المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عذابهم المؤبد، (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) من الآلهة وشفاعتها - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: عذابهم المؤبد، (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) من الآلهة وشفاعتها

عذابهم المؤبد، (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) من الآلهة وشفاعتها فضاع عنهم ما حصلوا في الدنيا فلم يبق لهم سوى الندامة، (لَا جَرَمَ) حقًا، (أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) لا أحد أكثر خسرانًا منهم، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا): اطمأنوا، (إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (23) مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ) الكافر والمؤمن، (كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ) هو مثل الكافر، (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) هو مثل المؤمن يميز بين الحق والباطل ويفرق بين البرهان والشبهة، (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا) أي: تمثيلاً، (أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) فتفرقوا بين هؤلاء وهؤلاء.

* * *

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ‌

(25)

أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ

ص: 170

أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33) وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35)

* * *

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي) أي بأني ومن قرأ بالكسر فعلى إرادة القول، (لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا) بدل من إني لكم على قراءة النصب، أو معناه نذير لأن لا تعبدوا، أو مفسرة متعلقة بأرسلنا، (إِلا الله إِني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ): مؤلم وصف اليوم بالأليم المبالغة وهو في الحقيقة صفة المعذب (فَقَالَ الْمَلَأُ): الأشراف، (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا) لا فضل لك علينا

ص: 171

نخصك بقبول كلامك، (وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا) سفلتنا لا يتبعك الأشراف، (بَادِيَ الرَّأيِ) أي: وقت حدوث أول أو ظاهر رأيهم بلا روية وفكر من بداء أو بدائ بالهمزة أو الياء فهو ظرف بحذف المضاف لـ اتبعك، قيل: معناه اتبعوك ظاهر الرأى وباطنهم على خلاف ذلك، (وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ) إياك في دعواك ومتبعيك في دعوى العلم بصحته، (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ) أخبروني، (إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ) حجة، (مِّن ربي) تدل على صدق دعواي، (وَآتانِي رَحْمَةً) نبوة ومعرفة، (مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ) خفيت والتبست، (عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا) نكرهكم على الاهتداء بها، (وَأَنتمْ لَهَا) للبينة، (كَارِهون) أو حاصله إن كنت على معرفة من الله تعالى ونبوة ومعجزة من عنده لكن صارت ملتبسة في عقولكم فهل أقدر على أن أجعلكم معترفين بها، أي: لا أقدر على ذلك لكن لو تركتم العناد وتأملتم فقد عرفتم، (وَيَا قَوْمٍ لَا أَسْألكُمْ عَلَيْهِ) على التبليغ، (مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ) لا عليكم، (وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا) كأنهم طلبوا منه طرد المؤمنين احتشامًا ونفاسة منهم أن يجلسوا معهم، (إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) يلاقون الله تعالى فيعاقب الله من طردهم أو يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من تمكن الإيمان وتزلزلة حيث تزعمون أن إيمانهم بادي الرأي، وأنا لا أعرف منهم إلا الإيمان فكيف أطردهم (وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُون) عواقب الأمور، (وَيَا قَوْمِ

ص: 172

مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللهِ) من يمنعني من عقابه، (إِن طَرَدتُّهُمْ) ظالمًا، (أَفَلَا تَذَكرونَ) لتعرفوا ما تقولون، (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ) جواب لقولهم " ما نرى لكم علينا من فضل "، (وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) حتى تسألوني عن وقت العذاب وغيره وتكذبوني، أو حتى أعلم أن هؤلاء اتبعوني من غير بصيرة وعقد قلب، (وَلَا أَقُولُ) لكم، (إِني مَلَكٌ) جواب لقولهم:" ما نراك إلا بشرًا مثلنا "، (وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي) تستصغر وتحقرهم، (أَعْيُنُكُمْ) لفقرهم والإسناد إلى الأعين لأنَّهُم استرذلوهم بما عاينوا من رثاثتهم لا لأن فيهم عيبًا معنويًا، (لَن يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا) أي: لا أحكم على المؤمنين أنه ليس لهم عند الله ثواب ونعمة، (اللهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ) فإن كان باطنهم موافقًا للظاهر فلهم الأجر، (إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ) إن طردتهم، أو قلت شيئًا من ذلك، (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا) فأطلت مخاصمتنا، (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا) من العذاب، (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللهُ إِن شَاءَ) فإن منزل العذاب هو الله تعالى، (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ) الله يدفع العذاب، (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) أي: إن أراد الله تعالى ضلالكم، فإن أردت نصحكم لا ينفعكم نصحي فقوله لا ينفعكم نصحي دال على جواب الشرط الأول والمجموع دال على جواب الشرط الثاني، (هُوَ رَبُّكُمْ) فله التصرف فيكم كيف يشاء، (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) فيجازيكم، (أَمْ يَقُولُونَ) منقطعة، (افْتَرَاهُ) أي: نوح وعن مقاتل أي: محمد فيكون

ص: 173