الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الرعد
مكية أو مدنية
وهي ثلاث وأربعون آية وست ركوعات
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ
(1)
اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)
* * *
(المر) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنا الله أعلم وأرى (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ) أي: تلك الآيات التي في هذه السورة آيات القرآن، (وَالّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ): القرآن كله، (الحَقُّ) لا هذه السورة وحدها وهو خبر والذي (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) لما فيهم من العناد، (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) أي: أساطين جمع عماد أو عمود (تَرَوْنَهَا)، صفة لـ عمد، وعن بعض السلف أن لها عمدًا ولكن لا ترى، أو استئناف للاستشهاد لرؤيتهم للسماوات كذلك فضمير المؤنث حينئذ للسماوات (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)،
قال السلف: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، وقيل: علا عليه (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) ذللهما لما أراد منهما (كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مسَمًّى) أي: لدرجاتهما
ومنازلهما ينتهيان إليها لا يجاوزانها، أو إلى وقت معلوم وهو فناء الدنيا (يدَبِّرُ الأَمْرَ): جميع أمور ملكوته (يُفَصِّلُ الْآيَاتِ): يوضحها، وينزلها مفصلة (لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ): لكي تتفكروا فيها فتعلموا كمال قدرته بحيث لا يعجز عن الإعادة والجزاء (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ): بسطها، (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ): جبالاً ثوابت (وَأَنهَارًا): ضمها مع الجبال فإنها تخرج من الجبال أكثرها (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ)، ظرف لقوله:(جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي: صنفين أسود وأبيض، أكبر وأصغر، حلوًا وحامضًا قيل: أول ما خلق العالم خلق من كل نوع من الأشجار اثنين فقط كما خلق الإنسان من زوجين (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ): يلبسه مكانه فيصير مظلمًا بعدما كان مضيئًا، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ): فيما فيها من الصنائع والبدائع، (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ متَجَاوِرَاتٌ): بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة صلبة إلى رخوة ومن غير ذلك وهي دالة على قدرته واختياره (وَجَنَّاتٌ): بساتين، (مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ) هي: نخلة لها رأسان وأصلهما واحد (وَغَيْرُ صِنْوَان): مختلفة الأصول (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ): في الثمر طعمًا وشكلًا، ورائحة وقدرًا مع أنها تستمد من طبيعة واحدة وهي الماء، بل وبعضها من أصل واحد فسبحانه من قادر ومختار (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لقَوْمٍ يَعْقِلُونَ): يستعملون عقولهم، (وَإِن تَعْجَبْ):
يا محمد من إنكارهم النشأة الآخرة، (فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) أي: فعجبت في موضعه حقيق بأن تتعجب، أو أن تعجب من تكذيبهم إياك، بعد ما حكموا بصدقك فاعجب
من قولهم أو إن تعجب من شيء فاعجب من قولهم: (أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا) مرفوع بأنه بدل من قولهم أو منصوب به وإذ نصب بما دل عليه قوله: (أَئنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ): هم الكاملون في الكفر (وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ): يوم القيامة يسحبون بها في النار، (وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ): بالعقوبة، (قَبْلَ الحَسَنَةِ) أي: العافية سألوا نزول العذاب استهزاء أو يطلبون النقمة لا النعمة كقولهم: (عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ)(وَقَدْ خَلَتْ) مضت (مِن قَبْلِهِمُ المَثُلاتُ): عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لم يعتبروا (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ) أي: لذو إمهال وستر (عَلَى ظُلْمِهِمْ): على كفرهم ومعاصيهم، وإن فسرت المغفرة بالعفو فعلى ظلمهم حال ولابد أن يفسر الظلم بمعاصي غير الكفر، ولا يناسب المقام فإنه إن