المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من الجبن والتنازع (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ) لا - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: من الجبن والتنازع (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ) لا

من الجبن والتنازع (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ) لا في المنام (قَلِيلًا) حال عن ثاني مفعولي يريكموهم لا مفعول ثالث، لأنه من رؤية العين ههنا، وإنما قللهم في أعين المسلمين تثبيتًا لهم، وتصديقًا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) ليجترؤا، أو لا يستعدوا للحرب حتى قال أبو جهل: إنهم أكلة جزور، ثم كثرهم في أعينهم حتى يرونهم مثليهم، لتفاجئهم الكثرة فتكسر قلوبهم (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا): من إهلاكهم وإذلالهم (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ): فلا أمر إلا وهو خالقه، وعلى الحقيقة هو فاعله، أو بعد الدنيا مصير الكل إليه فيجازيهم.

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ‌

(45)

وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)

ص: 27

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً): حاربتم جماعة، والمؤمنون لا يحاربون إلا الكفار (فَاثْبُتُوا): ولا تنهزموا (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا): في تلك الحال بأن تستغيثوا به، وتتوكلوا عليه وتسألوا النصر (لَعَلكمْ تُفْلِحون): كي تظفروا بمرامكم (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا): باختلاف الآراء (فَتَفْشَلُوا) فتجبنوا جواب النهي (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ): دولتكم ووقاركم وريح النصر، فإن النصرة لا تكون إلا بريح كما في الحديث:" نصرت بالصبا "(وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا): فخرًا

ص: 28

وطغيانًا (وَرِئَاءَ النَّاسِ): ليثنوا عليهم بالشجاعة والغلبة والرياسة، كما قال أبو جهل، لما قيل: إن العير قد نجا فارجعوا، فقال: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر وننحر الجزور، ونشرب الخمر وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) عطف على بطرًا، سواء كان مفعولاً، أو حالاً على تأويل المصدر (وَاللهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ): عالم بما جاءوا به وله، ولهذا جازاهم شر الجزاء (وَإِذْ زَيَّنَ) مقدر باذكر (لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ) في معاداة الرسول، فإنه تمثل لهم في سورة سراقة بن مالك الكناني، وهو من أكابر بني كنانة معه عسكر وراية (وَقَالَ لا غَالبَ لَكُمُ) خبر لا، أو صفة غالب، ولو كان ظرفًا لغالب لوجب أن يقال: لا غالبًا (اليوْمَ مِنَ النَّاسِ) لكثرة عددكم وعددكم (وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ):

مجيركم من بني كنانة وممدكم في الحرب، وكان بين قريش وبني كنانة حرب وعداوة،

ص: 29