الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذت منهم العهد (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) كيهود بني قريظة، نقضوا عهدهم وأعانوا المشركين بالسلاح، وقالوا: نسينا وأخطأنا، فعاهدهم الثانية فنقضوا يوم الخندق (وَهُمْ لا يَتَّقُونَ): عاقبة الغدر (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ): تظفرن بهم وتأسرهم (فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ) أي: بسبب قتلهم (مَنْ خَلْفَهُمْ) أي: فافعل بهم عقوبة، يفرق منك ويخافك من ورائهم من الكفرة ليعتبروا، فلا ينقضوا العهد بعد ذلك، يعني: غلظ عقوبتهم ليكون عبرة لغيرهم (لَعَلهُمْ) أي: من خلفهم (يَذكرُون): يتعظون، فيحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل صنيعهم (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ): معاهدين (خِيَانَةً): نقض عهد بإمارة تلوح لك (فَانبِذْ إِلَيْهِمْ): اطرح إليهم عهدهم (عَلَى سَوَاءٍ) أي: ثابتًا على طريق مستو متوسط، بأن تخبرهم أنك قطعت العهد الذي بينك وبينهم، فلا يكونون على توهم بقاء العهد فيكون ذلك خيانة منك، فالجار والمجرور حال (إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) تعليل لنبذ العهد وعدم مفاجأة القتال بلا إعلام.
* * *
(وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ
(59)
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ
أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)
* * *
(وَلا يَحْسَبَنَّ): يا محمد (الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا): فاتونا فلا نقدر عليهم، بل هم تحت قهر قدرتنا، ومن قرأ " لا يحسبن بالياء فالذين كفروا فاعله، بتقدير: أن سبقوا فحذفت أن، أو تقديره: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا، أو فاعله ضمير إلى " من خلفهم " أو إلى جيل المؤمنين، وفي الجميع تكلف (إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ): لا يجدون طالبهم عاجزًا عن إدراكهم، ومن قرأ بالفتح فتقديره: لأنَّهُم لا يعجزون، قال بعضهم: نزلت فيمن أفلت يوم بدر من المشركين.
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ): للكفار (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ): من كل ما يتقوى به في الحرب، وفي الحديث الصحيح:" ألا إن القوة الرمي " قالها ثلاثًا (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) الرباط: اسم للخيل التي تربط في سبيل الله (تُرْهِبُونَ): تخوفون (به): بما استطعتم (عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ): كفار مكة (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) أي: من دون كفار مكة (لَا تَعْلَمُونَهُمُ): لا تعرفونهم (اللهُ يَعْلمُهُمْ): يعرفهم، هم المنافقون أو
اليهود أو أهل فارس (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ): قليل أو كثير (فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) أجره وجزاؤه (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُون) بتضييع العمل.
(وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ): مالوا للصلح (فَاجْنَحْ لَهَا): مل إليها، قال بعضهم: الآية منسوخة بقوله: " قاتلوا الذين لا يؤمنون "، وفيه شيء لأن المهادنة لكثرة الأعداء ولغيرها جائزة إذا رأى الإمام، وقال بعضهم: الآية مخصوصة بأهل الكتاب (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) في الصلح، ولا تخف خداعهم (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ): لأقوالهم (الْعَلِيمُ) بنياتهم (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ): يريدون بالصلح خديعة (فَإِنَّ حَسْبَكَ): محسبك وكافيك (اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) مع ما فيهم من الضغينة في أدنى شيء (لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) لتناهي عداوتهم وجهالتهم، فإن بين الأوس والخزرج من العداوة والحروب ما لا يمكن الإصلاح، فالله بمحض قدرته ألف بينهم فاجتمعوا وأنفقوا، وأنساهم الله تلك الشحناء فصاروا أنصارًا (وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) فإنه مقلب القلوب (إِنَّهُ عَزِيزٌ): غالب لا يغالب أبدًا (حَكِيمٌ) يضع كل شيء في موضعه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ): كافيك (وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)