الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْنَهُمَا)، بدل من ربك أو خبر مبتدأ محذوف (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ)، عدي باللام لتضمنه معنى الثبات أي: اثبت لها ولا يضق صدرك عن احتباس الوحي وشماتة المشركين (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا): مثلاً وشبهًا فلا محيص عن عبادته والصبر على مشاقها وعن ابن عباس رضي الله عنهما ليس أحد يسمى الرحمن غيره، وعن بعضهم هل تعلم أحدًا يسمى الله غيره؟
* * *
(وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا
(66)
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ
مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)
* * *
(وَيَقُولُ الإنسَانُ) حرف التعريف للجنس، فإنه إذا قال قائل منهم ذلك صح إسناده إلى جميعهم كما يقال بنو فلان فعلوا، والفاعل أحدهم أو للعهد أي: منكرو الحشر (أَإِذَا مَا مِتُّ) ما زائدة للتأكيد (لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) واللام لمجرد التأكيد ليس فيها معنى الحال والعامل في إذا فعل دل عليه " أخرج "؛ لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها والمراد من الخروج الخروج من الأرض، أو حال الفناء (أَوَلا يَذكُرُ): لا يتفكر (الْإِنْسَانُ) عطف على يقول، والهمزة بين المعطوفين ليدل على أن المنكر العجيب هو المعطوف فإنه لو تأمل (أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) بل كان عدما صرفا لم يقل ذلك أي: لو تأمل النشأة الأولى حيث أخرجنا الجواهر والأعراض من العدم وأوقعنا تلك التأليف المشحون بأنواع الحكم اختراعًا من غير حذو على مثال له ينكر النشأة الثانية (فوَربكَ) قسم باسمه الأعلى مضاف إلى أشرف مخاطب (لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ) الواو
مفعول معه أو للعطف والضمير المفعول لجنس الإنسان فإنه إذا حشر الجميع حشرًا واحدًا وفيهم الكفرة مقرونين بالشياطين فقد صدق أن الكل محشورون معهم (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا): قعودا على الركب على المعتاد في مواقف التقاول كما قال تعالى (وترى كل أمة جاثية)[الجاثية: 28]، (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ): أمةٍ شاعت دينا (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا): غيًّا وفسادًا أي: قادتهم ورؤساؤهم في الشر أو يبدأ بالأفسق فالأفسق، فيطرح في جهنم وأيهم مرفوع بالابتداء استفهامي وخبره أشد، والجملة محكية أي لَنَنْزِعَنَّ الذين يقال فيهم أيهم أشد أو مبني على الضم لحذف صدر صلته و " على الرحمن " للبيان لا متعلق بـ عتيا، لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه أو معلق بأشد أي: عتوهم أشد عليه كما يقال: هو أشد على خصمه (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا) أي: احتراقًا " وبها " للبيان أو ظرف لأولى أي: صليهم أولى بالنار يعني ننزع الرؤساء، ونعلم أنَّهم أحق بتضعيف العذاب أو نبدأ بالأعصى فالأعصى ونقدم الأولى فالأولى بالعذاب وجاء بـ ثم لتأخره في الإخبار، ولأن حاصله طرحهم في النار على الترتيب وهو متأخر عن النزع (وَإِنْ مِنْكُمْ) أي: منكم أحد (إِلَّا وَارِدُهَا): داخلها يدخل النار بر وفاجر وتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا وكثير من السلف على أن الورود هو الجواز على الصراط فإنه ممدود عليها، وعن بعضهم الورود
الحضور والرؤية لا الدخول وقد ورد أنه عليه السلام عاد رجلاً من أصحابه وَعِكًا، ثم قال:" إن الله تعالى يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة " وعن مجاهد الحمى حظ كل مؤمن من النار (كَانَ): الورد (عَلَى ربِّكَ حَتْمًا): واجبًا أوجبه على نفسه أو قسمًا واجبًا (مَقْضِيًّا): قضاه الله عليكم (ثُمَّ نُنَجِّي): عن النار (الَّذِينَ اتَّقَوْا): الشرك (وَنَذَرُ الظالِمِينَ): الكافرين (فِيهَا جثِيًّا) جميعًا جمع مجثوة أو على الركب جمع جاث (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آياتُنَا بَيِّنَات): واضحات المعاني والبرهان حال مؤكدة (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا): معهم، ولأجلهم (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ): منا ومنكم خير (مَقَامًا): مكانًا (وَأَحْسَنُ ندِيًّا): مجلسًا يعني لما سمعوا آيات الله أعرضوا عنها واستدلوا على فضلهم وشرفهم بزيادة حظهم حطام الدنيا فرد الله تعالى عليهم بقوله (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا): متاع البيت (وَرِئْيًا): منظرًا أو هيئة فلم ينفعهم، ولن يدفع عنهم عذاب الله تعالى، وكم مفعول أهلكنا ومن قرن بيانه وهم أحسن في محل النصب صفة كم وأثاثًا ورئيًا تمييز عن النسبة (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ) الشرك (فَلْيَمْدُدْ له الرَّحْمَنُ مَدًّا): يدعه ويمهله في طغيانه استدراجًا وهو خبر بلفظ الأمر إشعارًا بوجوب ذلك وأنه مفعول لا محالة وقيل هذا دعاء (حَتَّى إِذَا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ): في الدنيا كالأسر والقتل (وَإِمَّا السَّاعَةَ): القيامة
(فَسَيَعْلَمُونَ) عند ذلك (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا): فئة وناصرًا وحتى غاية المد أي: هم في الاستدراج ممدود لهم الغواية إلى أن يأتيهم وعد الله أو غاية قول الكفار أي: الفريقين خير، أي: لا يزالون يقولون ذلك إلى أن يشاهد الموعود (وَيَزِيدُ اللهُ الذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى): إيقانًا على يقينهم عطف على الجملة الشرطية أي " من كان في الضلالة " إلخ وحاصله أن الله يزيد في ضلال الضالين، ويزيد هداية المهتدين (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ) الأذكار والأعمال الصالحة التي يبقى أثرها (خيْرٌ عِنْدَ ربِّكَ): من مفاخرات الكفار (ثَوَابًا): جزاء (وَخَيْرٌ مَرَدًّا) مرجعًا، وهذا من قبيل الصيف أحرُّ من الشتاء أي: أبلغ في حره من الشتاء في برده (أَفَرَأَيْتَ) أي: أخبر بقصة (الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا): عقب حديث أولئك (وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا)، وذلك حين تقاضى خباب دَينًا له على العاص بن وائل، فقال: ألستم تزعمون أن في الجنة ذهبًا وفضة، ومن كل الثمرات قال: بلى. قال: فإذن موعدك الآخرة أو فيك فيها
فوالله لأوتين مالاً وولدًا (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ): أعلم علم الغيب حتى عرف أنه في الجنة (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا): أن سيؤتيه ذلك وعن بعضهم معناه أم قال لا إله إلا الله فيرجو بها (كَلا) ردع وردٌّ لما تصوره (سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ): نحفظها عليه ونجازيه ألبتَّة فالسين لمجرد التأكيد، أو معناه سنظهر له أنا كتبنا، أو سننتقم منه انتقام من كتب جريمة العدو (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا): نطيل مدة عذابه أو نزيده عذابًا فوق العذاب من المدد (وَنَرِثُهُ) أي: نرث منه ولا نرزقه (مَا يَقُولُ): من مال وولد (وَيَأْتِينَا): يوم القيام) (فَرْدًا): لا مال له ولا ولد (وَاتَّخَذُوا) أي: مشركو قريش (مِنْ دُون اللهِ آلِهَةً): يعبدونها (لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا): ليتعززوا بهم حيث يكونون لهم شفعاء عند الله (كَلا)، ردع لتعززهم بها (سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ) يجحد الآلهة عبادة المشركين كما قال تعالى:" تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون "[القصص: 63]، أو سينكر الكفرة عبادة الأوثان كما قال الله تعالى:" والله ربنا ما كنا مشركين "[الأنعام: 23]، (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا): أعداء كما نقل أنهم يقولون: يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك وتوحيد ضدًا لأنهم كشيء واحد