الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونهض بالإمارة حتى كان بلاد لحج في مقدمة بلاد اليمن عمرانًا وازدهارًا، وذلك بإقرار الذين زاروها ودرسوا أحوالها.
وفيها أيضًا ولد رئيس جمهورة تركيا مصطفى كمال، وكانت ولادته في مدينة سلانيك وأسرته كان من الأريسا في بلاد اليونان، ويأتي له بقية ذكر في سنة وفاته، وكان قد توفى والده وهو صغير بدون ثروة تذكر، فلجأت أمه إلى أخيها وكان مزارعًا فنقلها أخوها مع فتاها إلى قريته وكفله، فأخذ يساعد خاله في عمله سواءً في الحقل أو في الدار أو في السائمة، ثم شق على والدته أن ينشأ فتاها هذه النشأة الخاملة فأعادته إلى شقيقتها في سلانيك ليتعلم، فأدخلته هذه مدرسة رسمية من مدارس الحكومة، وشملته بعنايتها، وضربه الأستاذ يومًا ضربًا مبرحًا لأنه تشاجر مع زميل له ساعة الدرس، فشق ذلك على جدته فأخرجته من المدرسة وأقصته عنه، فاختار الدخول في المدرسة العسكرية لميل غريزي فيه، ولما عارضت والدته حينما عرض الدخول عليها في المدرسة خوفًا عليه ولئلا تصاب ببعاده، أصرّ على الدخول وكان له ما أراد ولقب في المدرسة العسكرية بكمال فأصبح يدعى مصطفى كمال، وما زال يترقى ويجتاز الصفوف الأولية حتى نودي به رئيس جمهورية تركيا.
وختمت هذه السنة باتفاق أهل بلد المجمعة مع الأمير محمد بن عبد الله بن رشيد على أن يكون حليفهم وحاميهم وأن يكونوا من رعاياه، وكان هذا الإتفاق بعد عدة وقعات جرت بين أهل المجمعة وبين الإمام عبد الله بن فيصل، قتل فيها عدة رجال من الطرفين، فلم يستول عليها عبد الله وأحدثت شغبًا، ورجع الإمام عبد الله صفر اليدين منها، وبذلك تعلم ضعف جانب الإمام لأنه إذا عجز عن فتح بلدة في سدير ودخولها تحت طاعته فغيرها أولى.
ثم دخلت سنة 1299 ه
ـ
ففيها أعاد الإمام الكرة عبد الله بن فيصل على المجمعة فأمر على أهل بلدان نجد
بالتجهز للغزو، ثم خرج من بلد الرياض وتوجه إلى بلد المجمعة ومعه جنود كثيرة من أهل العارض والمحمل وسدير والوشم، وسار معه بادية عتيبة بأهاليهم فنزلوا بلد حرمة وحاصروا بلد الجمعة وقطعوا كثيرًا من نخيلها.
وكان أهل المجمعة لما بلغهم مسيره، كتبوا إلى أمير الجبل محمد بن عبد الله بن رشيد يستحثونه في الزمن لإسعافهم، وتتابعت الرسل منهم إليه، وكان قد وعدهم بالنصرة وواطأهم على حرب الإمام عبد الله بن فيصل، فعند ذلك استنفر ابن رشيد من حوله من بادية شمر وحرب وبني عبد الله، فلما اجتمعت إليه هذه الجنود خرج من حائل بجنود أخرى وزحف إلى بلد بريدة، فنزل عليها بجنود كثيرة وعدد وعدة، فلما قدم على بريدة وجد الأمير حسن بن مهنا قد جمع أهل القصيم ومن وجده من أهل البادية واستعد بأهبة للزحف مع الأمير محمد بن رشيد لنصرة أهل المجمعة.
ولما تكاملت جيوش ابن رشيد في بريدة زحف متوجهًا معه حسن بن مهنا ونزل على الزلفي، فلما علم بذلك بوادي عتيبة ارتحلوا من حرمة منهزمين وارتحل الإمام بمن معه من المسلمين متوجهًا إلى الرياض وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم، وكان مدة إقامته على بلد المجمعة محاصرًا لها أربعين يومًا.
ثم إن ابن رشيد ارتحل من الزلفي بمن معه من الجنود ونزل على بلد المجمعة وأقام عليها أيامًا، ثم إنه جعل فيها أميرًا من قبله، وهو سليمان بن سامي من أهل حائل ورجع إلى بلده.
وكان الأمير حسن بن مهنا لما سار في تلك الجهات جرى منه ومن جنوده فساد عظيم ليهلك الحرث والنسل، فكان يؤتى بالبكرة الثمينة من آلة السانية فتنزع من قرون البتر وتلقى في النار يطبخون عليها القهوة ويحرقون عليها الأبواب ويفسدون كل ما مروا عليه، وكان هذه من ابن رشيد بعد فوزه في القصيم تعد الخطوة الثانية في استيلائه على نجد.
ثم إنه عاد الإمام الكرة على المجمعة فاستغاث أهلها ثانيًا بابن رشيد وابن مهنا فأغاثهم فأدى إلى وقعة بينهم وبين الإمام.
وفيها شرع في حفر آبار البدائع المعروفة، وكانت الآن قصورًا قابلة للزراعة وهي تابعة لعنيزة لحسن مواصلة كانت بين الأمير حسن بن مهنا وبين أمير عنيزة زامل بن عبد الله، وذلك لأن الثاني طلب من الأول إلحاقها بعنيزة فسمح له بذلك، وكانت البدائع تمتاز بقوة واتساع ناحية لما لأهلها من الهمة العالية في الزراعة.
وفيها عمر السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد في الكعبة المشرفة وفرش باطنها بالرخام وعمّر بعض الخراب فيها فتم حينئذ فرش سطحها كما أشرنا إليه قبل ذلك وتم أيضًا فرش باطنها في هذه السنة واستمر ذلك، وفيها خصصت القبة الواقعة في باب الدريبة لحفظ الكتب التي أرسلها السلطان عبد الحميد خان وكان قد أضر بها السيل حين دخوله المسجد الحرام كما تقدم، وقد أصدر السلطان عبد الحميد أوامره ببناء مدرسة ومكتبة بجانب التكية المصرية فتوفى قبل تنفيذ هذا الأمر.
فلما كان في هذه السنة نقل بقيتها إلى القبة المذكورة ثم بعد ذلك ضمت إليها الكتب التي أوقفها الشريف عبد المطلب أمير مكة، وكتب الشيخ صالح عطرجي أحد مدرسي الحرم الشريف سابقًا.
وفيها في 24 ذي القعدة ولي إمارة مكة الشريف عون الرفيق، وهو عون بن محمد بن عبد المعين وانعزل الشريف عبد المطلب بن غالب وامتدت إمارة الشريف عون ثلاثًا وعشرين سنة إلى أن مات سنة 1323 هـ.
وفيها في أول يوم من صفر ولد الشيخ حسين بن عبد الله بإسلامة الحضرمي مؤلف كتاب حياة سيد العرب وتاريخ النهضة الإسلامية، وكان له فضل وفواضل وله مؤلفات عديدة منها تاريخ الكعبة وتاريخ المسجد الحرام.