المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بعد إن لا يعمل فيما قبله، (خَلْقًا جَدِيدًا): مصدر أو - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: بعد إن لا يعمل فيما قبله، (خَلْقًا جَدِيدًا): مصدر أو

بعد إن لا يعمل فيما قبله، (خَلْقًا جَدِيدًا): مصدر أو حال، (أَوَلَمْ يَرَوْا): ألم يعلموا، (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) فإن خلقهم ليس بأشد من خلق السماوات والأرض، (وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً)، أي: القيامة عطف على أولم يروا، (لَا رَيْبَ فِيهِ) أو معناه أولم يعلموا أن من قدر على خلق هذه الأجسام قادر على أن يخلقهم مثل ما كانوا أي: يعيدهم ويجعل لإعادتهم أجلاً [مضروبًا] ومدةً مقدرةً لابد من انقضائها، (فَأَبَى الظَّالِمُونَ): بعد قيام الحجة، (إِلَّا كُفُورًا) جحودًا بذلك الأجل أو بذلك الخلق، (قُل لوْ أَنتُم تَمْلِكُون)، أنتم مرفوع بفعل يفسره ما بعده، (خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي) خزائن رزقه ونعمه، (إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ) لبخلتم، (خَشْيَةَ الإِنفَاقِ) أي: مخافة النفاد يقال: أنفق التاجرُ ذهبَ مالهُ، (وَكَانَ الإِنسَانُ قَتورًا): بخيلاً.

* * *

(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ‌

(101)

قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)

ص: 417

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)

* * *

(وَلَقَدْ آتيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) اليد والعصا والسنين ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، وعن بعضهم بدل السنين ونقص الثمرات فلق البحر وحل العقدة التي بلسانه، وأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وقال " صحيح حسن " والنسائى وابن ماجه وابن جرير في تفسيره أن يهوديَّيْنِ سألا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية " ولقد آتينا موسى تسع آيات " فقال لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف وعليكم خاصة اليهود أن لا تعتدوا في السبت فقبَّلا يدَيه ورجلَيه "

ص: 418

فقال بعض المحدثين: لعل ذينك اليهوديين إنما سألا عن العشر الكلمات فاشتبه على الراوي بالتسع الآيات، فإن هذه الوصايا ليس فيها حجج على فرعون وأي مناسبة بين هذا وبين إقامة البراهين عليه ويدل عليه الآية التي بعده (مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) الآية، (فَاسْأَلْ): يا محمد، (بَنِي إِسرائِيلَ) عن الآيات ليطمئن قلبك ويظهر للمشركين صدقك، (إِذ جَاءَهُمْ) ظرف لـ آتينا أو تقديره سل عن بني إسرائيل زمان ما جاءهم موسى حتى يخبروك عما وقع فيه، (فقَالَ) فرْعَوْن (إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا)[فسحرت فتخبط عقلك](1)، (قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاءِ): الآيات، (إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ): بينات تبصرك صدقي وهو حال، (وَإِنِّي لأَظُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا): هالكًا ملعونًا أو مصروفًا عن الخير مطبوعًا على الشر، (فَأَرَادَ): فرعون، (أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ): يخرج موسى

(1) في الأصل هكذا [فتتخبط عقلك] والتصويب من البيضاوي. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).

ص: 419

وقومه من أرض مصر، (فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ اسْكُنوا الْأَرْضِ): التي أراد أن يخرجكم منها، وهذا بشارة للمؤمنين بفتح مكة فإن هذه السورة نزلت قبل الهجرة، (فإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي: الدار الآخرة يعني القيامة، (جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا): جميعًا إلى الموقف ونحكم بينكم واللفيف الجماعات من قبائل شتى، (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ) أي: ما أنزلنا القرآن إلا متلبسًا بالحق المقتضي لإنزاله فيه أحكام الله وأوامره ونواهيه، (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) وما نزل إلا بالحق الذي اشتمل عليه أو ما وصل إليك يا محمد إلا محروسًا محفوظًا من تخليط وتبديل، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا): لمن أطاعك، (وَنَذِيرًا): لمن عصاك، (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ): نزلناه مفرقًا منجمًا على الوقائع في ثلاث وعشرين سنة، (لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ): مَهلٍ وتؤدةٍ، (وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا): نجومًا بعد نجوم، (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا) أي: سواء آمنتم به أم لا هو حق لا يزيد ولا ينقص منه شيء، (إِن الذِينَ أُوتُوا العِلمَ مِن قَبْلِهِ)، من قبل القران، أي عالمي أهل الكتاب، (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ): القرآن، (لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا): يسقطون على وجوههم وذكر الذقن للمبالغة في الخشوع وهو تعفير اللحى على التراب أو أنه ربما خر على الذقن كالمغشي عليه لخشية الله واللام لاختصاص الخرور بالذقن، (سُجَّدًا): شكرًا لإنجاز وعده ولأن جعلهم ممن أدركوا هذا الرسول المنزل عليه هذا الكتاب، (وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ ربِّنَا): عن خلف الوعد، (إِن كَانَ): إنه كان، (وَعْدُ ربِّنَا) في الكتب السالفة بإرسال رسول خاتم الرسل،

ص: 420

(لَمَفْعُولًا)، واقعًا كائنًا، (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ) حال كونهم باكين لما أثر فيهم مواعظه كرره لتكرار الفعل منهم، (وَيَزِيدُهُمْ) سماع القرآن، (خُشُوعًا): خضوعًا لربِّهم، (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ) نزلت حين يقول عليه السلام في سجوده يا رحمن يا رحيم فسمع رجل من المشركين وقال: إنه يزعم أنه يدعو واحدًا وهو يدعو اثنين والدعاء بمعني التسمية وهو متعد إلى مفعولين كدعوته زيدًا ثم يترك أحدهما فيقال دعوت زيدًا والمراد من الله والرحمن الاسم لا المسمى وأو للتخيير أي: سموا بهذا الاسم أو بهذا، (أَيا مَّا تَدْعُوا) التنوين عوض عن المضاف إليه وما مزيدة للإبهام الذي في أي، (فَلَهُ) الضمير لمسمي الاسمين فإن التسمية للذات لا للاسم، (الأَسْمَاءُ الحُسْنَى) أي: أي هذين الاسمين سميتم فهو حسن؛ لأن له الأسماء الحسني وهذان الاسمان منها، (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلاِتِكَ) أي: بقراءة صلاتك

ص: 421

فيسمعها المشركون فيسبون القرآن، (وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) ولا تخفها عمن خلفك من أصحابك، (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ): بين الجهر والمخافتة، (سَبِيلاً) وسطًا وكان ذلك قبل الهجرة والمراد من الصلاة الدعاء، (وَقُلِ الحَمْدُ لله الذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) كما قالت اليهود عزير ابن الله عليهم لعائن الله، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) كما أثبته النصارى والمشركون فإنهم أثبتوا الربوبية للمسيح والأصنام، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ) ناصر من الذل لا يحوم الدخور جنابه ليحتاج إلى ولي يتعزز به، وعن القرطبي أن الصابئين والمجوس يقولون: لولا أولياء الله لذل. أثبت لنفسه الأقدس الأسماء الحسنى ونزه نفسه عن النقائص كمضمون " قل هو الله أحد "[الإخلاص: 1]، (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا): عظمه عن الولد والشريك والولي عظمة تامًة قد جاء في حديث أنه عليه السلام سماها آية العز وفي بعض الآثار ما قرئ في ليلة في بيت فيصيبه سرقة أو آفة.

ص: 422