المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كل معنى هو كالمثل في الغرابة والحسن، (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: كل معنى هو كالمثل في الغرابة والحسن، (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ

كل معنى هو كالمثل في الغرابة والحسن، (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا)، جحودًا للحق وهو في معنى الكلام المنفي فلذلك جاز الاستثناء، (وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ): أرض مكة، (يَنْبُوعًا): عينًا لا ينضب ولا ينقطع ماؤها، (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) أي: بستان، (مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا) حتى نعرف فضلك علينا، فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه، (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ) أن ربك إن شاء فعل، (عَلَيْنَا كِسَفًا) أي: قطعًا فلا نؤمن لك حتى تفعل يعنون قوله تعالى: (أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ)[سبأ: 9]، (أَوْ تَأتِيَ بِاللهِ وَالْمَلاِئكَةِ قَبِيلاً)، كفيلاً بما تقول شاهدًا بصحته أو مقابلاً معاينة نراه وهو حال من بالله وحال الملائكة محذوفة أي قبيلاً وقبلاء، (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مَن زُخْرُفٍ): من ذهب، (أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ): تصعد في سُلَّم ونحن ننظر، (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ): صعودك وحده، (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ) أي: مكتوبًا فيه إلى كل واحد هذا كتاب من الله لفلان بن فلان ويكون فيه تصديقك، (قُلْ)، أي: رسول الله، (سُبْحَانَ رَبِّي) تعجبًا من تمردهم، أو تنزيهًا لله من أن يأتي أو يشاركه أحد في قدرته، (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا) كسائر الناس، (رَسُولًا) كسائر الرسل وهم لم يقدروا ولم يأتوا بمثل ما قلتم فكيف أقدر على ذلك؟!.

* * *

(وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَسُولًا ‌

(94)

قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا

ص: 414

عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)

* * *

(وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) مفعول ثان، أي: ما منعهم الإيمان بعد، (إِذْ جَاءَهمُ الهُدَى) بعد نزول القرآن الذي هو معجزة، (إِلا أَن قَالُوا) فاعل منع، (أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا) أي: إلا قولهم هذا أي لم يبق لهم شبهة تمنعهم عن الإيمان إلا إنكارهم أن يرسل الله بشرًا، (رسُولاً قُل) جوابًا لشبهتهم، (لوْ كَانَ في الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) كما تمشون، (مُطْمَئِنِّينَ): ساكنين في الأرض، (لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا) أي: من جنسهم يهديهم، لأن انتفاع الجنس من الجنس أكثر

ص: 415

فرحمتنا دعتنا إلى أن أرسلنا إليكم بشرًا من جنسكم وبشرًا وملكًا منصوبان على الحال من رسولاً أو موصوفان برسولاً، (قُلْ كَفَى بِاللهِ) أي: كفى الله، (شَهِيدًا) حال أو تمييز، (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) على أني بلغت ما أرسلت به إليكم وأنتم عاندتم أو على أني رسول إليكم وأظهرت المعجزات، (إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) فيعلم إبلاغي وعنادكم فيجازي كلاًّ ما يستحقه من الإنعام والهداية والانتقام والإزاغة، (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ)، يهدونهم وينصرونهم، (وَنَحْشُرُهمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ) يمشون بها وعن أنس يقول: قيل يا رسول الله: " كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال: الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم " أو يسحبهم الملائكة إلى النار، (عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا) هذا في حال دون حال فيكون هذا بعد الحساب أو عميًا عما يقرأ عينهم بكمًا عن حجة وعذر يقبل منهم صمًا عما يُلِذّ مسامعهم، (مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ): سكن لهبها، (زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا) توقدًا بأن نبدل لحومهم وجلودهم فتعود متلهبة بهم، قيل ونعم ما قيل كأنهم لما كذبوا الإعادة بعد الإفناء جازاهم الله بدوام الإعادة بعد الإفناء، (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا): ترابًا، (أَئِنَّا) الهمزة لتأكيد الإنكار والعامل في إذا ما دل عليه قوله:(لَمَبْعوثون) فإن ما

ص: 416