الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ
(26)
ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (34)
* * *
(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ من قَبْلِهِمْ) ليهدموا ما أسس الله تعالى من بنيان دينه، (فأَتَى اللهُ) أي: أَمْرُ الله تعالى (بنْيَانَهُم منَ القَوَاعِدِ) أي: من جهة أساطين ما بنوا عليه وخُربت من أصله وأُسّه، (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) وصار سبب هلاكهم، (وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) لا يتوقعون وهذا على سبيل
التمثيل وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد به نمرود حين بنى الصرح ليصعد إلى السماء فهبت الريح وألقت رأسها في البحر وخر عليهم الباقي وهم تحته وكان طولها خمسة آلاف ذراع، (ثُمَّ يَوْمَ القِيامَةِ يُخْزِيهِمْ) يذلهم، (وَيَقُولُ) الله تعالي تقريعًا وتوبيخًا، (أَيْنَ شُرَكَائِيَ) في زعمكم ليدفعوا العذاب عنكم، (الذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ): تحاربون، (فِيهِمْ) في سبيلهم، (قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ) هم السادة في الدارين إظهارًا للشماتة وزيادة للإهانة، (إِن الخِزْيَ اليَوْمَ وَالسُّوءَ) العذاب، (عَلَى الْكَافِرِينَ الَّذِينَ تَتَوَفاهُمُ المَلاِئكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ) حال من مفعول تتوفى، (فأَلْقَوُا السَّلَمَ) سالموا وانقادوا عند الموت قائلين:(مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ) كفر وعدوان، (بَلَى) أي: فقالت الملائكة بلى، (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) فيجازيكم، (فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) أي: كل صنف بابها المعد له، (خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى): منزل، (المُتَكَبِّرِينَ) عن عبادة الله جهنمُ.
(وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ ربُّكُمْ قَالُوا) أنزل، (خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنوا) مكافأة، (فِي هَذِهِ) الحياة، (الدُّنْيَا حَسَنةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) لهم، (وَلَنِعْمَ دَارُ الُمتَّقِينَ) دار الآخرة، (جَنَّاتُ عَدْنٍ) خبر مبتدأ محذوف أو مخصوص بالمدح أو بدل من دار المتقين، (يَدْخلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنهَار لَهمْ فيهَا مَا يَشَاءونَ) كلُّ ما يشتهون يجدون فيها لا في الدنيا، (كَذَلِكَ) مثل هذا الجزاء، (يَجْزِي اللهُ المتَّقِينَ الَّذِينَ تَتَوَفاهُمُ المَلاِئكَةُ طَيِّبِينَ) طاهرين من الشرك وقيل: فرحين (يَقُولُونَ) أي: الملائكة (سَلامٌ عَلَيْكُم) لا يلحقكم بعد مكروه وقيل: يبلغونهم سلام الله تعالى، (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) المعدة لكم حين تبعثون ويمكن أن يكون المراد دخول أرواحهم الجنة قبل البعث كما في الحديث، (بِمَا كنتمْ تَعْمَلُونَ هَلْ يَنظُرُونَ) أي: هل ينتظر الكفرة، (إِلا أَن تَأْتِيَهُمُ المَلاِئكَةُ)، لقبض أرواحهم، (أَوْ يَأْتِيَ أَمْر ربِّكَ)، العذاب والهلاك أو القيامة يعني ما لهم إما أن يموتوا حتف أنفهم أو يقتلوا فكأنهم لا ينتظرون إلا فردًا من هذين لكن المؤمنون ينتظرون أنواع رحمة الله تعالى بعد الموت، (كَذَلِكَ) أي: مثل فعلهم من التكذيب، (فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ) بتعذيبهم، (وَلَكِن كَانوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُون) فاستحقوا به عذاب الله تعالى