الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام عبد الله بن فيصل، وكتبوا إليه وهو إذ ذاك عند قحطان، فقدم عليهم في الأحساء، فأكرموه ظاهرًا والله عليم بما يبطنون، فأقام عندهم هناك.
وأما سعود فإنه لما أذن لأهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم بعد واقعة البره، لم يبق عنده في الرياض غير شرذمة قليلة من العجمان، فقام عليه أهل الرياض وساعدهم عمه عبد الله فحصروه وجنوده في القصر، وثار الحرب بينهم ثم إنهم أمنَّوه ومن معه من أولاده وخدمه، وأخرجوهم وطردوهم ثم بايعوا لعمه عبد الله بن تركي، فتولى عبد الله على الرياض وكان من الذين أذن لهم سعود بعد هذه الغزوة عبد الله بن إبراهيم بن نشوان من رؤساء أهل أشيقر وإبراهيم بن سليمان الصبي، ومحمد بن سعد بن معيقل، وسعود بن حمد من أهل الشعراء، وعبد الله بن عثمان من أهل الدوادمي لما ذهبوا إلى أوطانهم، ومروا بالبكرات بالقرب من ثادق صادفهم ركب من آل عاطف من قحطان، كبيرهم فريج بن مجحود فحصل بينهم وقعة شديدة وصارت الهزيمة على قحطان، وقتل منهم عدة رجال، منهم شناز بن فريج بن مجحود، وقتل في هذه الوقعة عبد الله بن إبراهيم بن نشوان، وكان هذا فيما يقال عنه كريمًا مقدامًا شجاعًا، وعبد الله بن عثمان وكان معروفًا بالشجاعة والرماية رحمة الله على أموات المسلمين.
وكان سعود لما أخرج من الرياض ذهب إلى بلد الدلم فأقام فيها.
ولما كان في آخر جمادي الآخرة سار من الدلم يريد الأحساء، فقدم على بوادي العجمان وآل مرة فرغبوه في أخذ الأحساء والقطيف من أيدي العساكر العثمانية، واجتمع عليه خلائق كثيرة فعاثوا في قرى الأحساء بالنهب والتخريب، وذلك في رجب من هذه السنة المذكورة.
ذكر وقعة الخويرة
لما اجتمع على سعود أصحابه والتئم عليه شمله، جعل يستنهضهم على الترك،
فالتف حوله جنود كثيرة وعزم على قتال الأتراك ولكن أين هم من عساكر الدولة، وفي كلام الحكمة الكثرة غلبت الشجاعة، فلما اجتمع على سعود أولئك الجنود، زحف بهم ونزل الخويرة الماء المعروف بالأحساء قريبًا منه، وأكثروا النهب والفساد، فخرجت عليهم عساكر الترك وأهل الهفوف يقودهم عبد الله بن فيصل فحصل بين الفريقين ملحمة عظيمة ووقعة جسيمة تجلت عن هزيمة سعود وأصحابه، وقتل في هذه الوقعة خلائق كثيرة من بين الفريقين، وجلهم من أصحاب سعود فانهزم وأقام مع العجمان.
ولما كان بعد هذه الوقعة بأيام وصل إلى بندر العقير مدحت باشا بعساكر كثيرة يريد أن يتولى على الأحساء والقطيف من قبل الدولة العثمانية، وكان فيما يقال عنه أنه والي بغداد، فجاء رجل من أعيان العسكر الذين في الأحساء إلى عبد الله بن فيصل وقال له: إن مدحت باشا قد وصل إلى العقير، وهو يريد القبض عليك ويرسلك إلى بغداد، وقد التزم بذلك للدولة اعترافًا لها وكان مدحت باشا قد وعده بأن يعينه قائم مقام ولاية نجد، ولكن عبد الله خشي أن تكون خدعة وقيل له إن قدرت على الهرب فافعل.
فأخذ عبد الله بن فيصل يدبر الحيلة في ذلك، فحضر عند فريق باشا وطلب منه أن يأذن له في الخروج بعد العصر إلى عين نجم المعروفة هناك للاغتسال فيها والفرجة، فأذن له في ذلك، فلما خرج من عند الباشا أمر علي بعض خدمه أن يجهز خمس ركائب ويأخذ معه رفيقًا من العجمان ورفيقًا من آل مرة، وواعده الجبل المعروف بأبي غنيمة، ففعل الخادم ما أمره به.
ولما كان بعد العصر من يومه ذلك خرج بابنه تركي وأخيه محمد بن فيصل علي خيل وخرج معه ثلاثة من عسكر الترك علي خيلهم، فلما أن وصلوا إلى الصفيا المعروفة، أخذوا يتطاردون ويلعبون على تلك الخيل، وعند غروب الشمس انهزم عبد الله وابنه وأخوه على خيلهم فلحقهم الثلاثة الموكلون بهم من العسكر على خيلهم، وشدوا في طلبهم ففاتوهم ورجعوا إلى البلد.