المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه كفر ضموه إلى - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه كفر ضموه إلى

تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه كفر ضموه إلى كفرهم، (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا): ضلالاً زائداً، (يُحِلُّونَهُ): أي: النسيء من الأشهر الحرم، (عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً): إذا قاتلوا فيه أحلوه وإذا لم يقاتلوا فيه حرموه، (لِيُوَاطِئُوا): متعلق بما دل عليه الكلام، أي: حرموا مكانه شهرًا آخر ليوافقوا، (عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ): لا يزيد ولا ينقص الأشهر الحرم من الأربعة، (فيُحِلوا مَا حَرَّمَ اللهُ)، [فإنهم] لم يحرموا الشهر الحرام بل وافقوا في العدد وحده، قيل: وربما زادوا في عدد الشهور فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر ليتسع لهم الوقت فلذلك قال تعالى: " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر " الآية، (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ): فإن الشيطان يغويهم، (وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِي)، أي: لا يهدي من هو في علم الله كافر مؤبد الكفر أو معناه، لا يهديهم في حال كفرهم.

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ‌

(38)

إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)

ص: 64

انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42)

* * *

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا): اخرجوا، (فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ)، تباطأتم، (إِلَى الْأَرْضِ)، متعلق بـ اثاقلتم لتضمنه معنى الميل والخلود نزلت في شأن غزوه تبوك أمروا بها حين رجعوا من فتح مكة والطائف في وقت عسرة وشدة حر فشق عليهم، (أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ)، أي: بدلها

ص: 65

يعني الجنة، (فمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، التمتع بها، (فِي الْآخِرَةِ)، أي: في جنبها، (إِلَّا قَلِيلٌ)، فإنها لا تتناهى وأين نعيم الدنيا من نعيمها (إِلا تَنفِرُوا)، شرطية، (يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)، في الدنيا والآخرة، (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ)، يأت بقوم آخرين مطيعين بعد هلاككم، (وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً)، بالتثاقل فإنه هو الناصر لدينه، أو الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: سينصره إن قعدتم عن الحرب، (وَاللهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ)، فيقدر على تبديلكم ونصرته بلا مددكم، (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ)، بمنزلة العلة له، (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، حاصله أنه ينصره كما نصره جواب الشرط محذوف وهو فسينصره، وقوله:" فقد نصره الله " حين إن وقع الكفار سببًا لخروجه، (ثَانِيَ اثْنَيْنِ)، أي حال كونه أحد اثنين هو صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه، (إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)، في جبل ثور وهو بدل البعض من " إذ أخرجه "، لأن المراد منه زمان متسع، (إِذ يَقُولُ)، بدل آخر أو ظرف لـ ثاني، (لِصَاحِبِهِ)، أبي بكر حين طلع الكفار فوق الغار يطلبونهما، (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا)

ص: 66

بالنصرة والعصمة، (فَأَنزَلَ اللهُ سكِينَتَهُ)، أمنته، (عَلَيْهِ)، أي تجدد أمنته على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن ابن عباس - رضى الله عنهما - أن الضمير لأبي بكر رضى الله عنه ويؤيد الأول قوله، (وَأَيَّدَهُ)، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، (بِجُنُود لَمْ تَرَوْهَا)، أي: الملائكة ليحرسوه، قال بعضهم: المراد بقوله: " وأيده بجنود لم تروها " التأييد يوم [بدر] فعلى هذا عطف على أخرجه الذين كفروا، (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا)، كلمة الشرك، (السفْلَى)، حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم فلم يروه أو حين قتلوا وأسروا يوم بدر، (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا)، كلمة التوحيد عالية ظاهرة حين هاجر المدينة أو حين غلبوا ونصروا يوم بدر، (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، في أمره وتدبيره، (انْفِرُوا)، إلى جهاد تبوك، (خِفَافًا وَثِقَالًا)، شبانًا وشيوخًا أو نشاطًا وغيره أو ركبانًا ومشاة أو فقيرًا وغنيًّا أو قليل العيال وغيره أو خفافاً من السلاح وثقالاً منه أو أصحاء ومرضى أو مسرعين، وبعد الاستعداد، (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ)، من التثاقل إلى الأرض، (إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون)، فإن من لم يكن من أهل العلم لا يصدق بخيرية النفور ويختار هوى النفس، قال ابن عباس رضى الله عنه: نسخت هذه الآية بقوله: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة "، قال بعضهم: لما نزلت اشتد شأنها على الناس فنسخها الله بقوله:

ص: 67