الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمًا وعامرًا، (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ منَّا وَمِنْ خِزْيِ) عطف على نجينا بتقدير: ونجيناهم من خزي، (يَوْمِئِذٍ) يوم هلاكهم بالصيحة وقيل: يوم القيامة، (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) القادر الغالب، (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) كان عذابهم صيحة من السماء وزلزلة من الأرض به تقطعت قلوبهم في صدورهم، (فَأَصْبَحُوا فِي ديَارِهِمْ جَاثِمِينَ) خامدين ميتين، (كَأَن لَّمْ يَغنَوْا): لم يقيموا ولم يكونوا، (فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا) من رحمة الله، (لِثَمُودَ) وصرف ثمود للذهاب إلى الحي أو الأب الأكبر.
* * *
(وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
(69)
فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا
اللهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)
* * *
(وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا) أي: الملائكة، (إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى) ببشارة الولد وقيل هلاك قوم لوط، (قَالُوا سَلامًا) سلمنا عليك سلامًا، (قَالَ سَلامٌ) أي: عليكم سلام، (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) أي: فما أبطأ مجيئه بعجل مشوي على الحجارة المحماة أو ما أبطأ في المجيء به أي: أسرع في ضيافتهم وكانت عامة ماله البقرة، (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ) لا يمدون إليه أيديهم، (نَكِرَهُمْ) أنكر ذلك منهم، (وَأَوْجَسَ) أدرك، (مِنْهُمْ خِيفَةً) لأن الضيف إذا أتى بشر لا يأكل، (قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) بالعذاب،
(وَامْرَأَتُهُ) سارة، (قَآئِمَةٌ) وراء الستر أو قائمة بخدمتهم، (فَضَحِكَتْ) سرورًا بالأمن أو تعجبًا، وقالت: يا عجبًا بأضيافنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة وهم لا يأكلون طعامنا أو تعجبًا من خوف إبراهيم من رجال قلائل وهو بين خدمه وحشمه، أو ضحكت بمعنى حاضت، (فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) بشروها بأن لها ولدًا يكون له عقب ونسل فإن يعقوب ولد إسحاق ونصب يعقوب لأنه في تقدير وهبناها من وراء إسحاق يعقوب، أو بحذف حرف الجر وإيصال الفعل، ومن قرأ بالرفع فهو مبتدأ، أي: ويعقوب مولود من بعده، (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى) أي: يا عجبًا، (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) ابنة تسعين أو تسع وتسعين، (وَهَذَا بَعْلِي): زوجي، (شَيْخًا) ابن مائة وعشرين أو مائة [ونصبه على الحال والعامل فيها معنى اسم الإشارة]، (إِن هَذَا لَشَيْء عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِن أَمْرِ اللهِ) قدرته، (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ) فتخصيصكم بمزيد الكرامات لا عجب، (أَهْلَ الْبَيْتِ) أي: أهل بيت إبراهيم وهو خبر من الملائكة أو دعاء
(1) لعل في هذا الموضع سقطا والله أعلم.، وما بين المعقوفتين زيادة من تفسير البيضاوي. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).
منهم، (إِنَّهُ حَمِيدٌ) محمود في أفعاله، (مَّجِيدٌ) كريم، (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ) بأن عرفهم، (وَجَاءَتْهُ البُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ) أي: يجادل رسلنا في أمرهم كيف تهلكونهم وفيهم لوط ويجيء جواب لما مضارعًا لحكاية الحال، أو تقديره: أخذ يجادلنا أو اجترأ على خطابنا يجادلنا قيل: لما تَردُّ المضارع إلى معنى الماضي، (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ) كثير التأسف على الذنوب، (منِيبٌ) راجع إلى الله تعالى يعني رقة قلبه وفرط ترحمه باعثه إلى المجادلة، (يَا إِبْرَاهِيمُ) أي: قالت الملائكة (أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) الجدال، (إِنَّهُ) إن الشأن، (قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ): عذابه، (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ) بجدال ودعاء.
(وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا) أي: هذه الملائكة، (لُوطًا سِيءَ بِهِمْ) حزن بمجيئهم وساءة، (وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا) طاقة، يقال: ضقت بالأمر ذرعًا إذا لم يطقه وذلك لأنهم جاءوا في أحسن صورة غلمان فخاف عليهم من خبث قومه وعدم قوته بمدافعتهم، (وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) شديد بلاؤه وقد نقل أن امرأة لوط خرجت فأخبرت قومها بأن في بيته غلمانًا حسانًا، (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ) يسرعون، (إِلَيهِ) عجلة لنيلهم مطلوبهم من أضيافه، (وَمِن قبْلُ): قبل ذلك الوقت، (كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) يأتون الرجال يعني هذه عادتهم من قديم الأيام، (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ
بَنَاتِي) أي: فتزوجوهن واتركوا أضيافي وكانوا يطلبونهن قبل ذلك ولا يجيبهم، وكان تزويج المسلم من الكافر جائزًا أو المراد من البنات نساؤهم وأضاف إلى نفسه؛ لأن كل نبي أبو أمته، (هُنَّ أَطْهَرُ لَكمْ) من نكاح الرجال، (فَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ) لا تفضحوني، (في) شأن، (ضَيْفِي) فإخزاء ضيف الشخص إخزاؤه، (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رشِيدٌ) يعرف حقية ما أقول، (قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ): من حاجة، (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ) من إتيان الرجال، (قَالَ لَوْ أَن لِي بِكُمْ قُوَّةً) قويت بنفسى على دفعكم، (أَوْ آوِي): أنضم، (إِلَى ركْنٍ شَدِيدٍ) إلى قوي أستند إليه شبهه بركن الجبل في شدته ومنعته، وجواب لو محذوف أي: لفعلت وصنعت بكم كيت وكيت، (قَالُوا) أي: الملائكة، (يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) إلى إضرارك بإضرارنا، (فَأَسْرِ): يا لوط، (بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ): بطائفة، (مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكمْ أَحَدٌ إِلا امْرَأَتَكَ) استثناء من قوله (فأسر بأهلك)، أي: لا تسر بها وخلفها ومن قرأ مرفوعًا فهو استتناء من قوله لا يلتفت منكم أحد يعني إذا سمعتم ما نزل بهم من الأصوات المزعجة فاستمروا ذاهبين ولا يلتفت
منكم أحد إلا امرأتك فإنا لا نمنعها عن الالتفات وقيل الاستثناء منقطع ومن الإسرائيليات أنها كانت معهم ولما سمعت أصوات البلاء التفتت وقالت: واقوماه فأدركها حجر فقتلها ولا يجوز قطعًا حمل القراءتين على الروايتين في أن خلفها أو أخرجها، ولذلك قيل: إنها سرت معهم بنفسها لا أنه أخرجها والنهي عن إخراجها لا عن مصاحبتها وقيل: الاستثناء بقراءة النصب أيضًا عن قوله لا يلتفت وإن كان الأفصح الرفع حينئذ، (إِنَّهُ) الشأن (مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ) من العذاب، (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ) أي: موعد عذابهم، (الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) جواب لاستعجال لوط عذابهم، (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرنَا): بالعذاب، (جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) أدخل جبريل عليه السلام جناحه تحت قريتهم فقلعها وصعد بها إلى السماء ثم قلبها وفيها أربعمائة ألف أو أربعة آلاف ألف، (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهَا) على تلك القرى قبل التقليب أو حين التقليب، (حِجَارَةً) أو كانت الحجارة على شدادهم ومسافريهم، (مِنْ سِجِّيلٍ) أصله سنك كل أي: حجر وطين فارسية معربة أو الطين أو الآجر قيل اسم لسماء الدنيا أو لجبل فيها، (مَنْضُودٍ) متتابع أو معد في السماء لذلك، (مُسَوَّمَةً) معلمة