المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ما يشاء، وقيل الآمر بذلك السامري لا هارون (فَكَذَلِكَ أَلْقَى - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: ما يشاء، وقيل الآمر بذلك السامري لا هارون (فَكَذَلِكَ أَلْقَى

ما يشاء، وقيل الآمر بذلك السامري لا هارون (فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) أي: أراهم أنه أيضًا ألقى حليًّا في يده وإنما ألقى التربة التي أخذها من تربة حافر فرس جبريل (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا): من تلك الحلي المذاب، (لَهُ خُوَارٌ): صوت العجل عن ابن عباس، لا والله ما كان له صوت، وليس له روح إنما كانت تدخل الريح في دبره وتخرج من فيه، والصوت من ذلك (فقالُوا) أي: السامري والضلَّال منهم: (هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ) أي: فنسيه موسى هاهنا، وذهب يطلبه، أو فنسي أن يذكركم أن هذا إلهكم أو فنسى السامري ما كان عليه من الإسلام وتركه (أَفَلا يَرَوْنَ)، من كلام الله ردًّا عليهم، وبيانًا لسخافة رأيهم (أَلَّا يَرْجِع) أي: أنه لا يرجع (إِلَيْهِمْ قَولاً): لا يجيبهم، ولا يكلمهم (وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا): لا يقدر على إضرارهم وإنفاعهم أو على دفع ضرهم، وإيصال نفعهم.

* * *

(وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ‌

(90)

قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي

ص: 522

الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)

* * *

(وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ): قبل رجوع موسى، (يَا قَوْمِ إِنَّمَا فتِنتمْ بهِ): ابتليتم بالعجل، (وَإِن ربَّكُمُ الرَّحْمَنُ): لا العجل، (فَاتَّبعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي): في الثبات على الدين (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ): لن نزال (عَلَيْهِ) على العجل بأن نعبده (عَاكفِينَ): مقيمين (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى قَالَ): موسى بعدما

ص: 523

رجع: (يَا هَارُون مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا): بعبادة غير الله (أَلَّا تَتَّبِعَنِ) أي: عن أن تأتي عقبي فتخبرني عن ما أحدثوا، أو عن أن تتبعني في الغضب لله، والمقاتلة معهم، ولا مزيدة على الوجهين نحو (مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف: 12]، (أَفعَصيْتَ أَمْرِي)، حيث وصيتك أخلفني ولا تتبع سبيل المفسدين، فرضيت، وسكنت وسكت (قَالَ) هارون:(يَبْنَؤُمَّ) ذكر الأم مع أنهما أخوان من أبوين، لأن ذكرها أرق وأبلغ في الحنو، (لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي) أي: بشعره فإنه كان عليه السلام شديد الغضب لله متصلبًا لم يتمالك حين رآهم مشركين (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) أي: خشيت لو فارقتهم ليتفرقوا، وخشي بها لو قاتلتهم لصاروا أحزابًا مقاتلين بعضهم بعضًا، (وَلَمْ تَرْقبْ قَوْلِي) حين قلت اخلفني في قومي وأصلح أي: ارفق بهم (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ)، ثم أقبل إليه، وقال له منكرًا ما طلبك له، وما شأنك، وما الذي حملك عليه (قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ): علمت، وفطنت ما لم يعلموه، ولم يفطنوا له (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً) أي: مرة من القبض أطلق على المقبوض (مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ) أي: من تربة موطئ فرس جبريل، (فَنَبَذْتُهَا): ألقيتها في الحلي المذاب نقل أن السامري كان من قوم يعبدون البقر، وكان حب عبادته في نفسه، فلما رأى جبريل حين جاء لهلاك فرعون أخذ قبضة من أثر فرسه وألقى في روعه إنك إن ألقيتها في شيء فقلت له كن فكان، وعن بعض أخذ التراب حين جاء جبريل ليذهب بموسى إلى المناجاة (وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ): زينت، (لِي نَفْسِي قَالَ): موسى له، (فَاذْهَبْ فَإِن لَكَ فِي الْحَيَاةِ): ما دمت حيًّا، (أَنْ تَقُولَ): مع كل من جاء إليك (لا مِسَاسَ)

ص: 524

لا ما دمت حيًّا، (أَنْ تَقُولَ): مع كل من جاء إليك (لا مِسَاسَ) لا مخالطة بوجه فتكون وحشيًّا نافرًا منفردًا فإنه إذا اتفق أن يماس أحدًا حم الماس والممسوس فتحامى الناس وتحاموه (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا): لعذابك (لَنْ تُخْلَفَهُ): لن يخلفك الله وينجزه لك ألبتَّة، ومن قرأ بكسر اللام فهو من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفًا (وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ): ظللت بحذف اللام الأولى (عَلَيْهِ عَاكِفًا): مقيمًا على عبادته (لَنُحَرِّقَنَّهُ): بالنار فإنه صار لحمًا ودمًا أو بالمبرد فهو مبالغة في حرقه إذا برد بالمبرد (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ): لنذرينه رمادًا أو مبرودًا (فِي الْيَمِّ نَسْفًا): وقد ذكر أنه لم يشرب أحد ممن عبده من ذلك الماء إلا اصفر وجهه كالذهب، (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)، نصبه بالتمييز أي: وسع علمه كل شيء لا العجل الذي هو مثل في الغباوة، ولو كان حيًّا (كَذَلكَ): مثل ذلك الاقتصاص (نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ): أخبار، (مَا قَدْ سَبَقَ): من الأحوال تبصرة لك، وتنبيهًا (وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا): ذِكْرًا كتابًا مشتملاً على ذكر أمور محتاج إليها، (مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ): فلم يؤمن به ولم يعمل بما فيه (فَإِنَّهُ)، الضمير للشأن (يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا): عقوبة ثقيلة، (خَالِدِينَ فيْهِ): في الوزر، وإفراد أعرض وجمع خالدين نظرًا إلى اللفظ والمعنى (وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا): ساء بمعنى بئس، وفيه ضمير مبهم يفسره حملا، والمخصوص بالذم محذوف أي: ساء حملا

ص: 525