الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة، والتحلي بحلية المتقين حتى أصبح حنظلة في حلوق الكافرين والملحدين، ونصرةً لأولياء الله الموحدين، فهو ريحانة الأخيار حنظلة الأشرار، وأخذ عنه العلم كثير من علماء نجد، من أشهرهم الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف علامة نجد، والشيخ سليمان بن سحمان، وأخذ عنه أنجاله العلماء الأجلّاء الشيخ سعد بن حمد، والشيخ عبد العزيز، والشيخ عبد الله، والشيخ عبد اللطيف، والشيخ إسحاق وغيرهم، وكان مشهورًا بالكرم والورع وقد وقع في زمنه بنجد فتن عظيمة، فكان من أعظم الناس صبرًا وجهادًا بسيفه ولسانه، ولم يأل جهدًا في التحريض على الجهاد الشرعي في تلك الفتن.
الوظائف التي نالها
أما الوظائف التي نالها فقد ولاه الإمام فيصل قضاء بلد الدلم في الخرج، ثم نقله منها إلى الحلوة القرية المشهورة في حوطة بني تميم، ثم نقله منها إلى الأفلاج وبها استقر حتى توفاه الله تعالى في هذه السنة، ودفن ببلد العمار وقبره معروف إلى الآن، وكان له مؤلفات نفيسة منها أبطال التنديد باختصار شرح التوحيد، ومنها بيان النجاة والفكاك من مولاة المرتدين وأهل الإشراك، وقد جاءت مؤلفاته على أحسن وضع وأبدعه، وأثنى عليه العلماء ومدحوه، ولمؤلفاته قبول عند الموحدين لما فيها من الإخلاص والنصرة لدين الله تعالى، فكان علم القبول يلوح عليها، وكثيرًا ما تأخذه الغيرة الدينية فتجد رسائله إلى العلماء وأنصار الشريعة فيها التحريض والتأكيد في القيام لله والصدع بالحق، ويعاتب أنصار الشريعة بأن لا يهنوا ولا يفتروا عن بيان الحق والقيام بحقوقها وترميم ما درس في ربوعها وفي خروقها، كما عاتب الشيخ الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بكتاب أغلظ فيه الجواب والكلام وبالغ فيه بالخطاب والملام، والحامل له على ذلك شدة الغيرة لله ولكتابه ولرسوله، فتلقاه الشيخ بالقبول والتقدير والمناصحة، ذلك لأن الشيخ عبد اللطيف يقدر العلماء ويعرف لكل فضله ودرجته، وكثيرًا ما يكاتبه ويناصحه ويحثه على القيام بأوامر الله تعالى، كما في الفتن التي جرت بين آل سعود، ويكاتبه أيضًا الشيخ
عبد اللطيف في كل مهم ويحثه أيضًا على عداوة أعداء الله ورسوله، وبث ما لديه من العلم، ومهما كانت الأحوال والظروف، فإن الشيخ حمد بن عتيق له سطوة في دين الله، لا يبالي ولا يراعي، ومن كان مع الله كان الله معه، ومن وجد الله فما ضيع شيئًا.
وكان قويًا في الدعوة إلى الله، وبنى له دينه وصدقه وموالاته لأولياء الله ومعاداته لأعدائه ذكرًا منتشرًا لا ينسى على ممر الأيام والليالي، والرجل فوق ما قيل في فضله علمًا وعفةً ودينًا وذكاءً وجودًا وحلمًا.
ومن مؤلفاته الفرق المبين بين مذهب السلف وابن سبعين، وله رسالة في نحو كراستين في الرد على ابن دعيج الذي ضمن رسالته تزكية الكفار وأئمة الردة ومسبة المسلمين، وأنهم يكفرون من أقام ببلد المشركين وإن كان مظهرًا للدين، ومؤلفاته كثيرة، وكان رحمه الله يقول الشعر سريع البديهة كتب إليه ابنه سعد في سفره لطلب العلم من الهند هذين البيتين:
لاكتساب العلم سافرنا ونرجو
…
أنه فتح وإقبال وبر
قلت يا قلبي فأرخ منهما
…
قال تاريخي له يمن أغر
فلما وقع نظر والده عليهما أنشأ يقول مجيبًا عليهما:
يا إلهي لا تخيب سعيه
…
أوله التوفيق حقًا والظفر
واجعل العلم اللدني حظه
…
أوله فهم المنزل والآثر
أعطه رزقًا حلالًا واسعًا
…
كافيًا حاجاته في ذا السفر
اكفه جميع محذوراته
…
حادثات البر أيضًا والبحر
ومن شعره أبيات فيها أسباب حياة القلب نذكر بعضها:
حمدت الذي أغنى وأقنى وعلما
…
وصير شكر العبد للخير سلما
وأهدي صلاة تستمر على الرضا
…
وأصحابه والآل جمعًا مسلما
كما دلنا في الوحي والسنن التي
…
أتانا بها نحو الرشاد وعلما
أزال بها الأغلاف عن قلبٍ حائرٍ
…
وفتح أذانًا صمت وأحكما
فيا أيها الباغي استنارة قلبه
…
تدبر كلا الوحيين وانقد وسلما
فعنوان إسعاد التي في حياته
…
مع الله إقبالًا عليه معظما
وناقد ذا لا شك قد مات قلبه
…
أو اعتل بالأمراض كالرين والعما
وآية سقم في الجوارح منعها
…
منافعها أو نقص ذلك مثلما
وصحتها تدري بإتيان نفعها
…
كنطق وبطشٍ والتعرفٍ والنما
وعين امتراض القلب فقد الذي له
…
أريد من الإخلاص والحب فاعلما
ومعرفة الشوق إليه إنابةً
…
بإيثار ذا دون المحبات فأحكما
ومؤثر محبوب سوى الله قلبه
…
مريضٌ على جرفٍ من الموت والعما
وأعظم محذور خفا موت قلبه
…
عليه لشغل عن دواه يضدما
وآية ذا هون القبائح عنده
…
ولولاه أضحى نادمًا متألما
فجامع أمراض القلوب أتباعها
…
هواها فخالفها تصح وتسلما
ومن شؤمه ترك اغتذاء بنافعٍ
…
وترك الدوا الشافي وعجز كلاهما
الخ وهي حسنة، ولما توفاه الله تعالى رثاه الشيخ سليمان بن سحمان بهذه القصيدة:
على الحبر بحر العلم بدر المنابر
…
وشمس الهدى فليبك أهل البصائر
وأية عينٍ لا تثج بمائها
…
عليه كثج المعصرات المواطر
فلا نعمت يومًا ولا قلب قالئ
…
خلى من الأشجان ليس بغائر
فوا لهفا من فادحٍ جل خطبه
…
وثلم من الإسلام إحدى الفواقر
ورزء فضيع بل مريع ولائع
…
لشمس هدى أضحى نزيل المقابر
يعز علينا أن نرى اليوم مثله
…
لحلٍ عويص المشكلات البوادر
وللشبهات المعضلات وردها
…
إذا ما تبدت من كفور مقامر
فلله من حبر إمام وبلتعٍ
…
يعوم بتيارٍ من العلم زاخر
ويقفوا لآثار النبي وصحبه
…
يجدد من منهاجهم كل داثر
ويحيى علامات من العلم قد عفت
…
ويعمر من بنيانه كل دامر
إمامٌ تزيا بالعبادة فاستما
…
بها وارتقا مجدًا سمي المظاهر
لقد كان أمًا في السماحة والندى
…
فليس له في عصره من مناظر
وفي الحلم قد أضحى لعمرك آية
…
وفي العلم ذو حظ أطيد ووافر
تقي نقي ألمعي مهذب
…
أريب رسيب الجأش ليس بطائر
وبدر منير يستضاء بضوئه
…
إذا ما أجنت حالكات الفواقر
لأن كان قد أضحى له القبر منزلًا
…
وأقوت رباع من حماة أساور
لقد كسفت للدين شمس منيرةٌ
…
يغطي سناها كل باغ وكافر
فواحرنا أن كان لا بقية
…
تخلف من بعد الهداة الأكابر
فسار على منهاجهم واقتفائهم
…
على المنهج الأسنى على المفاخر
وأرتج أفواه العدا فهي خرس
…
وأشرج من مفتوقها كل كاشر
فلا ذو ضلال وابتداع برائم
…
سبيلًا إلى تشكيكه كل قاصر
لقد عاش في الدنيا على الأمر بالتقى
…
ونهى الورى عن موبقات المناكر
يجاهد في ذات الإله ولم يكن
…
لتأخذه في الله لومة لائم
فلا مذهب عن نهج الحق صده
…
ولا ذهبًا يبغي كفعل الأخاسر
ولكنما مطلوبه الحق والهدى
…
على نهج ما قد سنه خير آمر
فأضحى رهينًا في المقابر آويا
…
وصار إلى ربٍ كريم وغافر
لقد صابنا صاب من الحزن مفجعٌ
…
لدن طرق الناعي بفخر المحاضر
وأرق جفن العين خطب عصبصب
…
يضعضع من ركن الهدى كل عامر
فجالت لنا الأشجان من كل جانبٍ
…
وأظلم من نجد سطيع الدساكر
وأصبح منهد القواعد موحشًا
…
وقد كان معمورًا سمي المفاخر
فصبرًا بني الإسلام صبرًا فإنما
…
بعد جزيل الأجر حقًا لصابر
وللعلم فليبكي ذوو العلم والنهى
…
فقد غيبت أعلامه في المقابر
ولم يبق إلى رسمه فهو دارس
…
خفي على السلاك من كل سائر
لعمري لقد قوى من الأرض وأنقضا
…
فصبوا من الأجفان دمع المحاجر
ويا أيها الإخوان لا تسأموا البكا
…
على علم الأعلام بدر المنابر
فما حمد بالعلم إلا متوجٍ
…
حميد المساعي مشمعل المآثر
عليم بفقه الأقدمين محقق
…
وقد كان ذا علمٍ بفقه الآواخر
وقد حاز في علم الحديث محلة
…
تسامى بها فوق النجوم الزواهر
وبالسلف الماضين كان اقتفاؤه
…
من القول بالفتوى وقطع التشاجر
وفي كل فن فهو للسبق حائز
…
فضائله أعيت على كل حاصر
وحسبك أن قد صار مشهور فضله
…
سميا شهيرًا بين بادٍ وحاضر
تغمده المولى الكريم بفضله
…
ورحمته والله أقدر قادر
وأسكنه بحبوحة الفوز والرضا
…
مع الصالحين الطيبين الأطاهر
ولا زال هطال من العفو والرضا
…
مدى الدهر في أصالها والبوكر
على قبره يهمي فذو العرش مجده
…
أبروا على أن يحاط لحاصر
وصل إلهي كلما ذر شارق
…
وما أنهلت الجون الغوادي بماطر
وما هتفت ورقا في كل أيكةٍ
…
وما أم بيت الله من كل ضامر
على المصطفى الهادي الأمين محمدٍ
…
وأصحابه والآل أهل المفاخر
توفى الشيخ حمد عن عدة بنين من أشهرهم وأعلمهم الشيخ سعد بن حمد، والشيخ عبد العزيز بن حمد وغيرهم، فنسأل الله تعالى أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جنته ويجبر المصاب بفقده.
وفيها صدرت أول صحيفة بمكة المكرمة من المصحف والجرائد ابتداءً.
وفيها في غاية شوال أوفد الإمام عبد الله بن فيصل أخاه محمدًا بن فيصل إلى الأمير محمد بنُ عبدِ الله بنُ رشيد في الجبل ومعه كتب من أخيه الإمام يذكر فيها مآثر آل سعود وما قاموا به من تقديم آل رشيد في إمارة الجبل وجعلها وراثية فيهم لا سيما في آل عبد الله، ويطلب من الأمير حسن المعاملة والمجاملة وحسن الجوار لما بين البيتين من الصلة والعطف، ولما قدم محمد بن فيصل على الأمير محمد بن رشيد