الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن) (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ) في سبيل الله، (مَغْرَمًا) غرامة وخسارة لا يرجون ثوابًا، (وَيَتَرَبَّصُ) ينتظر، (بكُمُ الدَّوَائِرَ) دوائر الزمان ونوبه لينقلب الأمر عليكم، (عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ) الأَمر منعكس والسوء دائر عليهم فلا يرون فيكم إلا ما يسوءهم، (وَاللهُ سَمِيعٌ) لمقالهم، (عَلِيمٌ) بضمائرهم، (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ) يعد، (مَا يُنفِقُ) في سبيل الله تعالي ويتصدق به، (قُرُبَاتٍ عِندَ اللهِ) أي: سبب قربات، (وَصَلَوَاتِ الرسُولِ) أي: سبب صلاته فإنه يستغفر ويدعوا للمتصدقين، (أَلَا إِنَّهَا) أي: نفقتهم، (قُرْبَةٌ لهُمْ) أي: ما يرجون الحاصل ألبتة، (سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ في رَحْمَتِهِ) السين للتأكيد، (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رحِيمٌ) فيغفر زلاتهم ويدخلهم الجنة برحمته.
* * *
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(100)
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا
عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)
* * *
(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلونَ مِنَ الُمهَاجِرِينَ)، هم الذين [صلوا إلى القبلتين]، أو من
(1) في الأصل [صلوا القبلتين] والتصويب من البيضاوي. (مصحح النسخة الإلكترونية).
أدرك بيعة الرضوان بالحديبية، أو من شَهد البدر، (وَالأَنصَارِ) هم الذين آمنوا قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ) بإيمان وطاعة إلى يوم القيامة كسائر الصالحين من أهل السنة وقال بعضهم: المراد بقية المهاجرين والأنصار سوى السابقين الأولين، (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ)، أي تحت أشجارها، (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الجملة خبر لقوله والسابقون، (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ) أعراب حوالي المدينة، (مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) عطف على ممن حولكم وقوله:(مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ)، صفة لمنافقون فصل بينها وبينه بالمعطوف على الخبر أو عطف الجملة على الجملة تقديره ومن أهل المدينة قوم مردوا، أي: تمردوا أو تمهروا، (لَا تَعْلَمُهُمْ) يا محمد بأعيانهم، (نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) فإنه لا يخفى علينا شيء،
(سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) فضيحتهم في الدنيا وعذاب القبر ومصائب في أموالهم وأولادهم فهذه لهم عذاب وللمؤمنين أجر وعذاب القبر أو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم ثم عذاب القبر، (ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) وهو الخلود في جهنم، (وَآخَرُون) من أهل المدينة لا من المنافقين، (اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) في التخلف عن الغزو، (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا) كصلاتهم وإنابتهم وغيرهما، (وَآخَرَ سَيِّئًا) كتقاعدهم عن تلك الغزوة كسلاً، قيل: الواو بمعنى الباء كما في بعت الشاة شاة ودرهماً أي بدرهم، والأولى أن الواو على أصله دال على أن كل واحد مخلوط بالآخر كما تقول: خلطت الماء واللبن، أي: خلطت كل واحد منهما بصاحبه، كأنك قلت: خلطت الماء باللبن واللبن بالماء، (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) يقبل توبتهم، (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) نزلت في أبي لبابة وجماعة من أصحابه تخلفوا عن تبوك ثم إذا رجعت الغزاة عن غزوتهم ربطوا أنفسهم بسواري المسجد وحلفوا لا يحلهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت حلهم وعفا عنهم، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً)، نزلت لما أطلق هؤلاء الذين ربطوا أنفسهم بالسوارى وقالوا: هذه أموالنا التي خلفتنا تصدق ها وطهرنا فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: " ما أمرت بأخذ شيء من أموالكم "، (تطَهِّرُهُمْ) عن الذنوب، (وَنُزكِّيهِم بِهَا) ترفعهم بهذه الصدقة إلى منازل المخلصين،
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) ادع لهم، (إِن صَلَاتكَ سَكَنٌ) طمأنينة ورحمة ووقار، (لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ) بدعائك، (عَلِيمٌ) بما هو أهل له أو سميع باعترافهم عليهم بندامتهم، (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) تعديته بعن لتضمنه معنى التجاوز، (وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ) يقبلها وهذا تهييج إلى التوبة والصدقة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل، (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) يقبل توبة تائبين ويتفضل عليهم، (وَقُلِ اعْمَلُوا) يا معشر المخالفين، (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ) لا يخفى عليه شيء، (وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) فإن الله يطلعهم على أعمالكم لا محالة، إما في الدنيا أو في الآخرة يوم تبلى السرائر، (وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) بالموت، (فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) بالمجازاة عليه فعلى هذه الآية وعيد أو معناه يا معشر المحسن والمسيء اعملوا فلا يخفى على الله خير وشر والله يطلع الرسول والمؤمنين على ما في قلوبكم فيحبون المحسن ويبغضون المسيء ثم يوم القيامة يجازيكم فعلى هذه الآية وعد ووعيد، (وَآخَرُون)
من المتخلفين، (مُرْجَوْنَ) مؤخرون يعني: موقوف أمرهم، (لأَمْرِ اللهِ) في شأنهم، (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ) لم يقبل توبتهم، (وَإِمَّا يَتوبُ عَلَيْهِمْ) يقبل توبهم، (وَاللهُ عَلِيمٌ) بمن يستحق العقوبة، (حَكِيمٌ) فيما يفعل والمراد منهم الثلاثة الذين خلفوا من جملة من قعد كسلاً لا نفاقًا ولم يربطوا أنفسهم بالسراري ولم يبالغوا في التوبة كما فعل أبو لبابة وأصحابه فنزلت توبتهم بعد خمسين ليلة بعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا) مبتدأ خبره محذوف أي: وفيمن وصفنا من المنافقين الذين اتخذوا أو منصوب على الاختصاص، (ضِرَارًا) مفعول له أو مصدر محذوف الفعل، أي مضارة للمؤمنين، (وَكُفْرًا) أي: تقوية للكفر، (وَتَفْرِيقًا بَيْن الْمُؤْمِنِينَ) فإنهم يجتمعون في مسجد قباء فأرادوا افتراقهم، (وَإِرْصَادًا) ترقبًا، (لِّمَنْ حَارَبَ الله وَرَسُولَهُ) أبي عامر الراهب، (مِن قَبْلُ) متعلق بحارب، (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا)، أي: ما أردنا ببنائه، (إِلَّا الْحُسْنَى)، أي: إلا الخصلة الْحُسْنَى وهي الصلاة فيه والتوسعة على المسلمين، (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) في حلفهم كان بالمدينة أبو عامر الراهب تنصر في الجاهلية وما آمن بمحمد عليه السلام وبعد بدرٍ التحق بقريش وحثهم على المحاربة وكان معهم في أُحد ثم ذهب إلى عظيم الروم وكتب إلى أعوانه من المنافقين يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش لمحاربة الإسلام وأمرهم ببناء مسجد له فبنوا مسجد الضرار إلى جنب مسجد قباء إرصادًا لرجوعه من القيصر فلما أتموا بناءه أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع من تبوك وقالوا: أتممنا مسجدًا للضعفاء وأهل العلة والليلة المطيرة نلتمس أن تصلي فيه وتدعوا بالبركة فنزلت
في تكذيبهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدمه فهدموه وأحرقوه، (لَا تَقُمْ فِيهِ) في ذاك المسجد، (أَبَدًا) للصلاة، (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ) بني أصله، (عَلَى
التَّقْوَى) على طاعة الله ورسوله، (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) من أيام وجوده، (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) للصلاة جماعة من السلف على أنه مسجد قباء منهم ابن عباس رضي الله عنهما وبعض منهم على أنه المسجد الذي في جوف المدينة وعليه حديث صحيح وقال بعضهم لا منافاة، لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى فمسجد المصطفى صلي الله عليه وسلم بطريق الأولى والأحرى ولي في هذا التوفيق خدشة والله تعالى أعلم، (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) من الأحداث والنجاسات هم أهل قباء كان من عادتهم أنَّهم يستعملون الماء في الاستنجاء عقيب الحجر قيل: ولا ينامون على الجنابة وقيل: يتطهرون بالتوبة عن الشرك والمعاصي، (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) يرضى عمن طهر ظاهره وباطنه، (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ) أي: بنيان مبنية، مصدر كالغفران، (عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ) أي: على قاعدة محكمة قوية هي التقوى من