المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

والآخرة، (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا) لهم متاع قليل في الدنيا أو - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: والآخرة، (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا) لهم متاع قليل في الدنيا أو

والآخرة، (مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا) لهم متاع قليل في الدنيا أو الافتراء متاع في الدنيا يقيمون به رياستهم، (ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ) بالموت، (ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ) بسبب كفرهم.

* * *

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ‌

(71)

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ

ص: 146

بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82)

* * *

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ)، حاله مع قومه، (إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم) عظم وشق عليكم، (مَقَامِي) بين أظهركم، (وَتَذْكِيرِي) إياكم، (بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ) قال بعضهم: جواب الشرط هو قوله فَأَجْمِعُوا إلخ، وقوله (فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ) معترضة بين الشرط والجزاء، (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) من أجمع الأمر إذا قصده وعزم عليه، (وَشُرَكَاءَكُمْ) الواو بمعنى مع أي: اعزموا أنتم وشركاءكم الذين تزعمون أن لهم اختيارًا وأثبتُّم الربوبية لهم على كيدي وإهلَاكي فإني متوكل لا أبالي ولا أخاف، (ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) مبهمًا مستورًا ليكن مكشوفًا تجاهرونني به وحاصله لتجاهدوا في كيدي وإهلاكي كل غاية في المكاشفة والمجاهرة، (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ) أدوا إلي ذلك الأمر الذي تريدون بي ووجهوا كل الشرور إليَّ، (وَلَا تُنْظِرُونِ) ولا تمهلوني، (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أعرضتم عن تذكيرى، (فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) حتى يكون إعراضكم ضرًّا

ص: 147

ونقصًا عليَّ، (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) فليس إعراضكم إلا نقصًا وضرًّا عليكم، أو معناه إن أعرضتم فما هو إلا لتمردكم وعنادكم لا لتقصير وتفريط مني، فإني ما سألت منكم أجرًا ينفركم عني وتتهموني لأجله، (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) المستسلمين لأمر الله، (فَكَذبُوهُ) أصروا على تكذيبه، (فَنَجَّيْنَاهُ) من الغرق، (وَمَن مَّعَهُ فِي الفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاِئفَ) من الهالكين وأعطيناهم ملكهم، (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذبُوا بِآيَاتِنَا) بالطوفان، (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الُمنذَرِينَ) المكذبين فهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحذير لمن كذبه، (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ) من بعد نوح، (رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) المعجزات الظاهرات، (فَمَا كَانُوا) ما استقام لهم، (لِيُؤْمِنُوا) لشدة عنادهم وكفرهم، (بِمَا كَذبُوا بِه مِن قَبْلُ) أي: بما كذب به قوم نوح وقد علموا حالهم فهم وآباؤهم على منهاج واحد والباء للسببية، أي: لم يؤمنوا بسبب تعودهم تكذيب الحق قبل بعثة الرسل، (كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِي) نختم عليها فلا يدخلها رشاد ولا سداد، (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِم) بعد هؤلاء الرسل، (مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَإِهِ) أشراف قومه، (بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) معتادين الإجرام، (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الحَقُّ) المعجزات المزيحة للشك، (مِنْ عِندِنَا قَالُوا) من فرط التمرد:(إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ) واضح ظاهر، (قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ) إنه سحر فحذف محكي القول لدلالة الكلام عليه قيل: فمعناه أتعيبونه وعلى هذا لا يستدعي مقولاً ثم

ص: 148

قال: (أَسِحْرٌ هَذَا) استفهام إنكار، (وَلَا يفْلِحُ السَّاحِرُونَ) من تمام كلام موسى، أي: لو كان سحرًا لاضمحل وذل وغلب فاعله، فكيف أرتكبه وأنا أعلم أنَّهم لا يفلحون؟! (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا): لتصرفنا، (عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ) لكما العزة والملك يعني لستما بمخلصين؛ بل هذا غرضكما، (وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ) مصدقين، (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ) حاذق فيه، (فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ) أي: الذي جئتم به هو، (السَّحْر) لا ما جئت به ومن قرأ آلسحر بالاستفهام فما استفهامية، أي: أي شيء جئتم به أهو السحر؟ أو السحر بدل من المبتدأ الذي هو ما، (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) سيمحقه، (إِنَّ اللهَ لَا يُصلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) لا يقويه ولا يثبته، (وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ) يثبته، (بِكَلِمَاتِهِ) بوعده أو بقضائه السابق، (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) ذلك.

* * *

ص: 149