الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم دخلت سنة 1319 ه
ـ
استهلت هذه السنة والشيخ محمد بن عبد الله بن سليم مقيم في منفاه قرية النبهانية وفي معيته نجله عمر بن محمد بن سليم، وكذلك الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم مقيم في بلد البكيرية.
ويلاحظ على الشيخ محمد بأن لا يكون له مجالس للتدريس، لئلا يتحزب له أحزاب لزعمهم الفاسد بأنه يضل الناس وكذبوا وأعظموا الفرية ويأبى الله له ذلك بل كان هاديًا ومهديًا.
وسبب نفيه وإهانته وشاية الأعداء به إلى ابن رشيد وإنه يمالي عنى آل رشيد.
وكان من جملة ما وبخه به أن قال: أما كان في عنقكم بيعة لي يا ابن سليم، وتخرج لاستقبال ابن صباح ومبايعته، فأنكر الشيخ ذلك فتوعده ونفاه إلى النبهانية.
ولما قدم إليها استقبله أهلها وهيأوا له بيتًا مجاورًا للمسجد الجامع، وجعلوا فيه ضيافة على قدر وسعهم، وجاءت عجوز تقول: إني أريد أن أساهم في كرامة الشيخ ولا أقدر على غير تنظيف طريقة وقمه، فكانت دائمًا تتعامد طريقه.
ولما أصبح في هذه القرية كان لا يتمكن من التعليم والتدريس وإذا أراد أن يدرس عليه ابنه فإنهما يخرجان إلى الصحراء خشيةً من الأعداء الذين يوعزون إلى ابن رشيد بأنه على تدريسه وتعليمه، لأنه بذلك يريد أن لا ينشر علمه، فتفرد به ابنه الشيخ عمر بن محمد وانتفع بعلومه وجدّ واجتهد حتى نال قصبة.
وسمعت عن شيخنا عمر رفع الله درجاته يقول: بينما نحن مرة في حال إقامتنا في النبهانية ونحن في شدة حذر من عيون ابن رشيد التي ترقبنا، استأذن في الغداة رجل قائلًا السلام عليكم، فأنكرنا أن يكون حوالينا من يحسن الاستئذان الشرعي، فلما فتحنا الباب إذا به الأخ في الله عبد العزيز بن عبد الله بن فداء فاستغربنا مجيئه إذ ذاك وأدخلناه في بيتنا وإذا هو جاء لطلب العلم على والدي في ذلك المنفى، ففرحنا به وخفنا من شر الأعداء، وكان والد عبد العزيز قد أذن له بالسفر نحو الشيخ أن
أمن من الزلازل والمحن، وكان رجلًا ناسكًا تقيًا عارفًا بعلوم الدين، وعلم العقيدة، فرحمة الله على روحه.
ولما أن عزل الحاكم عبد العزيز بن متعب أئمة المساجد وأبدلهم بأخرين على ما تقتضيه إرادته، كان من بين أولئك الأئمة أمام قرية اللسيب، وكان معتزلًا وله سجع مليح في الكلام، فدعا به ابن رشيد إليه وقال: أيهًا يا مطوع اللسيب ينسبون إليك كليمات فما هي؟ فأجابه نعم كنت أقول أن ابن رشيد يأخذ من الزاعب ويعطي اللاعب، وقد كنت أقول أنا في نقرة في الغميس غاب عنها إبليس، ولا علمت بفعل الجواسيس، فضحك منه ابن رشيد والتفت ضاحكًا إلى ماجد بن حمود يقول: صدق ولم يتعرض له بسوء.
ولما ولي في القصيم وعزل وأحكم وأبرم، زحف يريد الكويت وأعاد الكرة على ابن صباح، فنزل في الحفر المعروف، وكان يقع في منتصف الطريق بين القصيم والكويت، وذهب يوسف بن عبد الله آل إبراهيم يهيج عليه الدولة، وكانت شكوى الموتورين أبناء أخوي مبارك وشقيقه قد وصلت إلى الأستانة، ففتحت لها الدولة إذنها وأصاخ لها الباب العالي وأنذر صاحب الكويت، فسيرت الدولة إلى الكويت باخرة حربية، وكانت هذه الباخرة تحمل عددًا من الضباط وكثيرًا من الجنود، وسلم إلى مبارك رسالة تتضمن توليته منصب عضو في مجلس الشورى لديها في الأستانة لتمسك بزمامه أو يغادر الكويت إلى أي بلاد أرادها، وحينئذ تعطيه الدولة راتبًا ضخمًا، هذا وابن رشيد قد زحف على أطراف البلاد وهم بالهجوم على الجهراء، فأحاطت بمبارك الأخطار، ولما رأى نفسه وبلاده في شبه الحصار، أرسل إلى أبي شهر يستنجد الإنكليز ويستفزعهم، فجاء بعد ثلاثة أيام مركب عظيم من بريطانيا العظمى نصرةً لابن صباح، وكان هذا المركب حربيًا عظيمًا فرسى في مياه الكويت عشرين يومًا، فتلبدت الثائرات على مبارك وجعل يجهز الحملة الثانية على ابن رشيد، بل زحف إلى الجهراء والمركب الحربي البريطاني سائر في مرأى من الجيش إليها ولسان حاله يقول: أتبغون حصاري برًا وبحرًا ها أنا ذا جئتكم بحرًا وبرًا