الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلهم عشيرة من المشارفة من الوهبة من تميم، فسار معه عدة رجال منهم يريدون أن يشفوا غليله، فدخلوا بلد أشيقر آخر الليل ورصدوا على باب عبد الرحمن لصلاة الفجر، ألقوا القبض عليه وضربوه ضربًا شديدًا، وأمسكوا علي بن عثمان وضربوه وجرحوه جراحًا شديدًا، فثار عليهم أهل البلد مع آل بسام وحصل بينهم وبين أهل الحريق قتال، فانهزم أهل الحريق إلى بلدهم وقتل منهم عثمان بن عبد الله بن مقحم.
ذكر شيء من أذكار عبد الرحمن بن فيصل
قد قدمنا فيما مضى والتاريخ يعيد نفسه إن عبد الرحمن هذا سار إلى بلد الأحساء وذلك بأنه لما مرج الملك بين آل سعود وكثر الهرج وأصبح كل ابن من أبناء فيصل لا يخضع للآخر ما خلا محمدًا، فإنه لا يزال مقيمًا على الولاء لأخيه عبد الله.
ولما كان في شهر رمضان من هذه السنة، قدم عبد الرحمن بن فيصل من بغداد إلى الأحساء يصحبه فهد بن صنيتان، فلما قدم عبد الرحمن قام معه أهل الأحساء وأخذوا يبرمون الحيلة في تدمير العساكر التركية، فقاموا على العسكر الذين عند أبواب الهفوف فقتلوهم، ثم حصروا العساكر الذي في خزام القصر المعروف خارج البلد، ونصبوا عليه السلالم وأخذوه عنوةً وقتلوا جميع من فيه من العسكر، وتحصن أهل الكوت فيه هم ومن عندهم من عسكر الترك الذين في كوت إبراهيم، وفي كوت الحصار فحاصرهم عبد الرحمن بن فيصل ومن معه من أهل الأحساء والعجمان وآل مرة، واشتد الحصار عليهم وكاد أن يظفر ببغيته لولا نجدة جاء بها ابن سعدون من العراق فكسرت العجمان وشتتت شملهم، وذلك لأن العساكر أرسلوا إلى والي البصرة وباشا بغداد يطلبون النصرة، فأمر باشا بغداد على ناصر بن راشد بن ثامر بن سعدون رئيس المنتفق أن يسير إلى الأحساء، وعقد له على إمارة الأحساء والقطيف وجهز معه عساكر كثيرة من بغداد، واستنفر ناصر بن
راشد رعاياه من المنتفق وغيرهم من بادية العراق، فاجتمع عليه جنود عظيمة، فسار بهم إلى الأحساء، فلما قرب من بلد الهفوف خرج إليهم عبد الرحمن بن فيصل ومن معه من العجمان وآل مرة وأهل الأحساء، ووقع بين الفريقين قتال شديد، فانكسر لذلك أهل الأحساء وانهزموا إلى بلادهم وتتابعت الهزيمة على العجمان ومن معهم من العربان، وعاد عبد الرحمن بن فيصل إلى بلد الرياض معه فهد بن صنيتان، وهرب رؤساء الأحساء إلى البحرين.
ثم دخل ناصر بن راشد بلدة الهفوف بمن معه من الجنود ونهبوها وأباحوها ثلاثة أيام، وخرج عسكر الترك الذين في الكوت، فصاروا مع تلك الجنود فعاثوا في البلد نهبًا وقتلًا وفسادًا، حتى قتلوا كل من ظفروا به من أهل السنة من ساكني الأحساء وممن كان فيه من أهل نجد، ولم يتعرضوا للرافضة، فقتل خلائق كثيرة ونهبت أموال عظيمة لا يحصيها إلا الله تعالى، وكان أكثر من باشر القتل عسكر الترك طلبًا لثأر من قتل منهم، وكان من أعيان الذين قتلوا في هذه الفتنة الشيخ عبد العزيز بن نعيم.
أما الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الوهبي فإنه ضرب ضربًا شديدًا وأخرجوه من الكوت، وكان ساكنًا فيه قبل ذلك، وقتل محمد بن عبد الرحمن بن عامر وعمه أحمد ورشيد بن عبد العزيز الباهلي ومحمد بن حسين الباهلي، وجرى في هذه الأيام محن عظيمة وخطوب جسيمة تشيب لها النواصي، وتعجز عن حملها الجبال الرواسي، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي آخر هذه السنة بل في شهر ذي القعدة خرج سعود بن فيصل من بلد الرياض غازيًا فلما وصل صوار الموضع المعروف في أسفل بلد البير من بلدان المحمل مرض فرجعوا به إلى الرياض فوافاه أخوه عبد الرحمن لما رجع من الأحساء مريضًا في قصره، فلبث سعود أيامًا قليلة وتوفي في ثامن عشر الحجة من هذه السنة فالله المستعان.