الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا كقولك: أعلمت ماذا جنيت؟ وجواب الشرط محذوف يدل عليه أعلمتم أي شيء يستعجلون، وعدل عن الخطاب في يستعجلون إلى ذكر فاعله لإفادة أن تعلق الحكم باعتبار وصف الإجرام أو ماذا يستعجل جواب كقولك: إن لقيت أسدًا ماذا تصنع؟ ومجموع الشرط والجزاء متعلق بـ أرأيتم أو الاستفهام ليس للتعجب فحاصله أن العذاب كله مكروه فأي شيء يستعجلون منه وليس شيء منه يوجب الاستعجال، (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) الهمزة للتوبيخ والتقريع يعني إذا نزل العذاب آمنتم به، (آلْآنَ) بتقدير القول أي: قيل لهم بعدما نزل العذاب وآمنوا الآن آمنتم فهو استئناف أو بدل من آمنتم أو من إذا ما وقع إلى آخره، (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثمَّ قِيلَ)، عطف على قيل المقدر، (لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)، في الدنيا فلا ظلم، (وَيَسْتَنْبِئونَكَ)، يستخبرونك، (أَحَقٌّ هُوَ)، ما تقول من البعث والقيامة أو العذاب وفي إعرابه وجهان كـ أقائم زيد قيل الهمزة للإنكار والسخرية، (قُلْ إِي)، بمعنى نعم ويلزمها القسم، (وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ)، كائن ثابت، (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)، أي: ليس صيرورتكم ترابًا بمعجز الله تعالى عن إعادتكم أو بفائتين العذاب.
* * *
(وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
(54)
أَلَا إِنَّ لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)
* * *
(وَلَوْ أَنَّ)، تحقق وثبت، (لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ)، بالشرك، (مَا فِي الأَرْضِ)، من الخزائن، (لافْتَدَتْ بِهِ)، لجعلته فدية لها من العذاب، (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ)، أي: أظهروا الندامة أو أخفى روساؤهم الندامة من سفلتهم حذرًا من تعييرهم أو أخفوا لأنَّهُم لم يقدروا أن ينطقوا لشدة الأمر، (وَقُضِيَ بَيْنَهُم) بين المؤمنين والكافرين، أو بين الكفار أو بين الرؤساء والأتباع، (بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) أَلَا إِنَّ لله مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). فيقدر على العقاب والإثابة، (أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) لا خلاف فيه، (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) لغفلتهم وقصور عقلهم، (هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ) في الدنيا، (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالنشور، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) زجر عن الفواحش، (وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) من سوء الاعتقاد والشكوك، (وَهُدًى) إلى الحق، (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) فيه حصل لهم النجاة من الظلمات إلى النور، (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) أصل الكلام بفضل الله وبرحمته فليفرحوا فبذلك فليفرحوا فحذف أحد الفعلين لدلالة الباقي
عليه والفاء لمعنى الشرط كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليخصوا الفضل والرحمة بالفرح فإنه لا مفروحاً به أحق منهما، أو تقديره قد جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبمجيئها فليفرحوا، أو الفضل الإيمان أو القرآن أو الإسلام ورحمته القرآن أو أنه صيرنا من أهل القرآن أو السنن أو الجنة، (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، من حطام الدنيا، (قُلْ أَرَأَيتم مَّا أَنزَلَ اللهُ)، ما مفعول أرأيتم، أي: أخبرونيه، (لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ)، الرزق مقدر من السماء محصل بأسباب منها، (فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا)، المراد ما حرم المشركون من البحائر والسوائب [والوصائل](1)، وأحلوا من الميتة وغيرها، (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ)، بالتحليل والتحريم، (أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)، في نسبة ذلك إليه
(1) في الأصل [والوسائل] والصواب ما أثبتناه لقوله تعالى (مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103).
وهذا موضع غفل عنه المحقق أيضًا. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).