المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لفرط توافقهم في العداوة كما يقال هم يد على من - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: لفرط توافقهم في العداوة كما يقال هم يد على من

لفرط توافقهم في العداوة كما يقال هم يد على من سواهم، أو ضمير يكونون للكفرة وضمير عليهم للآلهة.

* * *

(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ‌

(83)

فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98)

* * *

(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ): سلطناهم عليهم (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) الأز، والهز التحريك أي: تحركهم وتحثهم على المعاصي (فَلا تَعجلْ عَلَيْهِمْ): بطلب عقوبتهم حتى تطهر الأرض من دنسهم (إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ): أيام آجالهم وأنفاسهم (عَدًّا) أي: لم يبق إلا أيام محصورة معدودة (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ)

ص: 495

منصوب بمقدر وهو اذكر أو تقديره يوم نحشر ونسوق نفعل بهم ما لا يحيط به الوصف، أو بلا يملكون (وَفْدًا): وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك منتظرين لكرامتهم (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ): كما يساق البهائم (إِلَى جَهًّمَ وِرْدًا): عطاشا؛ لأن من يرد الماء لا يرده إلا لعطش (لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ): كما يشفع المؤمنون بعضهم لبعض (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدً) استثناء منقطع أي: لكن من اتخذ عهدًا هو شهادة أن لا إله إلا الله والقيام بحقها له الشفاعة، أو ضمير لا يملكون للفريقين والاستثناء المتصل بدل من الضمير (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا): عجيبًا أو عظيمًا منكرًا أو الالتفات من الغيبة إلى الخطاب لزيادة [التسجيل] عليهم بالجرأة على الله تعالى [وللتنبيه] على عظيم قولهم (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطرْنَ): يشققن (مِنْهُ) من ذلك القول (وَتَنْشَقُّ الأرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا) أي: تهدُّ هَدًّا أي: تنكسر وتسقط (أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) أي: لأن أو بدل من ضمير منه والدعاء بمعنى التسمية وترك مفعوله الأول للعموم والإحاطة بكل ما دعى له ولدًا أو بمعنى النسبة وفي اختصاص الرحمن أن أصول النعم وفروعها منه خلق العالمين وجميع ما معهم فمن أضاف إليه ولدا من نعمه فقد جعله كبعض خلقه ونعمه فحينئذ لا يستحق اسم

ص: 496

الرحمن (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) أي: ما يتأتى له اتخاذه لأن الولادة لا مقال في [استحالتها](1) وأما التبني فلا يكون إلا في مجانس وأين للقديم الرحمن مجانس؟! (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) أي: ما منهم إلا وهو مملوك له يأوى إليه بالعبودية (لَقَدْ أَحْصَاهمْ): حصرهم بعلمه وأحاط بهم (وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا): منفردًا عن الأتباع والأنصار كعبد ذليل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا): سيحدث لهم في القلوب مودة من غير تعرض للأسباب التي يكتسب بها الناس موادات القلوب وقد صح " إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل إني قد أحببت فلانًا فأحبه فينادى في السماء ثم ينزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قوله تعالى. (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ) أي يسرنا القرآن عليك حال كونه منزلاً

(1) في الأصل هكذا [أنه مح] والتصويب من الكشاف. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).

ص: 497

بلغتك (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا) أشداء الخصومة بالباطل (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) تخويف لهم، (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ): هل تشعر بأحد منهم وتراه (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا): صوتًا خفيَّا. اللهم اجعلنا من الوافدين إلى الرحمن لا من الواردين إلى النيران.

* * *

ص: 498