المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقوله: " فما حصدتم " اعتراض لاهتمامه عليه الصلاة والسلام - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: وقوله: " فما حصدتم " اعتراض لاهتمامه عليه الصلاة والسلام

وقوله: " فما حصدتم " اعتراض لاهتمامه عليه الصلاة والسلام بشأنهم يأمرهم بما فيه صلاحهم في أثناء التأويل، (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ) من الغيث أي: يمطرون، (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ): العنب والزيتون وما يعصر قال بعضهم: ويدخل فيه حلب اللبن أيضًا، أوَّل البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة والعجاف واليابسات بمجدبة وأكل العجاف السمان بأكل ما جمع في الخصبة في المجدبة ثم بشرهم بما يكون بعد المجدبة بإلهام الله تعالى إياه لا من تأويل رؤياه.

* * *

(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ‌

(50)

قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لله مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)

* * *

ص: 230

(وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ): بعد مراجعة الرسول، (فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ) ليخرجه، (قَالَ ارْجِعْ إِلَى ربِّكَ): إلى الملك، (فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) أراد أن يعلم الملك براءة ساحته ولم يصرح بذكر امرأة العزيز أدبًا واحترامًا وهن يعلمن أيضًا براءته بإقرارها عندهن وفي الحديث " لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعى " وفيه أيضًا " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه - والله يغفر له حين سئل عن تعبير الرؤيا ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني "، (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ): حين قلن: أطع مولاتك، فيه الاستشهاد بعلم الله تعالى على براءته أو الوعيد لهن على كيدهن أو تعظيم كيدهن، (قَالَ): الملك لهن، (ما خَطْبُكُنَّ): ما شأنكن، (إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسهِ): هل وجدتن منه سوءً خاطبهن والمراد الأصلي امرأة العزيز، (قُلْنَ حَاشَ لله) تعجبًا من عفته ونزاهته، (مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ

ص: 231

قَالَتِ امْرَأَةُ العَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ): ثبت واستقر، (الحَقُّ) قيل: أقبلن كلهن عليها فقررنها، (أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ): الذي فعلت من رد الرسول، (لِيَعْلَمَ): العزيز، (أَني لَمْ أَخنْهُ بِالْغَيْبِ): بظهر الغيب حال من الفاعل أي): وأنا غائب أو من المفعول أو ظرف أي: بمكان الغيب، (وَأَن الله لَا يَهْدِي): لا ينفذ ولا يسدد، (كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي) عن السلف أنه لما قال: ليعلم أني لم أخنه بالغيب قال له جبريل: ولا حين هممت (1) فقال ذلك، (إِنَّ النَّفْسَ): بطبعها، (لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) إلا وقت رحمة ربي أو إلا ما رحمه الله من النفوس فعصمه، (إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) قال بعضهم: قوله: " ذلك ليعلم " إلخ من كلام امرأة العزيز أي: اعترفت بما هو الواقع ليعلم زوجي أني لم أخنه وما صدر مني المحذور الأكبر وإنما راودته مراودة فامتنع ولست أبرئ نفسي فإن النفس تتمني وتشتهي ولذلك راودته: لأنها أمارة بالسوء إلا نفس من عصمه الله تعالى إنه غفور حليم وعند بعض المفسرين إن هذا القول أليق وأقرب، (وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ):

(1) لا يصح والذي عليه المحققون أن قوله تعالى (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي) من كلام امرأة العزيز، وهو ما ذكره المصنف بعد ذلك فتأمله.

ص: 232

بيوسف)، (أَسْتَخْلصْهُ): أجعله خالصًا، (لنَفْسِي فَلَمَّا): أتوا به، (كَلَّمَهُ) وشاهد منه الكمالَ، (قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ): ذو منزلة، (أَمِينٌ)، مؤتمن على الأشياء صادق، (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ): ولنى أمر خزائن أرض مصر، (إِنِّي حَفِيظٌ): لها، (عَليمٌ) بوجوه التصرف فيها وقيل: حفيظ عليم كاتب حاسب أو عليم بسنين الجدب وسأل العمل لما في ذلك من مصالح الناس ليتصرف لفهم في القحط على الوجه الأحوط قيل: إن العزيز توفي أو عزل فجعل الملك يوسف مكانه فزوجه امرأته زليخا فوجدها عذراء وولد له منها ابنان (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ): أرض مصر، (يَتَبَوَّأُ مِنْهَا): ينزل، (حَيْثُ يَشَاءُ): بعد الضيق والحبس أو يتصرف فيها كيف يشاء، (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)، فما أعد الله ليوسف في الآخرة أعظم وأجل مما خوَّله في الدنيا.

* * *

ص: 233