ بالله حتى سمع له رغاء كرغاء البعير.
وفيها حدث في عنيزة وجع يصيب الرؤوس، وتوفى منه عدد كثير، ومن أعيان من توفى فيه الشيخ محمد بن عبد الله بن مانع رحمة الله عليه، وهذه ترجمته:
هو الشيخ العالم العلامة الفاضل محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مانع بن إبراهيم بن حمدان بن محمد بن مانع بن شبرمة الوهبي التميمي، وكانت وفاته في ليلة الأحد الموافق تاسع جمادى الآخرة في بلد عنيزة، ولد في شقراء سنة 1210 هـ، فنشأ على الديانة والعفاف والزكاء نشأةً حسنةً وحفظ القرآن في صغره وطلب العلم وجدّ ونافس، وأخذ عن الشيخ الإمام الورع الزاهد عبد العزيز بن عبد الله الحصين الناصري التميمي، ولما انتقل الشيخ العالم عبد الله بن عبد الرحمن أبي بطين
العائذي من روضة سدير إلى بلد شقراء لازمه المترجم وأخذ عنه وتزوج ابنته، وكان لا يفارقه إلا وقت النوم، فانتفع به وقرأ عليه في التفسير والحديث والفقه وأصوله وأصول الدين وفي النحو حتى ظهر مظهرًا حسنًا، وناهيك برجل شيخه أبي بطين علمًا وورعًا وذكاءً.
ولما تولى الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن قضاء عنيزة وارتحل إليها بأهله وأولاده، ذهب معه المترجم المذكور بأهله وأولاده، فنزل في عنيزة وأحبه أهلها وأكرموه واحترموه وقدروه تقديرًا لم يعهد مثله ذلك لما قام به من حسن الأخلاق ومعاني الشيم وتحببه الخاص والعام، وكان الشيخ محمد ذكيًا فاضلًا أديبًا مكرمًا لطلاب العلم وموقرًا للغرباء الطالبين، وأخذ عنه جماعة من الفضلاء.
ومن أنجاله عبد العزيز وحفيد المترجم هو الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع مدير العارف السعودية سابقًا، وكان المترجم حسن الحظ كثير التصحيح والتحرير والضبط والتهميش، وغالب كتبه عليها رموزه وتقريراته وضبطه، وما زال على الاستقامة إلى أن توفاه الله في هذه السنة.
وقد رثاه تلميذه الذكي الفاضل النجيب، والشاب الأديب صالح بن عبد الله بن بسام بهذه المرثية:
أيا قلب دع تذكار سعدي فما يجدي
…
وأيام أنس سالفات بذي الرند
فليس بذي الدنيا مقام ترومه
…
ولكنها كالحلم تمضي على العبد
ولما شجاني أن قضى حتف أنفه
…
محمد المحمود في العلم والزهد
عنيت به الحبر الجليل ابن مانعٍ
…
ومن هو في دنياه عاش على الحمد
سقى الله قبرًا قد حواه ثرى له
…
سحائب فضلٍ فاضح البرق والرعد
لقد كان بحرًا للعلوم وعارفًا
…
وفي علمه يهدي إلى منهج الرشد
وقد كان في أمر العبادة يحتذي
…
مسالك للأسلاف كانوا على قصد
وقد كان لي شيخًا نصوحًا بعلمه
…
محبًا لفعل الخير يهدي ويستهدي
ولازمته منذ سنين عديدة
…
فلم أره إلا على سالف العهد
فيا عين لا تبقي دموعًا ذخيرةً
…
فما بعده أرجو شبيهًا له عندي
ويا قلب لا تبقي قليلًا من الأسى
…
على عالمٍ قد حل في غامق اللحد
وأنشد ما يبري من الصدق والوفا
…
مقالًا صحيحًا صادقًا فيه من جد
ولست بناسٍ ما حييت لصاحبٍ
…
صفوح عن الزلات خالٍ من الحقد
سابكيه ما جاء الحديث بذكره
…
بكاء محبٍ للحبيب على فقد
جزاه إله العالمين برحمةٍ
…
ينال بها المطلوب في جنة الخلد
فجئت بنظم للوفاة مؤرخٍ
…
مقيم بدار الحمد في منتهى القصد
وفيها أمر سعود بن فيصل على أهل البلدان أن يتجهزوا للجهاد ويقدموا عليه في الرياض، فلما حضرو عنده توجه بهم إلى بلد القويعية ونزل هناك وأقام عدة أيام، ثم ارتحل عنها، وتوجه إلى الرياض وأذن لمن معه بالرجوع إلى أوطانهم، ولما رجع أهل النواحي منه كل يريد وطنه وقع في بلد أشيقر فتنة بين آل نشوان من المشارفة من الوهبة وبين الحصانا والخراشا من آل بسام بن منيف من الوهبة.
وسبب ذلك أن أمير بلد أشيقر محمد بن إبراهيم بن نشوان لما أمر سعود بن فيصل بهذا الجهاد، جهز غزو أهل أشيقر وأمرَّ عليهم بن عمه محمد بن علي بن نشوان، ثم سافر الأمير إلى بلد بريدة ليقضي بعض حاجاته، ولما قدم الغزاة على سعود بلغ الخراشاء والحصانا أن محمد بن علي بن نشوان قد تكلم في حقهم لدى سعود، فلما رجع بالغزو خرج إليه عبد الرحمن بن إبراهيم الخراشي وأخوه عبد الله وعلي بن عثمان الحصيني وابن أخيه عبد العزيز بن إبراهيم الحصيني، فأمسكوا محمد بن علي بن نشوان خارج البلد وضربوه ضربًا شديدًا، فرجع إلى بلد الفرعة وأقام عند أصهار له فيها.
ولما بلغ الخبر عثمان بن عبد الله بن إبراهيم بن نشوان، وكان إذ ذاك في الجعريفة، سار إلى بلد الحريق وطلب منها النصرة لأن آل نشوان وأهل الحريق