الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسكنوا فيه هم من أهل الروم، قصد دقيانوس تعذبيهم ليرجعوا إلى الشرك فهربوا بدينهم إلى الكهف (فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) ترحمنا بها وتسترنا من أعين قومنا (وَهَيِّئْ لَنَا): يسر لنا (مِنْ أَمْرِنَا): الذي نحن فيه من الفرار عن الكفار (رَشَدًا): نصير بسببه راشدين مهديين (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ) أي: ضربنا عليها حجابًا من أن تسمع يعني أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات، فحذف المفعول كما يقال: بنى على امرأته أي: القبة (فِي الْكَهْفِ سنينَ) ظرفان لـ ضربنا (عَدَدًا) أي: ذوات عدد (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ): أيقظناهم (لِنَعْلَمَ) ليتعلق علمنا تعلقًا حاليًا، أو لنعلم علم المشاهدة (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) المختلفين منهم (أَحْصَى) أضبط (لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا) أي: أضبط أمدًا لزمان لبثهم فإنهم لما انتبهوا اختلفوا في ذلك كما قال تعالى: " قال قائل منهم كم لبثتم " الآية، أو المراد من الحزبين غيرهم، فقد ذكر أن أهل قريتهم تنازعوا في مدة لبثهم ولصدارة أي لما فيه من معنى الاستفهام علق لنعلم عنه فهو مبتدأ، وأحصى الذي هو فعل ماض خبره، وأمدًا مفعوله.
* * *
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
(13)
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (16)
وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17)
* * *
(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بالْحَقِّ): الصدق، (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ): شبان (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى): بالتثبت (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ): قويناهم بالصبر والثبات (إِذْ قَامُوا): بين يدي دقيانوس ملكهم حين دعاهم إلى الكفر، وأوعد بأنواع العذاب، ثم القتل إن خالفوا (فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا) فإنه يأمرهم بعبادة الأصنام (لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) أي: إن دعونا غير الله، والله لقد قلنا قولاً ذا بعد عن الحق (هَؤُلَاءِ) مبتدأ (قَوْمُنَا) عطف بيانه (اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا): هلَّا (يَأتونَ عَلَيْهِمْ) أي: على عبادتهم (بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ): بدليل واضح فإن دينًا لا دليل عليه فهو باطل (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا): فإنهم افتروا عليه أن له شركاء (وَإِذ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) خطاب بعضهم لبعضَ
والعامل فيه الجزاء (وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) عطف على مفعول اعتزل، وهم يعبدون الأصنام مع الله (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ): يبسط (لَكُمْ ربّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ): رحمة يستركم بها من قومكم (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ): الذي أنتم فيه (مِرْفَقًا): ما تنتفعون به (وتَرَى الشَّمْسَ): لو رأيتهم (إِذا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ): تميل، (عَنْ كَهْفِهِمْ) فلا يقع شعاعها عليهم لتحترق أبدانهم ولباسهم (ذاتَ الْيَمِينِ): جهته، (وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ): تقطعهم وتعدل عنهم، (ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فجْوَةٍ): متسع، (منهُ): من الكهف فلا يؤذيهم حر الشمس وينالهم روح الهواء وذلك إذا كان باب الكهف على بنات النعش فيقع الشعاع على جنبيه وهم في وسطه فيحلل عفونته ويعدل هواءه، وعند بعضهم أن الله صرف عنهم الشمس بقدرته وحال بينها وبينهم لا لأن باب الكهف على جانب لا تقع الشمس إلا على جنبيه (ذلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ) حيث أرشدهم إلى غار كذلك (مَنْ يَهْدِ اللهُ فهُوَ الْمُهْتدِ وَمَنْ يُضلِلْ): ولم يرشده (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا): من يلي أمرهم ويرشده.
* * *