المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وخافوا من بني كنانة فلهذا أجارهم (فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ): التقى - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: وخافوا من بني كنانة فلهذا أجارهم (فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ): التقى

وخافوا من بني كنانة فلهذا أجارهم (فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ): التقى الجمعان (نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ): رجع القهقري وكانت يده في يد أحد من المشركين فقال له: أفرارًا من غير قتال؟! فضرب في صدر صاحبه المشرك فانطلق (وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ) من جنود الله: ملائكته (إِنِّي أَخَافُ اللهَ) وهذا كذب منه، ما به مخافة الله تعالى لكن علم أنه لا قوة له ولا منعة، أو أخاف الله أن يهلكني فيمن أهلك، أو خاف أن يصله مكروه من الملائكة، وهذا عادته الشؤمة كما حكاه تعالى " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر " الآية [الحشر: 16] (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) من تتمة كلام الشيطان، أو ابتداء كلام الله تعالى.

* * *

(إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ‌

(49)

وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57)

ص: 30

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58)

* * *

(إِذْ يَقُولُ) مقدر باذكر (الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ): شرك، أو قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا وخرجوا مع الكفار يوم بدر، ولما رأو المسلمين قليلاً ارتابوا وارتدوا، وقالوا:(غرَّ هَؤلاءِ) أي: المؤمنين (دِينُهُمْ) حتى تعرضوا مع قلتهم كثرتنا، فقتلوا جميعًا، فقال تعالى مجيبًا لهم:(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ): لا غالب لأمره، ولا يضام من التجأ إليه (حَكِيمٌ): في أفعاله لا يضعها إلا في موضعها (وَلَوْ تَرَى) يا محمد (إِذْ يَتَوَفَّى الذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ) أي: لو رأيت حالهم حين قتلَهم الملائكةُ يوم بدر، وقال بعضهم: هذا عند الموت لا يخص بيوم بدر (يَضْرِبون وجُوهَهمْ): إذا أقبلوا (وَأَدْبَارَهمْ): إذا أدبروا، والجملة حال (وَذوقوا) أي: ويقولون:

ذوقوا، عطف على يضربون (عَذابَ الْحَرِيقِ): بشارة لهم بجهنم، قال بعضهم: مع الملائكة مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها، وجواب " لو " مقدر أي: لو ترى لرأيت أمرًا فظيعًا هائلاً (ذلِكَ) الضرب (بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) أي؛ بشؤم ذنوبكم (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) عطف على ما قدمت، قيل: للدلالة على

ص: 31

أن سببية مقيدة بانضمامه إليه، إذ لولاه لأمكن أن يعذبهم بغير ذنب، وظلام للتكثير لكثرة العبيد فالظالم لهم كثير الظلم.

(كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ) أي: دأبهم وطريقتهم كدأبهم (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ): من قبل آل فرعون (كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ) تفسير الدأب (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنوبِهِمْ) كما أخذ هؤلاء (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ) لا يغلبه شيء (شَديدُ الْعِقَابِ): للكافرين (ذَلِكَ) أي: الأخذ بالذنوب، لا التعذيب بغير ذنب (بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) أي: بسبب أن عادة الله جارية، بأن لا يبدل نعمة على قوم [بنقمة](1)، حتى غيروا حالهم إلى أسوءها كقريش، كذبوا بآيات الله واستهزؤا بما، وصدوا عن سبيل الله وغيرها من القبائح (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ): لما يقولون (عَلِيمٌ) بما يضمرون، ولولا إحاطة علمه كيف يأخذهم بأعمالهم؟! (كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي: عادتهم كعادتهم (كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ) تكرير للتأكيد (وَكُلٌّ): من الأولين والآخرينَ (كَانُوا ظَالِمِينَ (54) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا): رسخوا في الكفر (فَهمْ لا يُؤْمِنونَ): لرسوخهم فيه (الَّذِينَ) بدل من الذين كفروا (عَاهَدْتَ مِنْهمْ) أي:

(1) في الأصل " بنعمة " والتصويب من تفسير البيضاوي.

ص: 32