المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

النظم والنثر أكثر فإنه أمي، (بَلْ كذبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: النظم والنثر أكثر فإنه أمي، (بَلْ كذبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا

النظم والنثر أكثر فإنه أمي، (بَلْ كذبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) يعني لما رأوا القرآن مشتملاً على أمور ما عرفوا حقيقتها سارعوا بجهلهم إلى التكذيب، (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ) بعد، (تَأْوِيلُهُ) فإنهم إن صبروا يظهر لهم بالآخرة تأويله، لكن فأجاءوا الإنكار قبل أن يقضوا على تأويله، (كذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) رسلهم، (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) فيه وعيد لهم بمثل عقاب الأمم السالفة، (وَمِنْهُم) من المكذبين، (مَّن يُؤْمِنُ بِه) بعد ذلك، (وَمِنْهُم مَّن لَا يُؤْمِنُ بِهِ) بل يموت على الكفر، (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) المصرين وقيل: معناه بعضهم من يصدقه باطنًا لكن يعاند، وبعضهم لا يعلم صدقه لغباوة وأنا أعلم بالمعاند.

* * *

(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ‌

(41)

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43) إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ

ص: 135

يَظْلِمُونَ (44) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53)

* * *

(وَإِن كَذَّبُوكَ) أصروا عَلى تكذيبك، (فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ) أي: لي الإيمان ولكم الشرك أو لكل جزاء عمله، يعني تبرأ منهم فقد أعذرت، (أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ) من الطاعة، (وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) من المعاصي أو لا تؤخذون بعملي ولا أوخذ بعملكم، قال بعضهم: الآية منسوخة بآية السيف، (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) إذا قرأت القرآن لكن لا يقبلون، (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ) يعني:

ص: 136

أتطمع أن تسمع الأُطْرُوشُ فإنهم بمنزلته في عدم وحيه، (وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُون) أي: ولو انضم إلى صممهم عدم العقل فإن الأصم العاقل ربما يتفرس، (وَمِنْهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ) ويعاينون أدلة صدقك لكن لا يصدقون، (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ) أتطمع أنك تقدر على هداية فاقد البصر، (وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ) وإن انضم إليه عدم البصيرة فإن العمى مع الحمق جهد البلاء، والآية كالتعليل للأمر بالتبري، (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا)، من الظلم بأن يشقيهم وهم مصلحون، (وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بارتكاب أسباب الشقوة وتفويت منافع العقول أو معناه ما يحيق بهم في الآخرة عدل من الله تعالى لأنَّهُم ظلموا أنفسهم باقتراف أسبابه فعلى هذا يكون وعيدًا لهم، (وَيَوْمَ يَحْشُرهُمْ كَأَن لَمْ) أي: كأنه لم، (يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ)، يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا أو في القبر لهول المحشر وكأن لم يلبثوا حال أي: مشبهين بمن لم يلبث إلا ساعة، (يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ) يعرف بعضهم بعضًا كأنهم لم يتفارقوا إلا قليلاً وهو متعلق الظرف أعني يوم نحشرهم أو تقديره اذكر يوم نحشرهم وعلى هذا يتعارفون بيان لقوله لم يلبثوا، (قَدْ خَسِرَ الذِينَ كَذبوا بِلِقَاءِ اللهِ) هي شهادة من الله على خسرانهم، (وَمَا كَانوا مهْتَدِينَ) لرعاية مصالح هذه التجارة،

ص: 137

(وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) أي: ننتقم في حياتك لتقر عينك وجوابه محذوف، أي: فذاك، (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل أن نريكه، (فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ) فنريكه في الآخرة وهو جواب نتوفينك، (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ) فيعاقبهم ويجازيهم إن لم ننتقم في الدنيا ننتقم منهم في الآخرة، (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ) يدعوهم إلى الحق، (فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) بالعدل وهو هلاك من كذبه ونجاة من تبعه أو لكل أمة يوم القيامة رسول فإذا جاء رسولهم الموقف قضي بينهم بالعدل، (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، فلا ينقص ثوابهم ولا نأخذهم بغير ذنب، (وَيَقُولُونَ)، أي: المشركون استهزاء واستبعادًا، (مَتَى هَذَا الْوَعْدُ) الذي تعدوننا من العذاب، (إِنْ كُنْتُمْ) أيها الرسول وأتباعه، (صَادِقِينَ قُل لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا) فكيف أملك لكم فأستعجل في عذابكم، (إِلا مَا شَاءَ اللهُ) أن أملكه أو منقطع، أي: لكن ما شاء الله من ذلك كائن، (لكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) مضروب لهلاكهم، (إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) لا يتأخرون ولا يتقدمون، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أي: أعلمتم أو أخبروني، (إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً) وقت بيات، (أَوْ نَهَارًا) وقت اشتغالكم بطلب المعاش، (مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) متعلق بـ أرأيتم ومعناه التعجب والتهويل يعني أعلمتم إن أتاكم عذابه في حين غفلة أي شيء هول شديد يستعجلون من الله تعالى وإذا كان ضمير منه للعذاب فمن للبيان

ص: 138