الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
(60)
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِم سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)
* * *
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) أي: الزكاة لهؤلاء لا لغيرهم والفقير المستضعف الذي لا يسأل، وعند الشافعي رضي الله عنه: من لا مال له ولا كسب يقع موقعًا من
حاجته أو المحتاج المريض أو فقراء المهاجرين، (وَالْمَسَاكِينِ)، المستضعف الذي يطوف ويسأل وعند الشافعي رضي الله عنه من له مال أو كسب لكن لا يكفيه أو المحتاج الصحيح والفقراء من أهل الكتاب، (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا)، الساعين في تحصيل الصدقات غنيًا أو فقيرًا، (وَالْمُؤَلفَةِ قُلُوبُهُمْ)، وهم أقسام منهم من يعطى ليحسن إسلامه ويثبت قلبه، ومنهم من يعطى رجاء إسلامه، ومنهم من يعطى لإسلام نظرائهم وأمثالهم، ومنهم من يعطى ليأخذ الزكاة ممن يليه أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد، قال كثير من العلماء: سهمهم الآن بعد أن أعز الله تعالى الإسلام ساقط، وقال قوم: باق إلى الأبد، (وَفِي الرِّقَابِ)، أي: للصرف في فك الرقاب بإعانة المكاتَب أو باشتراء الرقاب للعتق، والعدول عن اللام إشارة إلى أن الاستحقاق للجهة لا للرقاب، (وَالْغَارِمِينَ)، المديونين إن صرفه في غير معصية وحينئذ لو صرفه في مصالحه فيعطى إذا لم يكن له ما يفيء بالدين ولو صرفه في المعروف وإصلاح ذات
البين فيعطى وإن كان غنيًا، (وَفِي سَبِيلِ اللهِ)، هم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان وإن كانوا أغنياء قال بعضهم: والحجاج أيضًا، (وَابْنِ السَّبِيلِ)، المسافر المنقطع عن ماله وإن كان له مال في بلده، (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ)، أي: فرض لهم الزكاة فريضة، (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، يضع الأمور في مواضعها ثم اعلم أن أكثر السلف على أنه لا يجب استيعاب الأصناف الثمانية بل يجوز الدفع إلى واحد منها وقال بعضهم يجب، (وَمِنْهُمُ)، أي: من المنافقين، (الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ)، الأذن: الرجل الذي يصدق كل ما يسمع كانوا يقولون في شأنه ما لا ينبغي فيقول بعضهم: لا تقولوا ربما يبلغه قولكم فقالوا لا بأس إنه أذن لو ننكر ما قلنا وحلفنا ليصدقنا، (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ)، كأنه قال: نعم أذن، لكن
هو أذن خير يسمع الخير ويقبله لا أذن شر فلا طعن ولا ذم بفطنته إلا شرف
وشهامته وهو من أهل سلامة القلوب عليه أشرف الصلوات وأكمل التسليمات ثم فسر ذلك بقوله، (يُؤْمِنُ بِاللهِ)، يصدق به، (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)، يسلم لهم أقوالهم لكونهم صادقين، (وَرحْمَةٌ)، أي: هو رحمة، وقراءة جرِّها لعطفها على " خير "، (لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)، وحجة على الكافرين قيل المراد من الذين آمنوا: من أظهر الإيمان حيث لا يكشف سره، ففيه إشارة إلى أن قبول قولكم رفق وترحم منه لا لجهله وبلاهته، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ)، على مدعاهم، (لِيُرْضُوكُمْ)، بيمينهم، نزلت في قوم من المنافقين، قالوا: إن كان ما يقول محمد حقًّا فنحن شر من الحمير، فلما بلغت مقالتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم حلفوا بالله إن المبلِّغ كذاب، أو في رهط تخلفوا عن غزوة تبوك وحلفوا في معاذيرهم، (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ)، بالطاعة والوفاق وتوحيد الضمير لتلازم الرضاءين فكأنهما واحد، (إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ)، صدقًا، (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ)، الضمير للشأن، (مَن يُحَادِدِ الله وَرَسولَهُ)، يشاقق الله ويخالفه، (فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ)، تقديره فحق أن له نار جهنم على حذف الخبر، (خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)، الذل والفضيحة العظيمة، (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِم)، على المؤمنين، (سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ)، تخبرهم، (بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ)، من الكفر والحسد وتهتك عليهم أستارهم يعني يقولون القول ويستهزئون، ثم يقولون عسى الله أن لا
يفشي علينا سرنا، (قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ)، مظهر مبرز، (مَا تَحْذَرُونَ)، ظهوره، (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)، نزلت في ركب من المنافقين قالوا في غزوة تبوك انظروا إلى هذا الرجل يريد فتح قصور الشام وحصونه هيهات هيهات فلما نزل الوحي دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قلتم كذا وكذا فحلفوا أن لسنا في شيء من أمرك لكنا في شيء مما يخوض فيه الركب، ليقصر بعضنا على بعض السفر وليقطع الطريق بالحديث واللعب، (قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)، توبيخًا لهم فإنهم كاذبون في عذرهم، (لَا تَعْتَذِرُوا)، فإني أعلم كذبه، (قَدْ كَفَرْتُمْ)، أظهرتم الكفر بما قلتم، (بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)، بعدما أظهرتم الإيمان، (إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ)، لتوبتهم، (نُعَذِّبْ طَائِفَةً)، منكم، (بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)، مصرين على النفاق والاستهزاء، قيل كانوا ثلاثة فعفى الله عن واحد كان يضحك ولا يخوض.
* * *
(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ