الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ
(71)
وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لله الْأَمْثَالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74) ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76)
* * *
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) بسط على واحد وضيق على آخر، (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا): في الرزق، (بِرَادِّي): بمعطي، (رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) أي: مماليكهم، (فَهمْ فيه سَوَاءٌ): فيستوون في الرزق عن ابن عباس رضي الله عنه وغيره يقول الله تعالى: " لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني؟! " فهو رد وإنكار على المشركين حيث لا يرضون أن يكون حيوانًا مثلهم شريكًا لهم ويقولون مخلوقات الله شركاؤه في
ألوهيته تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، (أَفبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُون) حيث يتخذون معه شركاء والباء لتضمين الجحود معنى الكفر، وقيل: معناه جعلكم متفاوتين في الرزق فرزقكم أفضل مما رزق مماليككم وهو بشر مثلكم فكان ينبغي أن تَرُدوا فضل ما رزقتموه عليهم حتى تتساووا في المطعم والملبس ثم جعل عدم ردهم إلى المماليك من جملة جحود النعمة، (وَاللهُ جَعَلَ لَكُم منْ أَنفُسِكُمْ) أي: من جنسكم، وقيل: المراد خلق حواء من آدم، (أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنينَ وَحَفَدَةً) أولاد الأولاد، أو بني امرأة الرجل أي: الربائب أو الخدم فعلى هذا تكون عطفًا على أزواجًا لا على بنين أو البنات أو الأختان أي: الأصهار والحفد في اللغة الخدمة، (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) اللذائذ، (أَفَبِالْبَاطِلِ): الأصنام، (يؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) حيث يضيفونها إلى غيره، (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ): لا المطر ولا النبات والثمار، (شَيْئًا) بدل من رزقًا أي: لا قليلاً ولا كثيرًا وإن جعلت رزقًا مصدرًا فمفعوله أي: لا يملك أن يرزق شيئًا، (وَلَا يَسْتَطِيعُونَ) أي: لا يستطيع تلك الآلهة أن يتملكوه أو لا استطاعة لهم أصلاً، (فَلَا تَضْرِبُوا للهِ الأَمثالَ): لا تشبهوه بخلقه فإن ضرب المثل تشبيه ذات
بذات أو وصف بوصف وتعالى عن ذلك، (إِنْ الله يَعْلَمُ) خطأ ما تضربون، (وَأَنتم لَا تَعْلَمُونَ) قيل: معناه لا تضربوا لله المثل فإنه يعلم كيف يضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون، ثم علمهم كيف تضرب فقال:(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكاً) لا عبدًا حرًا، (لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ) هو تمثيل للكافر والمؤمن فالكافر رزقه الله مالًا فلم يقدم فيه خيرًا فهو كالعبد لا يملك شيئًا وإن كان هو متصرفًا فيه، والمؤمن أعطاه الله مالاً فعمل فيه بطاعة الله وأنفقه فِي رضاه سرًّا وجهرا فهو كالحر يتصرف في ماله ولا يسلب عنه أبدًا، أو مَثَّل الصنم بالمملوك العاجز ومثَّل نفسه الأقدس بالحر المالك الذي رزقه الله مالاً يتصرف فيه كيف يشاء فالتسوية بينهما مع الاشتراك في النوعية ممتنعة فكيف بالقادر الغني المطلق والصنم العاجز على الإطلاق؟! وجمع الضمير في يستوون، لأن معناه هل يستوي الأحرار والعبيد؟! (الحَمْدُ لله) كل الحمد له لأنه وحده مُولي النعم كلها، (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُون)، أنه وحده مُولي النعم فيعبدون غيره، (وَضَرَبَ اللهُ مَثلاً رَّجُلَيْنِ) أي: جعل رجلين مثلاً، (أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ): ولد أخرس، (لَا يَقْدِرُ عَلَى شيْءٍ) من الصنائع لنقصان جسده وعقله، (وَهُوَ كَلٌّ)