المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، أي: ما صنعنا ببني - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، أي: ما صنعنا ببني

فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)، أي: ما صنعنا ببني إسرائيل أو ما نزل من البلاء على الأمم عبرة لمن يصبر على بلائه ويشكر لنعمائه، (وَإِذْ قَالَ) أي: واذكر إذ قال، (مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ) ظرف للنعمة بمعنى الإنعام وقيل بدل اشتمال من نعمة الله، (مِّنْ آلِ فِرْعَوْن يَسُومُونَكُمْ) أي: والحال أنه يبغونكم، (سُوءَ الْعَذَابِ): أفضحه وهو ثاني مفعوليه، (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ): يتركونهن أحياء، (وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ): ابتلاء من حيث إنه أمهلهم فيه أو ذلكم إشارة إلى الإنجاء بمعنى النعمة.

* * *

(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ‌

(7)

وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ

ص: 285

أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12)

* * *

(وَإذْ تَأَذَّنَ) عطف على إذ أنجاكم أي: أذن وأعلم، (رَبُّكُمْ): فقال، (لَئِنْ شَكَرْتُمْ): يا بني إسرائيل نعمتي فأطعتموني، (لَأَزِيدَنَّكُمْ): في النعمة، (وَلَئِن كَفَرتمْ): نعمني، (إِن عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، لمن كفر نعمتي، (وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ)، عن خلقه وشكرهم، (حَمِيدٌ)، مستحق للحمد في ذاته وإن لم يحمده الحامدون، (أَلَمْ يَأتِكُمْ نَبَأُ الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)، من الكفار كلام مستأنف من الله تعالى أو من تمام كلام موسى والأول أظهر فقد نقل أن قصة عاد وثمود ليست في التوراة، (قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي: بعد هؤلاء من الأمم المكذبة، (لَا يَعْلَمُهُمْ إِلا اللهُ): لا يحصي عددهم لكثرتهم إلا الله تعالى ولهذا قال بعض السلف: كذب

ص: 286

النسَّابون، (جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ): المعجزات الواضحات، (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ)، أي: الكفار عضوها من الغيظ أو أشاروا بأيديهم إلى ألسنتهم وإلى ما نطقت ألسنتهم به من قولهم: (إنا كفرنا بما أرسلتم به)، أي: هذا جوابنا ليس عندنا غيره أو وضعوا أيديهم على أفواههم كما يفعل ذلك من غلبة الضحك، أي: ضحكوا وتعجبوا ووضعوها عليها مشيرين للأنبياء بالسكوت أو أخذ الكفار أيدي الرسل ووضعوها على أفواه الرسل ليسكتوهم أو الرسل لما أيسوا منهم، وضعوا أيديهم على أفواه أنفسهم، وسكتوا ووضعوا الكفار أيدي أنفسهم على أفواه الرسل، ردًّا أو تكذيبًا لهم، أو منعًا لهم من الكلام، أو سكتوا عن الجواب يقال للرجل إذا أمسك عن الجواب: رد يده في فيه، (وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ)، على زعمكم، (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ): موقع في الريبة، (قَالَتْ): لهم، (رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ)، أي: في تفرده بوجوب العبادة له، (شَكٌّ): فاعل الظرف، (فاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ): لا يستحق العبادة إلا من ابتدعهما من غير مثال سبق، (يدْعُوكُمْ): إلى طاعته، (لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ)، أي: بعض ذنوبكم الذي يُكَفَّر بالإيمان فإن المظالم لا يُكَفَّرُ بالإيمان للذمي خصوصًا، وقيل من

ص: 287